قضايا حساسة وموضوعات مهمة في منظور عصري الحرية الفكرية والدينية.. رؤية إسلامية جديدة يناقش كتاب (الحرية الفكرية والدينية.. رؤية إسلامية جديدة)، لمؤلفه الدكتور يحيى رضا جاد، مجموعة من القضايا الحساسة والجريئة بمنظور معاصر، ومنها: المُرتد عن الإسلام والحكم الشرعي. وفرّق المؤلف في هذا الجزء بين الإطار التاريخي القديم الذي عولجت من خلاله قضية المرتدين، والإطار الحالي، مؤكداً أن المرتد قديماً كان دوماً، مقترناً اقتراناً ميكانيكياً، بعداوته للإسلام ومحاربته له أيضاً. ويبحث جاد في دراسته فكرة المرتد المشكك في عقيدته، والذي لم يخل بنظام الجماعة أو يحارب الإسلام، في أي حال من الأحوال. وتمثل الدراسة في مجملها، حديثاً عن الحريات واحترام الآخر وأدب الحوار. ونتبين فيها، أن المؤلف التزم في عماد حديثه بالضوابط الشرعية التي أقرّها الإسلام، محاولاً وضع تفسيرات معاصرة لها. ومتعمداً في السياق ذاته، على مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة، وآيات القرآن الكريم، ومواقف من سيرة النبي (ص) العطرة، ومن ثم فالدراسة، رغم جرأة موضوعاتها وغوص كاتبها في شؤون ذات حساسية عالية جداً، حافظت على الإطار الإسلامي والمُحددات التي وضعها الإسلام، في محاولة للمقارنة بين تفسير قديم ومعاصر لتلك القضايا الجوهرية، التي تهم الشأن العام في مختلف الدول الإسلامية، كما ترد على آراء بعض المستشرقين بشأن زوايا بعينها، تتعلّق بصحيح الدين نفسه. ويدور الكتاب حول خمسة فصول، يناقش الأول منه، التصوّر الإسلامي للوجود، الذي عده الكاتب قائماً على حقيقتين أساسيتين: وحدانية الخالق وتعددية الخلق، ما بين تعددية في الأجناس والعناصر والأعراق والألسنة والدين والثقافة، فضلاً عن التعددية الفقهية. أما الثاني، فيتناول ضبط المصطلحات والمفاهيم والمضامين المتعلقة بالحرية الدينية، ويشدد فيه المؤلف على أن الحرية الدينية الكاملة، هي أن يكون الإنسان آمناً في إظهاره لمعتقده، وفي دفاعه عنه، وفي دعوته إليه، وفي حصوله على حقوقه، بالسوية مع غيره من أهل المعتقدات الذين يعيش معهم. ويستعرض الفصل الثالث من الكتاب، التصور والتأصيل الإسلامي لحرية الرأي والتعبير، والمقارنة بين رقابة السلطة ورقابة المجتمع.. إذ يعتقد الكاتب أن الحرية هي المكنة العامة التي قررها الشرع للأفراد على السواء، أو تلك التي قررها الأفراد باختيارهم الالتزام بالشرع، تمكيناً لهم من التصرف على خيرة من أمرهم، من دون الإضرار بالنفس أو بالغير، فرداً كان أو مجتمعاً. ويتناول الفصل الرابع، ضبط المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بحرية التعبير وضوابطها الشرعية، التي تتضمن عدم الإساءة للغير وحفظ مصلحة المجتمع (أي أن الحريات تقف عند حدود الضوابط المجتمعية، بحيث لا يترتب عليها، إضرار عمدي بأحد أو إخلال عملي بنظام قائم بالفعل.. ويتناول الفصل ذاته جملة من الضوابط التي تحدد الحوار الاختلافي النقدي. وحدّد الكاتب فيها، الضوابط الصارفة لآفة العنف، وتلك الصارفة لآفة الخلاف، والضوابط الصارفة لآفة الفرقة. وفي الفصل الأخير، يرصد المؤلف إشكالية واعتراض شهير: (عقوبة المرتد). ويدرس ذلك من خلال (الردة المحضة)، أي تغيير الإنسان لعقيدته، وما بني عليها من فكر وتصور وسلوك ولم يقرن فعله هذا بالخروج عن الجماعة وسلوكياتها ونظمها، إنما كان فحسب، تغيير موقفه العقدي، ناتجاً في الأساس، عن عوامل شك في عقيدته. كما يتناول المؤلف قضية فكرة التعددية في الإسلام، على اعتبار كونها تعددية حكمها الشرعي، أنها من آيات الله. وعد الكاتب في دراسته فكرة الردة في الإسلام، على كونها في سياقها التاريخي، كانت مقترنة اقتراناً ميكانيكياً بعداوة الإسلام وحربه. فمن كان يؤمن بالإسلام آنذاك، كان يعمل لنصره. ومن كان يكفر به أو يرتد عنه، كان يعمل لوأده ومحاربته. ومن ثم فسّر الكاتب حد الردة، تفسيراً معاصراً في ظل اختلاف السياق التاريخي عن مفهوم الردة في عصر صدر الإسلام ومفهومها حالياً، وخاصة أن المرتد ما دام لم يحارب الإسلام، ولم يحاول وأده، فلا يطبق عليه الحد الذي طبق في السياق التاريخي القديم. وذيّل الكتاب دراسته بملحق حول تطبيق الشريعة بين آلية الضبط القانوني وآلية الضبط الاجتماعي، وبيّن دور السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الإطار، مستعرضاً أيضاً، دور الأمة والمجتمع والدعوة من خلال رؤية إسلامية جديدة قائمة على كون الأمة هي الأساس. المؤلف في سطور الدكتور يحيى رضا جاد، باحث وطبيب بشري مصري. من مواليد عام 1986. صدر له عدد من المؤلفات، منها: في فقه الاجتهاد والتجديد، من أسرار الحج. كما نشر عشرات المقالات والدراسات العلمية المحكمة.