تعاني المواقع الرسمية الالكترونية للوزارات والهيئات الحكومية في الجزائر، من خلل فاضح في أنواع الخدمات الرقمية التي تقدمها الى المواطنين، فالمتصفح لها يستعجل لإغلاقها بسبب بدائية تقنياتها، تعاسة تصميمها وديناميكيتها «المعدومة»... الحكومة الالكترونية هي النسخة الافتراضية عن الحكومة الحقيقية وهي نظام حديث تتبناه الحكومات باستخدام الشبكة العنكبوتية العالمية والإنترنت في ربط مؤسساتها بعضها ببعض، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات خاصة وبالمواطنين عموما، ووضع المعلومة في متناول الأفراد وذلك لخلق علاقة شفافة تتصف نظريا وعمليا بالسرعة والدقة تهدف للارتقاء بجودة الأداء. ومن هذا المنطلق يتبادر الى الذهن مباشرة عدة تساؤلات.. أهمها هل نجحت الجزائر في اطلاق حكومة الكترونية حقيقية بالنظر للأموال الطائلة التي تنفقها في هذا المجال من خزينة الشعب ؟؟ هل قضت الحكومة من خلال المواقع الالكترونية الرسمية لمؤسساتها على أزمة الاتصال والتواصل مع المواطن ؟؟ وهل حقيقة ان المؤسسات في واد والمواطن في واد آخر ؟ اسئلة سنحاول من خلال تحقيقنا هذا الاجابة عنها لتعرية حقيقة المواقع الالكترونية الرسمية لمؤسسات الدولة على الشبكة العنكبوتية في عصر اصبح فيه الاعلام الالكتروني يحسب له الف حساب. الحكومة الالكترونية في الجزائر خارج مجال التغطية لا تكاد تلج موقعا إلكترونيا تابعا لإحدى مؤسسات الدولة، حتى تستقبلك واجهة «رديئة» وتصميم «تعيس» ودينامكية «معدومة»، ولا حديث فيها إلا على نشاطات الوزراء وزياراتهم التفقدية، أربع صفات تشترك فيها أغلبية مواقع الوزارات والهيئات الرسمية الجزائرية... فوزارة مثل وزارة الداخلية والجماعات المحلية، التي تصنّف ضمن الوزارات السيادية لأي بلد، وبمثابة صورة الجزائر الداخلية، تطل على العالم الرقمي عبر موقع يفتقد للديناميكية، حيث يقابل المتصفح بمجرد ولوجه الموقع بيانات لنشاطات الوزير لا اكثر ولا اقل، تعود لشهري مارس وفيفري المنصرمين بالإضافة الى كلمة حول الانتخابات الرئاسية. أما موقع وزارة المالية فيتداول بعض المعلومات الحديثة ثم أخبار يصنفها في الصفحة الأولى تعود الى شهري مارس وفيفري، وحتى جانفي وديسمبر الفارط. اما موقع وزارة التجارة، وكأنّه مدونة من المدونات المجانية الخاصة المنتشرة في الانترنت والتي يسيرها مبتدئون وعامة الناس، والمتصفح للموقع يتفاجأ ب...« قام السيد الوزير» ، «عقد السيد الوزير «، «ترأس السيد الوزير».. اما موقع وزارة التربية الوطنية فهو في سبات عميق بكل تفاصيله، ومشلول حيث وبمجرد الضغط على الموقع تلج صفحة مُعنونة بهذا الشكل «IIS7« تتضمن خليط بين اللغة العربية، الفرنسية والانجليزية وكلمات لاتينية وأخرى صينية غير مفهومة، ونفس الرداءة بالنسبة لعدة مواقع وان اختلفت نسبة الرداءة بين موقع وآخر. وليس هذا فقط وإنما هناك مواقع رسمية لوزارات جزائرية بالفرنسية تفتقر للترجمة، وكأن الشعب كله «مفرنس» ويتقن اللغات الاجنبية...أما رئاسة الجمهورية، فموقعها الإلكتروني بسيط إلى أبعد الحدود، ويعتمد على «قوالب التصميم القديمة» التي تكاد تنقرض حاليا من على الانترنت، ويفتقر للكثير من الخدمات الضرورية، ويكتفي بكلمة الرئيس، وصور وحوارات الرئيس، وتعريف مفصل عن مهام مؤسسة الرئاسة وفروعها وأركانها... بحث في فائدة المواقع الرسمية للبلديات والدوائر يبحث الكثير من المواطنين والمنتخبين المحليين عن المواقع الإلكترونية الرسمية للبلديات والدوائر الكائنة بمقر اقامتهم، بغية الاطلاع على المستجدات الخاصة بكل منها وكذا مختلف الأخبار وتواريخ المسابقات وغيرها .. حيث ان مٌتصفح الشبكة العنكبوتية يقف على غياب مواقع رسمية لمجالس شعبية بلدية ومقرات دوائر عدة ولايات من الوطن بالرغم من اهمية التواصل عبر الشبكة العنكبوتية باعتبار الفعالية والسرعة، اذ انها لم تتمكن في سنة 2014 من انشاء موقع على الانترنت تتواصل من خلاله مع المواطنين وتعلمهم بالجديد، .. وفي المقابل اطلقت العديد من البلديات والدوائر مواقع اقل ما يقال عنها انها «فقيرة« وخير دليل على ذلك الموقع الرسمي لبلدية ديدوش مراد حامة بوزيان بقسنطينة فالمتصفح لهذا الموقع تقابله كلمة مكتوبة باللون الاخضر ترفع المعنويات وهي «جديد» غير ان الحقيقة «تبكيك« باعتبار ان القائمين على الموقع يتحدثون عن جديد سنة 2010 و 2011 و2012 ..حيث ان اخر خبر نشر قبل الدخول المدرسي 2011-2012 ، يتحدث عن مساهمة البلدية في هذا الدخول المدرسي. وهو مثال وحقيقة تنطبق على العديد من المواقع ...من جهتها فان التخلف الالكتروني لم يقتصر فقط على البلديات والدوائر وإنما تعدى ذلك بكثير ليمس مقرات الولايات، ومجالسها الولائية وحتى المديريات العمومية وغيرها... لعنة التخلف الالكتروني تضرب حتى المؤسسات الأمنية لم يرحم التخلف الالكتروني مؤسسات الدولة الجزائرية بما فيها الامنية، إلا وقصف موقعها الالكتروني الرسمي، حيث ان موقع المديرية العامة للآمن الوطني محصورة معلوماته حول نشاطات اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني، وصور له، وتعريف مفصل عن مهام الجهاز وموجز عن فروعه وبعض التوصيات، في حين الخانة التي تهم المواطن والمتعلقة بالتوظيف والتكوين تتحدث عن محورين اساسيين «كيف تكون شرطيا« والشق الثاني يتحدث عن ملف التوظيف وشروطه، كما يفتقر الموقع لما يجلب الانتباه ويثيرك لمواصلة الاطلاع. اما موقع قيادة الدرك الوطني يكتفي بالحديث عن تاريخ الدرك، انجازات الدرك، لمحة عن الشرطة القضائية، وأمن الطرقات والوحدات المتخصصة بالإضافة الى نشاطات اقل ما يقال عنها انها اشهارية لا اكثر ولا اقل نفس الشيء بالنسبة للجمارك الجزائرية ومؤسسة الجيش الشعبي الوطني ... الدولة تصرف أموالا طائلة على خلايا إعلام الكترونية نائمة معروف لدى العام والخاص، أنّ كافة مؤسسات الدولة تمتلك خلايا للاتصال وأنّ الدولة سخرت مبالغ مالية من اموال الشعب وعتادا وإمكانيات هائلة من أجل السير الحسن لهذه الخلايا المكلفة بشكل أساسي بإعلام الرأي العام، وتمكين الصحافة من المعلومة والخبر، غير أنّ المعروف أيضا لدى العام والخاص بشكل أخص، أنّ هذه الخلايا «شبه نائمة وغائبة» ولا يكاد يُرى لها دور في الساحة...، ولا تخدم الشعب في المعلومة، وتقتصر مهامها على التوضيح ورد الاعتبار للمسؤولين، ومراقبة ما يكتب من سلبيات عن قطاعاتها، ليس لتصحيحها في الواقع، إنّما لنشر توضيحات على الورق.... ومع تطور الاعلام وعصرنة وسائل الاتصال، اطلقت الحكومة مواقع رسمية للوزارات وهيئاتها لنفس الهدف بحيث اصبحت اليوم مؤسسات الدولة لها مواقع على الانترنت اقل ما يقال عنها انها «نائمة«.. وعليه يبقى التساؤل عن مغزى صرف أموال طائلة على خلايا الكترونية واعلام نائمة قائما. البعض وزائرنا يجهلون استخدام «الفايسبوك» و«التويتر»! وبعيدا عن مساحة المواقع الإلكترونية، لا يعرف أثر لصفحات خاصة بمؤسساتنا الحكومية الا القليل على مواقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» و«التويتر»، ولا حتى صفحات خاصة لبعض وزرائنا ومسؤولينا في الدولة، على عكس حكومات أخرى تعدت صفحات ومواقع المؤسسات، إلى صفحات ومواقع خاصة بكل وزير وسفير ورئيس ومسؤول، ليتواصل بشكل يومي مع الشعب ويتفاعل مع انشغالاته واستفساراته. وفي الوقت الذي أطلقت فيه دولة الإمارات العربية، مشروع الحكومة الذكية، للانتقال لمرحلة ما بعد الحكومة الإلكترونية، التي دشنتها وأطلقتها سنة 2001، لا تزال الجزائر تتحدث عن حكومة إلكترونية، منذ زمن الوزير الأسبق بوجمعة هيشور الذي ذهب وغادر وزارته وخلفه وزير آخر ولم يطرأ جديد في موضوع الحكومة الالكترونية التي لا تزال على الورق فقط.... وبناء على هذا يمكن استخلاص أنّ مؤسسات الدولة لم تسجل سوى الفشل في مجال إعلام الرأي العام، ولم تستطع هذه المؤسسات إلاّ في استثناءات قليلة، من البلديات والدوائر والولايات، إلى الشركات العمومية والوزارات، تحقيق قفزة ما في هذا المجال، ما يؤكد وجود أزمة اتصال وتواصل حادة بين مؤسسات الدولة والمواطن، بل أنّ الحكومة أخفقت فعليا في تطوير الاتصال، وانتجت مواقع مؤسسات عمياء بكماء وصماء...