لأن فعل الخير حب وليس واجبا ، يجب تحرير قفة رمضان من سلطة البلدية، على المجتمع أنم يتحمل مسؤوليته. قبل أسبوع من رمضان الكريم، بدأت الصحف الوطنية تتحدث عن »قفة رمضان«، عن تكلفتها وعددها ويقارنون بينها وبين القفة العام الماضي ويدلون بتوقعات حول مستقبلها، لقد تحولت إلى »قضية وطنية«. وسنويا تخصص الحكومة مبالغ مالية هامة لمساعدة الفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان الكريم، وفي كل يوم من أيام رمضان يتجمع المحتاجون والمشتبه في احتياجهم أمام البلديات للحصول على هذه القفة، وبعضهم يعبر عن فرحته وبعضهم يندد بتعسفات المشرفين عليها. ومؤخرا نشرت بعض الصحف تقارير تشير إلى وجود قفة رمضان من خمسة نجوم وقفة أخرى »غير مصنفة«، والغريب أن قفة رمضان ذات النجوم الخمس تمنح للمعارف والمسؤولين .. والحقيقة أن هناك كثيرا ما يقال بخصوص قفة رمضان، أولا هي عمل خيري موجه للفقراء والمساكين وكل الأصناف البشرية التي حثنا الله بالإحسان إليها وبالتصدق عليها، والعمل الخيري من المفترض أن تقوم به الجمعيات الخيرية سواء أكانت حكومية مثل الهلال الأحمر أو جمعيات المجتمع المدني. وفي عدة بلدان عربية وإسلامية منظمات ومؤسسات خيرية تقوم باستقبال تبرعات المحسنين وإنفاقها على المحتاجين في مختلف بلدان العالم، وأحيانا توجه كمساعدات غذائية (كحالات الإغاثة في الزلازل وحالات المجاعة ومشاريع إفطار الصائم) وأحيانا تقدم نقدا كمشاريع »زكاة الفطر« و »كسوة العيد« للأيتام والمحرومين، أو مشاريع »كبش العيد« في عيد الأضحى، وأحيانا تقدم كوسائل لمواجهة الحياة مثل حافلات النقل المدرس أو »علب أدوية جاهزة لإجراء عمليات جراحية« ميدانيا، وأحيانا كمشاريع مثل حفر الآبار وبناء المدارس وبناء المستشفيات والمساجد وغيرها. حتى الحكومات عندما ترغب في مساعدة حكومة أخرى في حالات محددة كالكوارث الطبيعية، فإنها تساعدها عن طريق هذه المؤسسات الخيرية. هذه المؤسسات الخيرية، معترف بها من قبل الحكومة ومراقبة من قبل الحكومة أيضا، ولها حسابات بنكية معروفة ومراقبة، ولديها مدراء يسيرونها. ونادرا ما تقوم الحكومات في العصر الحديث بالأعمال الخيرية. لذلك كلما تم تحرير العمل الخيري مع مراقبته تخوفا من احتمالات غير متوقعة، كلما عمت الفائدة وكان أكثر فعالية، وكلما تم احتكاره من قبل الحكومة أي عن طريق البلديات مثلا كلما تم تسييره بطرق بيروقراطية وأصبح غير متحكما فيه وقد يوجه لغير أهله. وهكذا يمكن القول أن قفة رمضان يجب أن تتحرر من سلطة الإدارة وسلطة البلدية تحديدا وتمكين المجتمع من إنشاء مؤسسات وجمعيات خيرية، على المجتمع أن يتحمل مسؤوليته، والحكومة لا يجب أن تتكفل بكل شيء حتى بقفة قيمتها 3 ألاف دينار وربما لا تصل إلى أهلها وقد تصل إليهم بطرق غير لائقة ومهينة ومذلة. فالعمل الخيري حب وليس واجب. لذلك علينا أن نترك من يحبون فعل الخير أن يفعلون بدل أن يصبح واجبا إداريا يقوم به الموظفون على مضض.