مر العمل الخيري الفلسطيني منذ عام 2001 بمحطات صعبة أضرت بمصادر تمويله الخارجية، فقد أضرت الحملة الدولية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على ما يسمى الإرهاب، كثيرا بالجمعيات الخيرية ومصادر تمويلها والمستفيدين منها، ومن ثم كانت الاجتياحات الإسرائيلية للضفة عام 2002 ولاحقا الانقسام الفلسطيني عام 2007، حيث غيّرت السلطة الفلسطينية إدارات عدد كبير من الجمعيات. ونظرا للتراجع المستمر في الدعم الخارجي، شحذت الجمعيات الخيرية هممها هذا العام وقبيل حلول شهر رمضان المبارك نحو الداخل، وبدأت حملات لجمع التبرعات والمعونات لإتمام برامجها الإغاثية للأيتام والفقراء. ويؤكد رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية بمدينة الخليل القاضي حاتم البكري تراجع الدعم الخارجي بأكثر من 80% في السنوات الأخيرة، مبينا أنه تم تعزيز التوجه إلى المجتمع المحلي لتعويض النقص. وأضاف البكري أن العمل الخيري بفلسطين تضرر من الحملة الدولية على ما يسمى الإرهاب ومن حملات الاحتلال المتتالية، مضيفا أن جمعيته تقدم خدماتها المباشرة وغير المباشرة لأكثر من 3500 يتيم ويتيمة. ورغم عدم تأثّر كفالات الأيتام بالملاحقات التي تعرضت لها الجمعيات الخيرية، يؤكد البكري تراجع الدعم للمشاريع الأخرى مثل الطرود الغذائية والإفطارات الرمضانية والملابس ومساعدات المناطق المهمشة وهدايا العيد وغيرها بأكثر من 80%. ويقول إن الجمعية الخيرية بالخليل قدمت خلال رمضان عام 2008 طرودا غذائية لقرابة خمسة آلاف عائلة، أما اليوم فلا يمكنها تقديم أكثر من ألفي طرد للأسر المحتاجة، مناشدا الجمعيات العربية والإسلامية التدخل ومساعدتها للمضي في هذا المشروع خلال رمضان. ويضيف أن الجمعية تحولت منذ سنوات إلى الداخل لتغطية جزء كبير من نفقاتها واحتياجاتها من خلال عدة مصادر بينها عقاراتها الوقفية، والاستثمارية، والمجتمع المحلي، مبينا أن الأوضاع التي تعيشها الدول العربية أضرت بالجمعيات الخيرية الفلسطينية حيث انشغلت بالأزمة السورية الأكثر إلحاحا في هذه المرحلة. وأشار البكري إلى أن الجمعية أخذت تعزز علاقاتها مع المجتمع المحلي ومؤسساته، معربا عن أمله في مساهمة هذا المجتمع في تحمل جزء كبير من أعباء الجمعية خلال الشهر الفضيل بشكل أفضل من السنوات السابقة. وأوضح أن جمعيته التي تزيد مصاريفها الشهرية على 300 ألف دولار، تمكنت في شهر رمضان من العام الماضي من جمع قرابة نصف مليون دولار من التبرعات العينية والنقدية، وتأمل هذا العام أن تجمع تبرعات أكبر للتمكن من المضي في رسالتها. بدوره يقول مدير جمعية دورا الإسلامية هاشم الرجوب إن الدعم الخارجي لجمعيته تراجع بشكل كبير وإن الجمعية مدينة للموظفين برواتب سبعة شهور، موضحا أن جمعيته راسلت عشرات الجمعيات في الخارج دون جدوى. وأكد أن قسم العلاقات العامة بالجمعية نظم زيارة للمؤسسات المحلية ورجال الأعمال طلبا للمساعدة كي تستمر الجمعية في رسالتها، وتأمل وقوف الجمعيات العربية والإسلامية إلى جانبها لتتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها. من جهته يؤكد رئيس جمعية التضامن الخيرية بنابلس علاء مقبول أن وجود الاحتلال يؤثر بشكل مباشر على مجمل العمل الخيري في فلسطين، مضيفا أنه رغم تراجع الدعم الخارجي لكثير من الجمعيات الفلسطينية فإن الوضع بالنسبة لجمعيته جيد، وإن مشاريع بملايين الدولارات يتم تنفيذها حاليا. وقال مقبول إن الجهد يتواصل منذ سنوات مع المجتمع المحلي للمضي في كثير من المشاريع وخاصة خلال شهر رمضان، حيث أبدت عدة جهات تجاوبا ملحوظا مع القائمين على الجمعية. وأضاف أن الجمعية التي يرأسها تقدم خدماتها لقرابة 3900 يتيم ويتيمة بتكلفة شهرية تقدر بنحو 100 ألف دولار، إضافة إلى نشاطات أخرى تتعلق بإعادة تأهيل وترميم البيوت والمساكن.