هذه الصورة الحية التقطناها مؤخرا من الجسر المحاذي لمحطة آغا بالجزائر العاصمة الذي تحول إلى قطب تجاري وفي نفس الوقت إلى ملجأ يجمع المشردين المغلوبين على أمرهم بحيث كانت تلك المتشردة تفترش الكارتون بالأرض وسترت -لا ندري ملائمة اللفظ- نفسها بقماش أو "ليزار صيفي " كما نسميه بالعامية وعادة ما يستعمل في فصل الصيف لإبعاد نسمة الصيف التي تأتي بين الفينة والأخرى، وتصنع قشعريرة في الجسد وما كان بيد تلك المسكينة التي كانت تغط في النوم إلا إبعاد برد قارس قاربت شدته الصفر درجة بستار بالي ولم يكن لها الحق حتى في استعمال بطانية مخصصة للطقس البارد والتي لا تنفع في العراء فما بالنا بغطاء زهري قماشي بارد. بحيث كان مصير المشردين مثلما ارتسم في أذهاننا وهم يعيشون ظروفا قاسية في هذه الأيام الباردة في الأقواس والجسور وكافة النواحي دون أدنى التفاتة أو إنقاذهم من شدة البرد ببطانية وذلك اضعف الإيمان، وسينتهي بنا ذلك المصير إلى العثور على جثتهم وهي مجمدة نتيجة الأمراض والظروف الحالكة التي يتكبدونها عبر الشوارع، فو الله من العيب والعار انتشار تلك الصور في بلد الجزائر وكان كل من يعبر تتحرك مشاعره من شدة هول ما يشاهد ،بحيث أضحى اغلب المشردين يفترشون الأرض المبللة بمياه الأمطار وينامون والأمطار تتساقط فوق رؤوسهم ولا يمتلكون أدنى الوسائل لمقاومة شدة البرد بل ظهر البعض منهم بأجساد عارية، ومنهم من راح إلى مضاعفة بعض الأغطية الصيفية القماشية التي تستعمل في العادة في فصل الصيف وغابت عنهم البطانيات ما يفسر غياب الالتفاتات التي كانت تطلقها مراكز الإسعاف الاجتماعي وكذلك الجمعيات، وتأخرت صدقاتهم على تلك الفئات المحرومة أو الأحياء الأموات فهم ينتحرون ببطء وتقاوم أجسادهم الضعيفة البرد القارس والأمطار الغزيرة فهي بالفعل مأساة حقيقية يتكبدها هؤلاء عبر الشوارع والأقواس ويتحسر المواطنون ويبكون دما على وضعيتهم التي باتت مزرية بحيث شاهدنا الكثير من الناس مثلهم مثلنا، وهم يتوقفون فوق الجسر هنيهة لمشاهدة المنظر البائس لتلك المتشردة التي كانت تفترش ارض الجسر وراحت تغط في النعاس بفراش بالي لا يصلح لفصل شتوي بارد وطقس مضطرب وقاسي لا تقاوم برودته حتى الألبسة الشتوية الثقيلة فما بالنا بالألبسة والأفرشة البالية والرقيقة. فحالة هؤلاء تتدحرج من السيء إلى الاسوء ويتكبدون ظروف قاسية ونحن في بداية فصل شتوي ينبىء بقوته في هذه السنة بعد أن ميزته الاضطرابات الجوية وكذا تساقط الأمطار بغزارة وانخفاض درجة البرودة إلى أقصاها وتلك الفئة المهمشة وجب أن تحظى بالتفاته في ظل هذه الظروف المزرية فهم ينتمون إلى البشر ومن الواجب حماية حقوقهم والتكفل بهم، فمنظرهم وهم يترامون بالشوارع هنا وهناك يرسم الصور البائسة لتلك الفئات المحرومة التي تستغيث لانتشالها من حياة الضياع.