يعاني نحو عشرة آلاف من الأطفال والنساء والمسنين والشباب من أهالي دماج المهجرين من منطقتهم بشمال اليمن ووصلوا إلى صنعاء نهاية الأسبوع، من وضع إنساني صعب أثار انتقادات عنيفة للحكومة اليمنية من قوى سياسية ومنظمات حقوقية. آلاف الأشخاص يكتظ بهم المسجد ويفترشون تراب الطرقات حوله ويجدون صعوبات كبيرة في الحصول على الطعام والنوم وقضاء حاجاتهم الإنسانية الضرورية، كما أصبحت طرقات حي سعوان الشعبي -المكتظ أصلا بالسكان- أكثر اكتظاظا. وبالإضافة إلى الرجال داخل المسجد وخارجه، هناك حوالي مائتي أسرة من النساء والأطفال داخل القسم الخاص بالنساء بالمسجد. ووصفت بعض القوى السياسية والحقوقية وضع هؤلاء المهجرين بالجريمة والمأساة، وانتقدت الحكومة بشدة واتهمتها بالمشاركة في (الجريمة). وقال الأمين العام لحزب الرشاد اليمني (سلفي) عبد الوهاب الحميقاني إن هذا التهجير يُعد بادرة خطيرة على الشعب اليمني والسلم الاجتماعي والنسيج الوطني، مضيفا أنه سيفتح شهية كثير من أصحاب العصبيات المذهبية والمناطقية لتهجير كل من يخالفهم الرأي أو تتعارض مصالحهم معه. وأضاف الحميقاني أن زعيم السلفيين في دماج يحيى الحجوري أخبره أن لجنة الوساطة الرئاسية لحل النزاع بينهم وبين الحوثيين وضعتهم أمام خيارين إما التهجير الجماعي وإما الإبادة الجماعية من قبل الحوثيين. وأشار إلى أن الحجوري قال له أيضا (إنهم وافقوا على الخروج من دماج حفاظا على أرواح من تبقوا، وإن اللجنة لو عرضت عليه ترابا لوقع عليه). وأوضح الحميقاني أن تهجير أهالي دماج وإخراجهم من صعدة كان ضمن 18 مطلبا طالب به الحوثيون عام 2004 خلال مفاوضاتهم مع النظام السابق (وقد نفذته لهم الآن لجنة الوساطة الرئاسية). أما المحامي والناشط بمنظمة هود اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات عبد الرحمن برمان فقال إن التهجير القسري حدث في بعض الحالات في اليمن مثل تهجير أهالي الجعاشن بمحافظة إب خلال حكم النظام السابق وفي بعض الحروب القبلية في محافظة حجة، مشيرا إلى أن ذلك كان يتم بسبب صمت الدولة وغضها الطرف عن ما يجري. وأضاف أن ما يميز تهجير أهالي دماج الحالي هو رعايته من قبل الدولة التي وصفها ب"الشريك في الجريمة بتجويع أهالي دماج ومنع الصليب الأحمر من الدخول لمنطقتهم لتقديم العون لهم رغم أن سلفيي دماج لم يثبت بحقهم أنهم مارسوا نشاطا سياسيا أو عدوانا ضد أحد". وعن وضع المهجّرين الحالي في صنعاء، قال برمان إن الدولة تنصلت من وعودها بتوفير المأوى والغذاء لهم و"حتى أجور النقل التي تعهدت اللجنة بدفعها كاملة لم تدفع منها إلا 30 بالمائة فقط". وأعلن برمان أنهم بصدد الإعلان عن منظمة باسم (يمنيون ضد التهجير) للتوعية بالمخاطر الكبيرة للتهجير على المجتمع اليمني ولرصد الانتهاكات في هذا المجال وإثارتها على المستوى الدولي وملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم. من جهته قال راجح بادي مستشار رئيس مجلس الوزراء (إن الوضع محزن) وإنهم كانوا يتمنون لو لم تصل الأمور إلى ما وصلت إليه. ووصف التهجير بأنه مهدد كبير وحقيقي للنسيج الاجتماعي اليمني، معربا عن أمله في أن يتداعى اليمنيون سلطة وأحزابا وشعبا (للملمة ما يمكن لملمته) حتى يتم تجاوز الأضرار الفادحة التي سيخلفها تهجير أهالي دماج. وأكد أن اللجنة الرئاسية التي رعت اتفاق التهجير عليها المسؤولية الكبرى في تنفيذ كل بنود الاتفاق بما في ذلك التعويضات والإيواء وألا تكتفي بتنفيذ البند الأول فقط وتتخلى عن مسؤوليتها بشأن البنود الأخرى. يُذكر أن أهالي منطقة دماج الواقعة بمحافظة صعدة شمال البلاد تعرضوا لهجمات وحصار متواصل من قبل الحوثيين لبلدتهم خلال الشهور الثلاثة الماضية نتج عنه مقتل أكثر من مائتي شخص منهم وإصابة أكثر من ستمائة بجروح وإعاقات، وفقا لمصادر السلفيين.