تنطلق اليوم الأحد بالعاصمة الفرنسية باريس، تظاهرة كبيرة يشارك فيها قادة الدول الأوروبية تضامنًا مع فرنسا ضد الإرهاب، واستجابة للدعوة التي أطلقها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، في وقت أعلن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، وقوف بلاده إلى جانب فرنسا. وتأتي دعوة هولاند لجميع الفرنسيين بهدف إظهار وحدتهم الوطنية ضد التطرف وضد كل من يرتكب أعمالًا إرهابية، وقال هولاند “أدعو كل الفرنسيين والفرنسيات إلى الوقوف يوم الأحد معًا للتعبير عن معانى التعددية والمساواة والعدل التي تمثلها جمهوريتنا.. لابد أن نخرج من هذه الأزمة أكثر قوة”. وقد أعلن العديد من قادة الدول الأوروبية تلبية دعوة هولاند، من بينهم المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، ورئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس أوكرانيا بترو بوروشنكو ورئيس مجلس أوروبا دونالد توسك ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موغيرينى ورؤساء حكومات السويد والنرويج والبرتغال والدانمارك وبلجيكا وهولندا ومالطا وفنلندا ولوكسمبورج. وتأتى هذه التظاهرة فى سياق ردود الأفعال المستهجنة لاقتحام صحيفة “شارلى إبدو”، وقتل عدد من الصحفيين فى مقرها، وقد أعلن الرئيس الأمريكى وقوف بلاده إلى جانب الفرنسيين، مؤكدًا أن فرنسا من أقدم حلفاء الولاياتالمتحدة، مضيفًا: “سنحارب إلى جانبكم من أجل التمسك بقيمنا”. وتزامنًا مع المسيرة الباريسية تقام في كنداوالولاياتالمتحدة مسيرات لشجب الهجمات والرهائن الذين قتلوا فى باريس. وأعلن مصدر في الشرطة أن رجلا مسلحا احتجز أول أمس الجمعة، موظفتين فى محل لبيع المجوهرات فى مونبيلييه بجنوب فرنسا، استسلم ليلا للشرطة والرهينتين بخير، وقال المصدر “إن مفاوضات استمرت عدة ساعات بين وحدة من النخبة فى الشرطة الفرنسية أدت إلى استسلام خاطف الرهائن بدون عنف”. واعتقل الرجل وهو فى الأربعين من العمر وتم توقيفه، حسب ما أعلن المدعى العام كريستوف باريه.. وقال “عند الساعة 17,00 دخل هذا الرجل إلى محل المجوهرات ولكن لم تكن هناك محاولة للسرقة ولم يعرف بعد سبب ما قام به”، وردد القاضى القول بأن ما قام به هذا الشخص ليس له أية علاقة مع خطف الرهائن الجمعة فى المنطقة الباريسية والمرتبطة بالإسلام المتطرف. وقتلت قوات الأمن الفرنسية أول أمس الأخوين المشتبه بهما فى هجوم على مقر صحيفة شارلى إبدو حين اقتحمت مطبعة احتجزا بها رهينة فى حين قتل أربع رهائن فى حادث منفصل، وجاءت النهاية العنيفة للحادثين المتزامنين بعد عملية أمنية على نطاق لم يسبق له مثيل، فيما تواجه فرنسا أحد أسوأ التهديدات لأمنها الداخلى منذ عقود. وبعد أن قال أحد المسلحين قبيل مقتله إن تنظيم القاعدة موله حذر الرئيس الفرنسى فرانسوا هولوند من أن الخطر الذى تواجهه فرنسا التي توجد بها أكبر جالية للمسلمين وأكبر جالية لليهود فى الاتحاد الأوروبى لم ينته بعد، وقال أولوند فى كلمة بثها التليفزيون “هؤلاء المختلون والمتعصبون لا علاقة لهم بالدين الإسلامى”، مضيفًا “لم تنته التهديدات التى تواجهها فرنسا بعد.” وبعد الخسائر الكبيرة فى الأرواح على مدى ثلاثة أيام متتالية تحاول السلطات الفرنسية تفادي الصعود فى المشاعر الانتقامية المناهضة للمهاجرين. وندد هولوند بقتل الرهائن الأربعة فى متجر للأطعمة اليهودية فى باريس، وقال “حقا ارتكب عمل مروع معاد للسامية”، وقال مسؤولون إن الأخوين شريف وسعيد كواشي قتلا عندما اقتحمت قوات مكافحة الإرهاب مطبعة فى بلدة دامارتان جويل شمال شرقى باريس، حيث احتجز المشتبه بهما الرئيسيان فى هجوم الأربعاء رهينة.. وقال مسؤول إن الرهينة بخير. وقبل قتله قال أحد الأخوين لمحطة تليفزيونية إنه تلقى تمويلا من القيادي بتنظيم القاعدة فى اليمن أنور العولقى، وقال في اتصال مع قناة “بى.إم.إف” التليفزيونية بثته بعد انتهاء الحصار “لقد أرسلنى أنا شريف كواشى تنظيم القاعدة في اليمن.. ذهبت إلى هناك وأنور العولقى هو الذى قدم لي التمويل”. وبعد دقائق من اقتحام المطبعة أنهت الشرطة حصار متجر للأطعمة اليهودية في شرق باريس. وقتل أربعة رهائن إضافة إلى المسلح الذي كان يحتجزهم، وأجرى محتجز الرهائن أميدى كوليبالى هو الآخر اتصالا مع قناة “بى.إم.اف” قبل مقتله ليبايع تنظيم الدولة الإسلامية، وقال إنه أراد الدفاع عن الفلسطينيين واستهداف اليهود، وقال كوليبالى إنه خطط للهجمات بالاشتراك مع الأخوين كواشى وأكدت الشرطة أن الثلاثة ينتمون لنفس الخلية فى شمال باريس. وكانت الشرطة تبحث بالفعل عن كوليبالى “32 عاما” إلى جانب امرأة تدعى حياة بومدين “26 عاما” بعد مقتل شرطية يوم الخميس.. ولا تزال بومدين هاربة، وفى المجمل قتل 17 شخصًا، ومحتجز الرهائن الثلاثة منذ يوم الأربعاء. جاء ذلك فيما اعتبر مركز سيمون ويزنتال أن هجمات الإرهابيين ضد صحيفة شارلى إبدو ومتجر فى باريس تعتبر “كارثة” بالنسبة لأجهزة المخابرات الفرنسية وتسلط الضوء على فشلها، وقال الحاخام مارفين هيير، مؤسس ومدير المركز الذي يعنى خصوصًا بمحاربة معاداة السامية وإجراء أبحاث حول المحرقة اليهودية ومقره لوس أنجلوس، يتوجب على آلاف الأئمة فى فرنسا أن يفعلوا المزيد من أجل التصدى للتطرف داخل الطائفة الإسلامية. وقال الحاخام مارفين هيير “يتوجب على السلطات الفرنسية بوضوح أن تفعل المزيد لمعرفة من يدخل إلى البلاد” مشيرًا إلى أن الكثير من الجهاديين يتدربون فى الخارج خصوصًا فى سورياوالعراق واليمن، لافتًا إلى أن هناك حوالى ستة آلاف إمام فى فرنسا لهم تأثير كبير جدا على المسلمين فى البلاد. وهدد المسؤول الشرعي في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب حارث النظارى فرنسا بهجمات جديدة في شريط فيديو بثته أول أمس الجمعة، مواقع جهادية بعد الاعتداء الذي نفذه الشقيقان كواشى، اللذان ينتميان إلى هذه المجموعة ضد شارلى إبدو، وقال النظارى فى الشريط “أيها الفرنسيون أولى بكم أن تكفوا عدوانكم عن المسلمين لعلكم تحيون فى إيمان وإن أبيتم إلا الحرب فابشروا فوالله لن تنعموا بالأمن ما دمتم تحاربون الله ورسوله والمؤمنين”. وأضاف “أن فرنسا اليوم من أئمة الكفر تسب الأنبياء وتطغى في الدين ولا رادع لها إلا ما حكم الله فيها فضرب الرقاب أيها الفرنسيون إلى متى تحاربون الله ورسوله أن تسلموا فهو خير لكم”. وكان شريف كواشى، أحد الشقيقين اللذين نفذا الاعتداء على الصحيفة الأسبوعية الساخرة ما أوقع 12 قتيلا و11 جريحا، قال لقناة تليفزيون فرنسية قبل مقتله الجمعة، إن تنظيم قاعدة الجهاد فى اليمن قام بتمويله وأرسله للقيام بذلك. وأقر رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس مساء أول أمس الجمعة لقناة تليفزيونية أن سقوط 17 قتيلا فئ فرنسا خلال ثلاثة أيام يؤكد وجود “أخطاء” في الاستعدادات لمراقبة الأشخاص الذين يشتبه فى احتمال ارتكابهم اعتداءات، وقال لقناة “بى اف ام تى فى” “هناك أخطاء بالطبع، فعندما يكون هناك 17 قتيلا يعنى ذلك وجود أخطاء”، مشيرًا إلى الذين يتوجهون إلى العراقوسوريا “حيث يتدربون على الإرهاب” ويعود “بعضهم” مؤكدًا أن السلطات تقوم ب«الاستجواب” و«الاعتقال” كما أقرت قانونين لمكافحة الإرهاب. أعلن وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، أمس السبت، الإبقاء خلال الأسابيع المقبلة على خطة مكافحة الإرهاب المطبقة في المنطقة الباريسية والتي رفعت، الأربعاء، إلى أعلى مستوى على أن يتم تعزيزها على إثر الهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة.وقال كازنوف في ختام اجتماع أزمة في قصر الإليزيه: “إننا معرضون لمخاطر على ضوء الوضع الحالي، ومن المهم بالتالي تعزيز الخطة التي رفعت في منطقة ايل-دو-فرانس والتي حملت على اتخاذ تدابير خاصة في باقي أنحاء البلاد، خلال الأسابيع المقبلة”.كما أعلن كازنوف أنه تم “اتخاذ كل التدابير لضمان أمن” التظاهرة المقررة، الأحد، في فرنسا، والتي سيتصدرها الرئيس فرنسوا هولاند وعدد من القادة الأجانب.وقال كازنوف: “تم اتخاذ كل التدابير حتى تجري هذه التظاهرة في الخشوع والاحترام والأمن” مع توقع مشاركة أكثر من مليون شخص في التجمع الرامي إلى التأكيد على الحرية والديمقراطية في مواجهة الإرهاب.وتأتي دعوة هولاند لجميع الفرنسيين بهدف إظهار وحدتهم الوطنية ضد التطرف وضد كل من يرتكب أعمالاً إرهابية.وقد أعلن العديد من قادة الدول الأوروبية تلبية دعوة هولاند، من بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إضافة إلى رؤساء وزراء إسبانيا وإيطاليا، ورئيس المفوضية الأوروبية، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي