وسط غفلة عن القضايا المصيريَّة الكبرى، والحرب التي لا يخفِتُ أُوَارُها على دِيننا الحنيف من الكارهين له، والمتربصين به، والحاقدين عليه، والطامعين فيه، والخائفين منه، بات من المُسلَّم به أن مؤامراتٍ كبرى تُحاك سرًّا وجهرًا لهدم هُويَّتِنا الدينية، فأصابها خللٌ كبير في معايير شتى، فتشوَّش الفكر، وصالت وجالت في وديان العقيدة شياطينُ الفتنة، الذين أعطوا ظهورَهم لثوابتنا الدينية، فاعتلاها شبح التغييب، بدعوى التحرر والتنوير. ولم تكَدْ جراح (أراب أيدول) أن تندمل - وأنى لها ذلك؟! - إلا ويُضاف إليها (المُنتَج الفرنسي) (ستار أكاديمي)، في تقليدٍ يبعث على الحسرة؛ لِما آلَ إليه مَن ينتسبون إلينا جنسًا ودِينًا، فزادوا الطين بِلَّة، وأثخنوا الجراح، وكأنهم لا يكتفون بما يفعله من ليسوا على الملَّة، فصاروا يسايرونهم في طريق (الهدم الفكري) و(التدنِّي الوجداني) شبرًا بشبرين، وساقًا بساقين! فلا هم اكتفَوا بانحرافهم الفكري، ولا هم ضاقوا بما يفعله أعداءُ الدِّين، فاستدرجوا الناسَ إلى المنكَر، وبارزوا الله بالمعاصي. لم يَعُدْ غريبًا أبدًا أن يهاجِمَنا الآخرون، بعدما سار على دربهم (مُدَّعو التَّحرُّر) من أبناء جِلدتنا! إن هذا البرنامج الربحي المستورد من فرنسا يعتمد اعتمادًا كليًّا على مصدرينِ تمويليين، هما: المكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة، وما تدفَعُه الشركات الراعية للبرنامج لقاء الدعاية الإعلانية لمنتجاتها، وقد خصصت لهذا البرنامج قناة فضائية تبُثُّ الرذيلةَ على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم، يستدرجون المشاهدين إلى المنكَر، ويبارزون الله بمعاصيهم؛ حيث تدور الفكرة حول: (من يكُنِ الأكثر رومانيسة وعاطفية مع صديقتِه، يكُنْ محبوبَ الجميع)، في تحدٍّ فاضحٍ سافرٍ لقِيَم المجتمعات العربية والإسلامية. لكم أن تتخيلوا أن أكثر من سبعين مليون يصوِّتون لبرنامج هابط لتشجيع وترشيح المائعين من الشباب، والضائعات من البنات، يطلبون فيها الفوز لِمَن أُغرموا بهم وعشقوهم في مقابل ثلاثة ملايين اتصال فقط يطالبون بعدم سحق المسلمين بأفغانستان! إذًا إن لم تبكِ فتباكَ! هؤلاء شباب الأمة! وهذه أولويات الأمة! استهتار بالقِيَم والأخلاق، ومبارزة لله بالمعصية، ونشر الرذيلة في (بيوت المسلمين) بلا استئذان! الملايين تُصرَف على الرَّذيلةِ مقابل الملايين من المسلمين يعيشون ذل الحاجة! الأموال الطائلة تُصرَف لرعاية الإعلام المستورد المنحرف، في حين تشكو الجوانب التعليمية والصحية والدِّينية والخدمات الأساسية من التقتير عليها والتضييق عليها! نقل أبناء جلدتنا الفكرة بلغة غيرنا (ستار أكاديمي)، ونسوا ترجمتها بلغتِنا وقِيَمِنا: (سِتار الانحطاط)! لِيتواروا إذًا خلف: (سِتار الخجل) إن وُجِد! * د. خاطر الشافعي