سجلت إحصائيات مركز الإصغاء للجنة المرأة العاملة التابعة للإتحاد العام للعمال الجزائريين نسبة تتجاوز النصف من النساء المطلقات باعتبارهن الأكثر عرضة للتحرش الجنسي الذي يستهدف الفئات الهشة في المجتمع .فالمرأة المطلقة في مجتمعنا تبقى حبيسة الأطماع والإشاعات التي تلاحقها . وقليلا ما تفوز بزوج ثاني , لذا تجدها تكرس حياتها لتربية أبنائها والنجاح في حياتها المهنية . فالوضع بالنسبة للمرأة المطلقة أكثر حساسية من الرجل في المجتمع الجزائري الذي يكن للمرأة التي لا تسعى للزواج الثاني تقديرا واحتراما خاصا ، لدرجة أنه يفضل تلك التي تعيش راهبة بعد الطلاق لأجل أولادها عن تلك التي تبحث عن حقها الطبيعي في استئناف الحياة, رغم أن ديننا سعى دائما لتحصين الرجل والمرأة على حد سواء بالزواج الذي هو مرادف للاستعفاف . وتؤكد الأخصائية الاجتماعية منيرة لعرج بأن الزوجة تعاني من ضغوط نفسية قوية بعد مرحلة الانفصال نتيجة عدد من العوامل المترابطة التي لا يمكن الفصل بينها، منها الطلاق الذي يقع بعد فترة طويلة من الزواج والذي يضع المرأة المطلقة في وضع يسوده الشعور بالقسوة والضياع , ومن ثم يجب النظر إلى سن المرأة عند الطلاق ,فكلما كان الطلاق أقرب لسن الأربعين، كانت الضغوط النفسية عليها أشد وأقسى لأنها تقترب من سن اليأس وفرص بناء حياة جديدة تقل لديها عن الزوجة الشابة التي حتى وإن طلقت فستفكر بأنها ستحظى بزوج آخر . وهناك قضية نفسية أخرى ألا وهي الطلاق المفاجئ الذي يتم بمبادرة من الزوج ومعارضة من الزوجة له أثر نفسي شديد الوطأة على المرأة , لأن المرأة هنا لا تتوقع ما آلت إليه حياتها وقد تصاب بانهيار عصبي شديد أو اكتئاب ,على عكس المرأة التي تتدهور علاقتها بالزوج على مدار السنوات وتنعدم الرابطة شيئا فشيئا إلى درجة تتوقع فيها حدوث الانفصال في أي وقت ولن يعني لها ذلك شيئا ,عدا ما يتعلق بنظرة المجتمع .في حين تلعب الحالة المادية والتعليمية للزوجة دون شك دورا كبيرا. فإذا ما كانت الزوجة في سعة مادية ولديها مؤهل علمي يعينها على العمل ، كان ذلك سنداً لها في مواجهة تلك الضغوط الناجمة عن الطلاق . أما إذا كانت في وضع مادي محدود وليس لديها مؤهل تعتمد عليه، فإن الضغوط تزداد عليها. وما حدث في مجتمعنا حسب ما صرحت به فاطمة بن براهم المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان أن المرأة التي تعاني من الطلاق التعسفي لا تأبه في الأول ولا تشعر بمحنتها لاعتقادها بأن القانون سيكفل لها حقها في مسكن الزوجية , لكن وبمجرد أن تدخل في مشاكل لا نهاية لها تدرك حجم المشكلة التي وقعت فيها , فالقانون المعدل رغم أنه ينصف المرأة المطلقة الحاضن ويضمن لها حقها في المسكن بعد الطلاق, إلا أن بعض المتحايلين على القانون وجدوا كل الفرص لإعاقة تطبيق هذا البند, فبالنسبة لأغلبية الجزائريين تجدهم لا يحتكمون سوى على مسكن واحد وإذا كان يمتلك مسكنا آخر, تجده يكتبه على اسم أحد أفراد أسرته ليتجنب التنازل عنه للزوجة المطلقة بحكم من المحكمة, وبالتالي فبند مسكن الزوجية يشهد الكثير من التلاعب, وينتهي الأمر بإلزام الزوج دفع حق إيجار مسكن للزوجة المطلقة وأبناءه الذين يعيشون في كنفها , لكن المنحة التي تقدر حسب مدخول الزوج غالبا ما لا تكفي حتى لدفع إيجار غرفة واحدة . ويمكن اعتبار التعديل الذي أحدث على قانون الأسرة دافعا لبعض النساء في طلب التطليق , بقدر ما كان دافعا للرجال للتفكير ألف مرة قبل الإقدام عليه لما يترتب عنه من خسارة لمسكن الزوجية .