صدر حديثا عن دار السلام بالقاهرة كتاب تحت عنوان المرأة المسلمة بين تحديات التمكين وسؤال التنمية للباحثة المغربية الدكتورة مريم آيت أحمد المتخصصة في الفكر الإسلامي. يطرح الكتاب العديد من الأسئلة المقلقة والموجعة لواقع المرأة العربية المسلمة، منطلقة في قراءتها من منظور إسلامي يعلن القطيعة مع القراءة الأحادية للنص الديني والبعيد عن الزمان والمكان المعاش، مع التأكيد على الارتباط الأصيل بالعهد النبوي حيث التجسيد التاريخي والعملي لواقع المرأة ودورها الريادي والتنموي كما أراده الإسلام لا كما أراده فقهاء الإسلام.. تناول الكتاب في فصوله الخمسة أسباب ومعوقات تنمية المرأة في البلدان الإسلامية وماهية التنمية المجتمعية والعناصر الأساسية في التنمية المجتمعية المطلوبة ومفهوم التنمية البشرية وأهدافها . وبينت المؤلفة أن الاستبداد أكبر معوق لتنمية المرأة كما أن الفقر أكبر تحديات التنمية في البلدان الإسلامية.....كما تناولت سبل مواجهة التحديات التي تعوق دور المرأة في التنمية زمن الربيع العربي كما ناقشت المؤلفة واقع المرأة في بعض من جوانب الفقه الإسلامي وظلم التاريخ لها.. بين التقديس والتدنيس .. تكريم للإسلام وظلم للتاريخ.. كيف استطاع بعض من قام بالتأويل الخاطئ لعدد من الآيات والأحاديث الخاصة بالمرأة أن ينحرف من المسار الرسالي لعهد النبوة ؟ كيف تم استبعاد وتهميش وإلغاء نصف عقل المجتمع المسلم في ساحة المنافسة الحضارية الإنسانية ؟ وكيف استطاع المجتهدون تعطيل دور المرأة عن القيام بواجبها كما هو على عهد النبوة ؟ أسئلة عديدة تثيرها المؤلفة بنبرة من الألم والقلق لتضع المرأة بين ثنائيتن أساسيتين أسمتها ثنائية التقديس والتدنيس فمن جهة التقديس المرأة مكرمة ومطالبة بأداء دورها الرسالي، ومن جهة التدنيس هناك الخوف من إثارة المرأة للشهوات ما أدى إلى تكبيل قدراتها وحوصرت عطاءاتها و مجالات مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الموروث الفقهي الإسلامي، وبين ثنائية التقديس والتدنيس انقسمت تاء التأنيث إلى : اتجاه نسوي يدعو إلى التحرير بمفهومه الاستمتاعي المطلق لثقافة الآخر المغايرة تماما لبيئة وهوية المرأة المسلمة ، واتجاه تقليدي اكتفى بالوقوف عند عقلية التكريم، ورضي باسم الحفاظ على الإسلام بدعم الموروث الشعبي الثقافي وتغليفه بالدين، الأمر الذي ساهم في إعادة إنتاج لغة الإقصاء. وتؤكد المؤلفة على التفريق بين تكريم الإسلام للمرأة وظلم التاريخ الإسلامي لها ؟ فالإسلام كرم المرأة ، لكن هل كرمها الرجل المسلم حين قهرها وظلمها واستبد بحقها في الإرث والتعليم واعتبرها سفيهة في تدبير أموالها ؟ وعلقها لسنوات باسم الطاعة من دون تطليق.. كم من رجل مسلم رمى رفيقة عمره بعد سنوات من العشرة والكفاح باسم حقه في التعدد؟ ما أدّى إلى أن جعل عددا من النساء ينفرن ليس من الرجل وفقط وإنما من الدين ككل، ظنا منهن أن الإسلام هو من أباح كل هذه التصرفات. الكتاب وإن بدا أنه يناقش موضوعا متعلقا بالمرأة والتي قيل وكتب ونسخ عنها الكثير، إلا أنه يناقشها من اتجاه نقدي صادر من الجنس نفسه، فهي من جهة تدلّل على مكانة المرأة وقدرتها على النقاش المعرفي النقدي في القضايا الاجتماعية العامة، ومن جهة هي مادة للموضوع المناقش عالمة وعارفة بأسراره وكوامنه، ولذلك استطاعت من خلال مؤلفها أن تقرّع آذان عدد من التوجهات سواء الإسلامية أو العلمانية التي تعاملت مع المرأة بمنطق التسليع والتبضيع والتأثيث بدل المشاركة والتكامل وتقاسم المسؤوليات. محاور الكتاب متعددة ومتنوعة ومن أهم المواضيع المناقشة فيه بالإضافة لما سبق، مسألة وضعية المرأة في الإسلام ومشكلة الفهم الديني لها، ووضعية حقوق المرأة في واقع الإسلام المفترى عليه، وقضية الخطاب الثقافي الشعبي وتوظيفه للدين، مقترحة العديد من المقترحات العملية في مواجهة التحديات التي تعوق دور المرأة في التنمية زمن الربيع العربي، وخاصة المشاكل المرتبطة بالفقر، والبطالة، والعنوسة، وفشل العلاقات الأسرية، وتفشي العلاقات غير الشرعية وتأثيرها السلبي على المرأة خاصة.. وهي أزمات متوالية ترسبت بعوامل عديدة أهمها جمود الفكر الديني، وهو ما يستدعي معالجة عاجلة ضمن قضايا الإصلاح والتجديد في الفكر الإسلامي من أجل بناء علاقة متينة بين الرجل والمرأة عنوانها علاقة تكاملية لا تنافسية. أما المؤلفة مريم آيت أحمد ، فهي أستاذة التعليم العالي بشعبة الدراسات الإسلامية كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل، القنيطرة، المملكة المغربية، وحاصلة على دكتوراه الدولة في العقائد والأديان في موضوع المذهبية في الديانات السماوية قراءة في مستقبل ثنائية الديني والسياسي، كما أنها رئيسة فريق البحث في الحوار بين الثقافات والديانات، مختبر العمارة الدينية. عن موقع الإسلام اليوم