في محاكمة مزدوجة لسجّان بُرّئ وضحّية مدان قادة الإخوان ومبارك في يوم واحد أمام القضاء تحبس مصر أنفاسها بانتظار بدء محاكمة قادة جماعة الإخوان المسلمين اليوم الأحد بتهم التحريض على قتل متظاهرين، في يوم قضائي بامتياز يشهد استكمال محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك بتهمة التواطؤ في قتل متظاهرين أيضا. منذ فض الاعتصامين المناهضين للرئيس المعزول محمد في عملية قتل وجرح فيها الآلاف تكثّفت الملاحقة الأمنية لقيادات الإخوان من الصفين الأوّل والثاني خصوصا، والتي أفضت إلى اعتقال ابرز قادة الجماعة. وعلى رأس هؤلاء المرشد العام محمد بديع الذي ألقي القبض عليه فجر الثلاثاء الماضي في شقّة في (رابعة العدوية) في القاهرة، حيث اعتصم مؤيّدو مرسي لأسابيع، قبل أن تأمر النيابة العامّة بحبسه 15 يوما بتهمة التحريض على العنف وقتل المتظاهرين. وقد أحيل بديع (70 عاما) ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي على محكمة الجنايات بتهمة التحريض على قتل ثمانية متظاهرين سلميين أمام مقر مكتب إرشاد الجماعة في نهاية جوان الماضي. وأصدر القضاء المصري في جويلية عقب عزل الجيش لمرسي، نحو 300 مذكرة اعتقال ومنع من السفر شملت قيادات وأعضاء في جماعة الإخوان، بينما أكدت مصادر أمنية أن (عدد المقبوض عليهم من جماعة الإخوان يتجاوز الألفي معتقل). وقبيل القبض على بديع الذي أنكر التهم الموجهة إليه، وجهت النيابة العامة اتهامات إلى محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في البلاد والذي تسلم الحكم عقب الإطاحة بمبارك، بالاشتراك أيضا في (قتل والشروع في قتل) متظاهرين أمام القصر الرئاسي نهاية العام الماضي. ووجهت هذه التوقيفات ضربة قوية إلى جماعة الإخوان التي باتت تواجه مشاكل تنظيمية تضعف قدرتها على حشد المتظاهرين في الشوارع، في مقابل أعداد أكبر بكثير من المتظاهرين كانت الجماعة قادرة على تحريكها بشكل شبه يومي قبل فض الاعتصامين. وفي موازاة بدء محاكمة قادة جماعة الإخوان، تشهد أكاديمية الشرطة في القاهرة أيضا استكمال محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية التواطؤ في قتل متظاهرين قبل أن تطيح به ثورة شعبية في فيفري العام 2011. ويحاكم مبارك هذه المرة وهو خارج السجن بعدما غادره الخميس على متن مروحية أقلته إلى مستشفى عسكري في المعادي في القاهرة، حيث يخضع للإقامة الجبرية، إثر قرار إخلاء سبيله في آخر قضية كان موقوفا على ذمتها، والتي تعرف بقضية (هدايا الأهرام). وأكد رئيس حكومة السلطة المؤقتة حازم الببلاوي في تصريحات للصحافيين أمس أن قرار إطلاق سراح مبارك (85 عاما) (لا علاقة له بالمسار الديمقراطي الذي أعلنت عنه الحكومة ولا يعني أن الحكومة تعيد إنتاج نظام ما قبل ثورة 25 جانفي)، وأضاف أن (معظم الناس فوجئوا بقرار المحكمة، وكان على الحكومة تنفيذه لاحترامها لسلطة القضاء)، مشيرا إلى أن قرار وضع مبارك قيد الإقامة الجبرية (ليس حكما بالحبس أو الاعتقال والهدف منه منع أي اعتداء على حالة الأمن، خاصة ونحن في فترة بالغة الدقة والنفوس متوترة والأعصاب مشدودة). ولا يزال مبارك يحاكم في ثلاث قضايا من بينها قضية التواطؤ في مقتل المتظاهرين، وهي قضية سبق وأن تقرر إخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا). وأدّت محاكمة أولى في جوان 2012 إلى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الأسبق على خلفية هذه القضية، لكن محكمة النقض أمرت بإعادة المحاكمة وقد بدأت المحاكمة الجديدة في 11 ماي المنصرم.