باللغتين البشكنسية (لغة إقليم الباسك بشمال إسبانيا) والإسبانية، بدأ الشاعر والكاتب خابيير سوسبيريخي -وهو إسباني من أصل باسكي- بإعداد سلسلة كتب رقمية وورقية، جمع فيها قصصا شعبية وحكايات لبعض البلدان والثقافات التي استهدفت عبر التاريخ، بينها مختارات قصصية وقصائد كتبها شعراء من إسبانيا وأمريكا اللاتينية عن فلسطين. ومن أجل نجاح مشروعه الثقافي، فقد تعاون مع عدد من الكتاب والمؤلفين الذين ينتمون لتلك الثقافات، ليصدر عددا من الكتب التي تؤرشف هذه القصص أواخر العام الحالي (2013). وضمن هذا المشروع أصدر سوسبيريخي كتابا ورقيا بالبشكنسية موجها لأبناء المدارس يضم مختارات قصصية عن فلسطين، بالإضافة لكتاب رقمي آخر بالإسبانية يضم ثلاثين حكاية شعبية، سيصدر الجزء الثاني منه في بدايات العام الجديد. وقد علق على الموروث القصصي الشعبي الفلسطيني بأنه أقرب للحقيقة منه للخيال. وتكمن أهمية مشروع سوسبيريخي الثقافي كونه محاولة لإنقاذ تلك الموروثات الشعبية التي تحاول الدول الاستعمارية طمسها، وخصوصا أمام الغرب الخاضع لآلة إعلامية غير محايدة على حد قوله، بل إنه يرى أن عليه واجبا مقدسا يدفعه للعمل في هذا الاتجاه. يروي الكاتب الباسكي كيف أنه من عائلة، تعرضت للقصف من القوات الألمانية خلال الحرب الأهلية الإسبانية، وكيف اضطر والداه لترك منزلهما والانتقال لمكان آخر جراء ذلك القصف الذي أودى بحياة الكثير من أقربائهم. ويقارب بين ما حدث مع عائلته وبين ما يحدث مع الشعب الفلسطيني الذي يقصف ويهجّر ويقتل، والأسوأ من ذلك كله طمس ثقافته. وبوصفه كاتبا وشاعرا، اتخذ سوسبيريخي موقفه الإنساني الذي جعله يتجاوز الإمكانيات المادية القليلة ليفكر بنشر الثقافة الفلسطينية والحديث عنها بالفنّ، وهو السلاح الوحيد الذي يملك. وإضافة للقصص والحكايا الشعبية، فقد أصدر كتابين رقميين يوزعان على نطاق واسع عبر الشبكة العنكبوتية، يضمان قصائد كتبها شعراء من إسبانيا وأمريكا اللاتينية عن فلسطين ومعاناة أهلها. أما الجزء الثالث فسيضم قصائد عن فلسطين لكتاب عرب باللغتين العربية والإسبانية. وتعود معرفة سوسبيريخي بالأدب الفلسطيني إلى اطلاعه على أشعار محمود درويش، وهي الأكثر انتشارا بسبب الترجمة، ويتمنى أن تتوسع الترجمات للأدب الفلسطيني خاصة والعربي عامة كي يتمكن القارئ الأجنبي من الاطلاع أكثر على تلك الثقافات الأصيلة. ولأن الصورة أيضا أصبحت صوتا شعريا وفنيا بحد ذاتها، فقد ضمن الديوانين أعمالا تشكيلية لفنانين فلسطينيين وعرب، بينهم أيهم أنور محمد، وحمزة كنعان، وإبراهيم العلي، وعماد أبو شتية وغيرهم. ومن الديوان الشعري نقرأ للشاعرة الفنزويلية سيبوني دل ري، قصيدة بعنوان (فلسطين): في أراض قصية/ تولد طفلة/ تبتهج أمها/ والعالم يرحب بها/ في أراض قصية/ يبكي أطفال من الألم/ تبكيهم حرب فظيعة/ واليوم، ينشدون السلام/ إنها فلسطين/ نراها جريحة حزينة/ أين سلامنا المليء بالبهجة؟. وللشاعرة الإسبانية مونتيسيرات فير غونسالس نقرأ: أطفال الحرب/ صعدوا الأشجار/ يطاردون بعضهم/ لا مرئية أعينهم المضحى بها/ مريضون بالكوليرا/ التي تحولت لأنثى/ رائحة الدم/ بعد إطلاق الرصاص/ تثمل منها أجسادهم الصغيرة. يذكر أن الكاتب هابيير سوسبيريخي ولد عام 1971 في إقليم الباسك بإسبانيا. بدأ بنشر أعماله في بداية التسعينيات من القرن المنصرم في مجلة (كيتيدوي) المتخصصة بنشر الشعر والقصص القصيرة. بدأ مشروعه الثقافي الأول بعمل سلسلة من الكتب الموجهة لطلاب المدارس من الجيل الجديد في بلاد الباسك والتي تحتوي قصصا تراثية باللغة البشكنسية. من أعماله (ألعاب دائمة)، (أساطير وادي أوراتثوم)، (لازماتنا)، (عالم الأحاجي)، وغيرها من الأعمال التي توثق لثقافة الباسك. ويعمل حاليا على مشروع يحمل اسم (مكتبة الأمم العظيمة)، وهو قائم على نشر الكتب الرقمية كي تبقى في متناول يد الجميع بهدف حماية الأدب الشعبي وفنون الشعوب المستهدفة، بالتعاون مع عدد من الكتاب والأدباء والفنانين، وفي هذا المضمار فقد نشر أعمالا من الأدب الفلسطيني، والأفريقي والإيرلندي والمقدوني وغيرها.