سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"نجونا من الموت بأعجوبة و رأينا الجثث تتحطم على الصخور أمام أعيننا" أحد الناجين من مجزرة غرق قارب على متنه 63 حراقا بالمياه الإقليمية اليونانية لآخر ساعة:
تمكنت آخر ساعة من الوصول إلى أحد الناجين من الموت بعرض المياه الإقليمية اليونانية خلال رحلة الحرقة من أزمير التركية حيث يروي تفاصيل الكارثة المروعة التي أودت بحياة رضع و نساء و شباب بعمر الزهور يحملون جنسيات جزائرية و سورية و عراقية وصلوا الأراضي التركية بجوازات سفر بعدما تحصلوا على تأشيرة الدخول توجهوا بعدها في رحلة الموت بقارب صغير يحمل على متنه 63 شخصا من أزمير التركية نحو الأراضي اليونانية بطريقة غير شرعية فارين من الظروف الصعبة التي يعيشونها خاصة بالنسبة للشباب الجزائريين الذين يعاني أكثرهم من البطالة و الفقر ليلقى أزيد من 52 شخصا بينهم أطفال و نساء حتفهم بعرض المياه الإقليمية اليونانية . اختفت بعدها جميع أخبارهم سواء بالنسبة لجثث الموتى أو الناجين الذين تم اعتقالهم بتركيا في ظل التعتيم الإعلامي و عدم تحدث السلطات الجزائرية و إعلانها الرسمي عن الحادث مما دفع بالعائلات إلى التوجه للبحث عن أبنائهما متعلقين بأمل صغير في العثور عليهم أحياء أو حتى معتقلين . ياسين أحد الناجين من الموت يروي مرارة الحادث و قساوة العيش بالجزائر دون عمل ياسين بن فيالة أحد الناجين من مدينة الحجار يبلغ من العمر 25 سنة و هو نفس عمر أو يقارب أعمار الشباب الذين كانوا معه كغيره من الشباب كان يحلم بغد أفضل حيث توجه بعد حجز تذكرة نحو تركيا و تحصل على التأشيرة التي فشل في الحصول عليها لثلاثة مرات متتالية رغم أن تأشيرة دخول الأراضي التركية ليست بهذه الصعوبة خلال نهاية العام الفارط توجه رفقة أصدقائه من قسنطينة إلى تركيا قبل أن يتوجهوا إلى إزمير التي يصلون إليها عن طريق البحر على أمل الوصول إلى أرض الأحلام اليونان و الاستقرار هناك هروبا من مديره يوميا لوالده لطلب مصروفه اليومي بعد أن فشل في الدراسة و في الحصول على عمل لائق فرغم أنه ابن مجاهد ووالده متقاعد من العمل بسلك الأمن وأمه ابنة شهيد كما يقول إلا أن كل هذا لم يشفع له في إيجاد عمل و بعد أن أبرق بصيص الأمل حيث اتصل به أحد أقاربه الذي وجد له عملا مناسب بفرنسا إلا في يأسه من الحصول على التأشيرة منعه من خوض المغامرة و التراجع عن حلم الوصول إلى بلاد الجن و الملائكة و الاكتفاء بالحلم إلى الوصول إلى اليونان عن طريق تركيا حيث نجا من الموت بأعجوبة ويعود مجددا إلى أرض الوطن في ظل تجاهل السلطات الجزائرية للحادث و كل ما تعرضوا له مصمما مرة أخرى على إعادة العملية رغم جميع الصعوبات و المعاملة السيئة التي يعاملون بها خارج الجزائر حاملا شعار “نتبهدل في الخارج و ما نعيش عيشة كلاب بالجزائر بدون عمل و بدون كرامة أمد يدي لأطلب مصروفي من أبي كل يوم”. فالحياة التي لم تنصفني ببلدي سأعيشها بكل قسوتها بالخارج رغم كل شيء . صاحب القارب هددنا بالسلاح الناري و أمرنا بالإبحار رغم وجود عطب بالمحرك المأساة بدأت عندما خرج دخان كثيف من محرك القارب الذي كان يقل 63 شخصا بينهم رضع و نساء قرر على إثرها السائق المنحدر من ولاية الشلف العودة إلى نقطة الإنطلاق بمنطقة أزمير التركية ليعلم عن الخطر الذي قد يسببه توقف المحرك في عرض البحر لكنه تفاجأ بالشخص الذي اتفق معه لتأمين المركب يهدده بالسلاح بعدما أخرج من جيبه مسدسا ناريا علما أن الشخص يحمل هو الآخر الجنسية الجزائرية. و يأمره بأن يعود أدراجه خاصة بعدما طالبه بالمبلغ الذي دفعه له ، اضطر بعدها السائق إلى الإبحار مجددا رغم علمه بالكارثة التي تنتظرهم و على طول الطريق حسب ما يرويه ياسين لآخر ساعة كانت تنبعث روائح من المحرك إلى جانب خروج دخان يكون كثيفا في بعض الأحيان لكنه لم يتوقف إلا على بعد حوالي ساعة واحدة من الوصول إلى اليونان بالقرب من صخرة ضخمة وسط البحر و رغم جميع المحاولات لإعادة تشغيله إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل لتبدأ بعدها بوادر الكارثة في حدود الساعة الثالثة صباحا. المأساة بدأت بتحطم القارب بعد اصطدامه بصخرة عرض البحر قبل وصول حرس السواحل اليونانية لجأ بعض الحراقة الذين كانوا على متن القارب إلى الاتصال بأصدقائهم بفرنسا ليساعدوهم في الاتصال بحرس السواحل اليونانية لإنقاذهم من الموت المحتم و الذي إن لم يكن بغرق القارب أو تحطمه سيكون بالبرد الشديد حيث أن درجات الحرارة كانت منخفضة إلى درجة التجمد و عن طريقهم تمكن الحراقة من التحصل على هاتف حرس السواحل اليونانية الذين انطلقوا مباشرة بعد تلقيهم النداء وبمجرد أن بدأو في الاقتراب من القارب أقدم البعض على رمي أنفسهم بالبحر و العودة نحو أزمير التركية عن طريق السباحة خوفا من الاعتقال علما ان الجزائريين كانوا يحملون جوازات سفرهم و كل الوثائق الخاصة بهويتهم مما خلق اختلالا بالقارب أقدم على إثره خاصة السوريون و العراقيون على الوقوف وسط القارب الذي بدأ يغرق قبل أن تقذفه الأمواج إلى الصخرة الكبيرة (روشي) التي توقف القارب بالقرب منها مما أدى إلى تحطمه و تحطم جثث بعض الحراقة خاصة الأطفال و النساء حيث توفيت النساء الأربعة و الرضع بعين المكان فمن نجا منهم من التحطم على الصخرة مات بردا أو غرقا بمياه البحر دقائق قبل وصول عناصر حرس السواحل التي أقدمت على إسعاف الأحياء الذين لا يعلم عددهم و لا هويتهم بعدما اختفت جميع المعلومات عنهم. شاهدنا جثث الرضع و النساء تتحطم على الصخرة و أصوات الصراخ دوت عرض البحر يقول ياسين عن المأساة التي يرويها لآخر ساعة “ كنا قد ابتعدنا قليلا عن القارب حيث كنا نسبح عكس عناصر حرس السواحل القادمة من جهة اليونان لنعود أدراجنا إلى أزمير التركية عندما سمعنا صوت تحطم القارب و شاهدنا الجثث و هي تتناثر بالسماء قبل أن تعود إلى البحر كانت معظمها جثث أطفال رضع و نساء كان المنظر مروعا تعالت في السماء أصوات الصراخ والعويل جراء هول الحادث لكننا حسب ما يقول ياسين لم نستطع أن نفعل شيء فالعودة إلى الوراء تكلفنا حياتنا أو الاعتقال من طرف عناصر حرس السواحل اليونانية التي بدأت تقترب من القارب. عدنا أدراجنا سباحة إلى أزمير التركية و نحن نحمل أسوأ الصور المرعبة عن الحادث الأليم علما أن كل شيء كان واضحا بعد أن تعالت أضواء الجزيرة اليونانية على مد البصر لكن الحلم تحطم على الصخرة الكبيرة بسبب تحايل صاحب القارب الذي زودنا بمحرك معطل. ستة ناجين عادوا إلى أرض الوطن و سبعة آخرون معتقلون بأزمير التركية يقول ياسين بن فيالة المنحدر من مدينة الحجار بولاية عنابة بأنه كان رفقة ثلاثة شباب حراقة من قسنطينة و اثنين من ولاية الشلف عندما وصلوا سباحة إلى إزمير التركية النقطة التي كانوا قد انطلقوا منها فيما تم اعتقال خمسة آخرين من ولاية قسنطينة وواحد من ولاية الشلف و حراق آخر من ولاية أم البواقي يؤكد ياسين بأنهم متواجدون حاليا بمعتقل بأزمير التركية. فيما يجهل هو وجميع الناجين معه مصير بقية الجزائريين أو باقي الأشخاص الذين يحملون جنسيات سورية أو عراقية . و قد عاد ياسين رفقة جميع الذين نجو معه إلى أرض الوطن عن طريق مطار إسطنبول فيما بقي الآخرون معتقلين و لا علم لعائلاتهم بهم. العودة إلى تركيا و رحلة البحث عن المعتقلين يؤكد ياسين أحد الناجين من حادث تحطم القارب بعرض المياه الإقليمية اليونانية بأنه توجه رفقة الناجين معه سواء من الموت أو الاعتقال إلى مستشفيات أزمير و كذا مصالح الأمن للبحث عن المعتقلين لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إليهم فيما بحثوا كثيرا عن ناجين آخرين أو بعض الجرحى لكن لا حياة لمن تنادي فمصالح الأمن التركية رفضت التعامل معهم نهائيا فيما لم يعثروا على دليل يوصلهم إلى الجرحى أو حتى الموتى بالمستشفيات التركية وعادوا بعدها أدراجهم إلى أرض الوطن. حراقة من قسنطينة عالقون بمطار إسطنبول كشف ياسين من خلال تصريحات لآخر ساعة بأن حوالي أربعة أو خمسة حراقة من قسنطينة مازالوا عالقين بمطار إسطنبول التركية و يتعلق الأمر بحراقة انطلقوا مع القارب الذي تحطم بعرض البحر. حيث يقول ياسين بأنهم لم يتمكنوا من إتمام إجراءات عودتهم إلى الجزائر فيما لا يملك آخرون ثمن تذكرة العودة بواسطة الطائرة حيث يعملون على جمع المبلغ عن طريق طلب المساعدة من أشخاص جزائريين آخرين وعرب بتركيا إلى جانب طلب المساعدة من الأتراك للتمكن من العودة إلى الجزائر. عائلات تتولى البحث عن أبنائها و السلطات الجزائرية غائبة توجهت العديد من العائلات الجزائرية خاصة من ولاية قسنطينة للبحث عن أبنائهما الذين دخلوا الأراضي التركية بطريقة شرعية بواسطة جوازات سفر بعد تحصلهم على تأشيرة الدخول إلى الأراضي التركية إلا أنهم لم يتحصلوا على أي معلومات مؤكدة عنهم سواء بالنسبة للمعتقلين أو المتوفين بالحادث وهو ما جعل بعض العائلات خاصة من ولاية قسنطينة تناشد السلطات الجزائرية التدخل مع السلطات التركية بصفة رسمية لتمكنهم من الوصول إلى أبنائهم الضائعين.حيث يؤكد ياسين بن فيالة بأن عائلات المفقودين في حالة يرثى لها حيث توجه بعض الأمهات ممن أسعفن إلى المستشفيات بعد سماع خبر اختفاء أبنائهم الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي في ظل غياب أي تصريحات رسمية عن هوية المتوفين أو مكان المعتقلين سواء أماكن تواجد جثث الضحايا بعد تدخل عناصر حرس السواحل اليونانية.