شكك ممثل الجالية المسلمة في أنغولا في صدقية التصريحات الرسمية التي نفت وجود أي قرار بحظر الإسلام في هذا البلد، وسط أنباء منع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية تخوفا ممن وصفوا ب(المتشددين)، مما أدى إلى سيل من الإدانات والاستنكارات من قبل جهات إسلامية. وقال المسؤول عن الجالية في سوريمو بولاية لوندا سول (شمال)، إدواردو كابيا (65 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن (الحكومة تقول شيئا ولكنها على الأرض تعمل خلاف ذلك لأن إغلاق المساجد لا يزال متواصلا). وقال كابيا -المسؤول عن الجالية في سوريمو بولاية لوندا سول- (قبل شهرين اضطر مسجدنا إلى إغلاق أبوابه تحت ضغوط السلطات المحلية، ونحن نصلي فرادى في منازلنا). وبحسب الجالية المسلمة فإن مساجد أخرى اضطرت إلى إغلاق أبوابها في محافظات عديدة مثل لوندا نورتي ووزاير (شمال) وهوامبو وهويلا وموخيكو (جنوب وشرق). من جهته قال أنجليكو برناندو دي كوستا (36 عاما) وهو كونغولي مسلم يقيم في العاصمة لواندا (قبل أيام تعرضت إحدى بناتي لمضايقات لدى خروجها لابتياع الخبز بسبب ارتدائها الحجاب)، معربا عن خشيته من أن تسود مشاعر العداء للمسلمين. وكانت الصحف الأنغولية قد تحدثت عن أن الحكومة حظرت الإسلام وذلك استنادا إلى إعلان وزيرة الثقافة روزا كروز قائمة بأسماء المنظمات الدينية التي رفضت طلبات ترخيصها ومن بينها جمعية تمثل مسلمين. وأوضحت كروز أن هذه الإجراءات لا تنطبق على الطائفة الإسلامية وحسب بل إنها تنطبق بالأساس على كنائس وطوائف (تتعارض مع عادات وتقاليد الثقافة الأنغولية)، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية عن وكالة أنغوب الأنغولية. وتفرض السلطات الأنغولية على المنظمات الدينية التقدم بطلب لاعتمادها، حيث يبلغ عدد المنظمات المعتمدة حالياً 83 منظمة جميعها مسيحية. وفي أكتوبر الماضي رفضت وزارة العدل طلبات 194 منظمة من بينها منظمة تابعة للمجموعة الإسلامية في أنغولا. كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن دبلوماسيين غربيين في أنغولا تأكيدهم صحة ما أوردته التقارير الإعلامية في هذا الشأن، وبموجب هذه الإجراءات فقد تم حظر نشاط 194 منظمة دينية على الأقل. من جانبها أعلنت صحيفة (أو باي) عن إغلاق العديد من المساجد في جميع أنحاء البلد الأفريقي الغني بالنفط. في المقابل، سارعت الحكومة الأنغولية إلى نفي هذه المعلومات بعدما ثارت عليها ثائرة دول ومنظمات إسلامية عديدة. وقال مدير المعهد الوطني للشؤون الدينية التابع لوزارة الثقافة، مانويل فرناندو لوكالة الصحافة الفرنسية إن أنغولا (لا تشن حربا على الدين الإسلامي ولا على أي ديانة أخرى). وأضاف أنه (ليس هناك أي توجه رسمي لهدم أو إغلاق أماكن العبادة أيا كانت). وأثارت هذه الأنباء الواردة من أنغولا استنكارات عدة، حيث أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن صدمتها إزاء ما راج عن نية لحظر الإسلام في أنغولا، البلد المسيحي الكاثوليكي المتدين تقليديا، وعن هدم مساجد كذلك. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو إن موقف المنظمة من الأنباء الواردة من أنغولا عن منع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية وحرق المساجد ودور العبادة واضح، وهو الرفض التام. وأوضح أن المنظمة لم تحصل بعد على معلومات رسمية، وأنها تقوم حاليا بتقصي الحقائق بهذا الشأن. وأضاف أن المنظمة تجري حاليا اتصالات بجهات مختلفة، منها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والأمم التي تتحدث البرتغالية -وهي اللغة التي يتحدث بها الأنغوليون- وبعض سفارات الدول الإسلامية الموجودة في أنغولا. كما استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشدة في بيان له، قرارا تناقلته عدد من وسائل الإعلام عن حظر السلطات الأنغولية الإسلام على أراضيها، ومنع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية، داعيا المنظمات الدولية والإقليمية إلى الدفاع عن حقوق الأقلية المسلمة في أنغولا. وطالب الأزهر الشريف الحكومة الأنغولية بتوضيح حقيقة عدم ترحيبها بوجود المسلمين وهدمها للمساجد، وتحديد موقف صريح من ذلك. ودعا الأزهر المواطنين المسلمين في أنغولا لأن يكونوا دعاة سلام وأمن وأخوة وطنيّة، وطالب المُنظمات الإسلاميّة بإرسال لجنة لتقصي الحقائق والأوضاع الخاصة بالمواطنين المسلمين. يشار إلى أن المسيحيين يشكلون نسبة 95% من سكان أنغولا التي تتميز بثقافتها المسيحية، بينما يقدر عدد المسلمين هناك بين ثمانين ألف شخص وتسعين ألفا. وزير خارجية أنغولا ينفي التضييق على الإسلام من جانبه نفى وزير الخارجية الأنغولي جورج تشيكوتي الأنباء التي أشيعت بشأن قرار حكومي بحظر الديانة الإسلامية في البلاد والتضييق على الشعائر الدينية وهدم المساجد، رغم تأكيد الجالية المسلمة لهذه الأنباء التي أثارت انتقادات في العالم الإسلامي. وقال الوزير في لقاء مع دبلوماسيين أجانب إن ما حدث في بلاده هو رفض تسجيل 194 جمعية دينية لعدم توفر الشروط اللازمة، ومنها التمتع بعضوية مائة ألف شخص والانتشار في ثلثي البلاد، مؤكدا أن ذلك شمل جمعيات إسلامية ومسيحية على السواء. واعترف الوزير بإغلاق عشرات المساجد والمصليات قائلا إنها كانت مستودعات ومحلات تجارية حُولت إلى أماكن عبادة بدون رخصة. وأشار إلى أن ثمة (سوء فهم)، مؤكدا أنه لا يوجد اضطهاد للمسلمين، وقال (لا يوجد سياسة حكومية لاضطهاد كنيسة أو دين)، مشيرا إلى أن ذلك هو تفسير الجمعية الإسلامية في أنغولا. لكن بعض قادة الجالية أكدوا أنباء التضييق، وقالوا إنه توجد جمعيات إسلامية تتوافر فيها المتطلبات القانونية ومع ذلك رفضت السلطات الأنغولية تسجيلها. وقال رئيس الجمعية الإسلامية في أنغولا ديفد جا لوكالة رويترز إن السلطات أغلقت عشرات المساجد ودمرت بعضا منها في أنحاء مختلفة من البلاد، وذلك ضمن ما وصفها بحملة تستهدف الجالية المسلمة. وأضاف جا أن السلطات تتخذ من تلك القوانين (ذريعة لمنع الدين الإسلامي الذي يعتقدون أنه يهدد الثقافة الأنغولية). وفي وقت سابق أيضا شكك إدواردو كابيا ممثل الجالية المسلمة في سوريمو بولاية لواندا بالتصريحات الحكومية التي تصدر بين فينة وأخرى بشأن عدم وجود قرار بحظر الإسلام في البلاد.