الأزمة المالية تدفع فرنسا إلى الاستنجاد بالجزائر تهدف زيارة رئيس الوزراء الفرنسي جون مارك آيرو إلى الجزائر بداية من اليوم الاثنين بمناسبة انعقاد الاجتماع الأوّل للّجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى إلى البحث عن مشاريع تبادل اقتصادية مستدامة وتعزيز الشراكات أو المشاريع المنجزة في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تشهدها فرنسا، بالإضافة إلى إرساء حوار سياسي منتظم (ذي مستوى جيّد) بين البلدين، ومن الواضح أن أموال الجزائر تسيل لعاب فرنسا وتدفعها إلى البحث عن طريقة للحصول على جزء منها، ففي الوقت الذي تكفي فيه احتياطات الصرف الجزائر لتغطية واردات ثلاث سنوات، تعيش فرنسا أزمة مالية خانقة. زيارة (آيرو) الذي من المقرّر أن يكون مرفوقا بتسعة من وزرائه إلى الجزائر تأتي في ظلّ تعاظم الأزمة المالية التي تخنق فرنسا، وهو ما جعل متتبّعين يرون في الزيارة محاولة فرنسية للبحث عن (مخارج نجدة) واستغلال العلاقات (المميّزة) بين الجزائر وباريس لإنعاش الصادرات الفرنسية نحو بلادنا، خصوصا في ظلّ سطوة المنتجات الصينية على السوق الجزائرية في السنوات الأخيرة، وكذا في ظلّ البحبوحة المالية الجزائرية النّاتجة عن مداخيل صادرات النفط. يجري (آيرو) حسب مشروع برنامج الزيارة التي تدوم ثلاثة أيّام رفقة وفده الوزاري، من بينهم وزراء الداخلية مانويل فالس والتجارة الخارجية نيكول بريك وتقويم الإنتاج أرنو مونتبورغ والتربية فانسون بيون والتعليم العالي جنيفياففيوراسو، محادثات مع الوزير الأوّل عبد المالك سلال تكون متبوعة بالتوقيع على اتّفاقات وعقود بين البلدين. وينشّط رئيسا حكومتي البلدين ندوة صحفية مشتركة، كما يلقيان خطابين ختاميين للقاء اقتصادي جزائري فرنسي يعقد اليوم. وتكتسي زيارة رئيس الوزراء طابعا اقتصاديا محضا بهدف إبراز تطور الشراكة الاقتصادية بين البلدين بمنطق الربح المتبادل. في هذا المنظور بالذات يندرج تنقّل (آيرو) غدا الثلاثاء إلى زيارة وهران، حيث سيزور رفقة نظيره الجزائري موقع مصنع (رونو) ويصعد على متن تراموي المدينة بعد التوجّه إلى مصنع للإسمنت (لافارج) بالمنطقة. ومن وجهة نظر باريس يبرز مشروع (رونو) لوادي تليلات (450 كلم من الجزائر العاصمة) ما تنوي فرنسا القيام به من أجل تحقيق (أرباح) من منظور بيع سيّارات (رونو) في الجزائر بكمّية أكبر ممّا تبيعه اليوم. كما يتمّ بالمناسبة توقيع اتّفاق شراكة بين (فرانس ميديا موند) ووسائل إعلام جزائرية عمومية وفي مقدّمتها الإذاعة والتلفزيون. ويتجسّد الاتّفاق بين الإذاعة الجزائرية وإذاعة فرنسا الدولية و(مونتي كارلو) الدولية من جهة وبين قناة (فرانس 24) والمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري من جهة ثانية. من جهة أخرى، يتمّ بمناسبة هذا الاجتماع الأوّل للّجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى التوقيع على اتّفاقات في مجالات أخرى مثل التكوين المهني. ويتمّ التوقيع على اتّفاق شراكة بين مدرسة جزائرية وأخرى فرنسية ووزارة جزائرية ومؤسسة فرنسية (شنايدر إلكترونيك) في إطار معهد تكوين في مهن الكهرباء. لتبقى فرنسا أوّل مموّن أجنبي للجزائر بحصّة سوق بلغت 8ر12 بالمائة سنة 2012 وتعتبر زبونها الرّابع، حيث قدّرت الصادرات الفرنسية نحو الجزائر بقيمة 3ر6 مليار أورو سنة 2012 مقابل 7ر3 مليار من الواردات من الجزائر للسنة المرجعية، منها 97 بالمائة من المحروقات. ويعتبر الفائض التجاري لصالح فرنسا ب 5ر2 مليار أورو سنة 2012. وتعدّ فرنسا من جهة أخرى نحو 450 مؤسسة في الجزائر. وفي هذا الإطار، أوضح وزير التجارة مصطفى بن بادة لدى نزوله ضيفا على برنامج (إضاءات) للقناة الأولى يوم السبت أن زيارة رئيس الوزراء الفرنسي إلى الجزائر تدخل في إطار إعلان الجزائر الذي أبرم خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر العام الماضي لتعزيز التعاون بين البلدين. لتأتي زيارة الوزير الأوّل الفرنسي إلى الجزائر تنفيذا لاتّفاق الصداقة الذي وقّعه الرئيسان بوتفليقة وهولاند خلال زيارة الأخير إلى الجزائر في ديسمبر من العام 2012 وألقى بالمناسبة خطابا في البرلمان الجزائري أكّد خلاله أهمّية الجزائر ووزنه على المستوى العالمي.