صارت رياضة كمال الأجسام ورفع الأثقال من أكثر الرياضات التي تستهوي الشباب مؤخّرا وتستقطبه، فبالرغم من الهدف الوحيد الذي يجمع عليه كافة ممارسي هذه الرياضة والمتمثل في الحصول على جسم رشيق وعضلات مفتولة إلا أن الغايات اختلفت من رياضي إلى آخر كل حسب مبتغاه فمنهم من يحرص على رفع لياقته البدنية بالتخلص من الدهون الزائدة وتقوية عضلاته ومنهم من أضحى همّه الوحيد البحث عن جسم أنيق لمسايرة الموضة ومواكبة العصر من خلال تقليد النجوم والمشاهير في جلّ خرجاتهم، وفي ذات السياق فقد قامت «آخر ساعة» بجولة استطلاعية قادتها إلى قاعات رياضة بناء الأجسام، حيث وجدناها مكتظة وممتلئة عن آخرها نظرا لإقبال الشباب الرهيب عليها من أجل ممارسة هذا النوع من الرياضات الذي كثيرا ما يستفحل داخل أوساط الجزائريين خلال موسم الإصطياف لأسباب متعددة إختلفت حسب أفكار وتطلّعات ممارسيها الذين وجدناهم يعيشون عالما مغايرا تماما يسوده جوّ من الحماس والهيجان، كما انحصر انهماكهم في رفع الأثقال والاستماع إلى الموسيقى الصاخبة المنبعثة من مكبرات الأصوات المثبتة في كافة زوايا الصالة والتي اختيرت وانتقيت بدقّة تامة من طرف مسيّري القاعات بغية تحفيزهم على بذل مزيد من المجهودات للوصول إلى نتائج إيجابية في أسرع الأوقات، إضافة إلى هذا، فقد شدّ إنتباهنا كثرة صور المشاهير أمثال «أرنولد» و»فوندام» وغيرهم من نجوم «هوليود» وأبطال المصارعة ك «جون سينا» و»باتيستا» الذين علّقوا على كامل الجدران وكأنهم من يقفون على تدريب هؤلاء الشبان ويبعثون روح التحدي داخل قلوبهم التي تفعم بالنشاط كلما دخلوا صالاتهم، كما جذبنا من جهة ثانية صوت صدى الآلات الحديدية الممزوجة بصراخ رافعي الأثقال الذين يرون من هذا الضجيج الطاغي على المكان نوعا من أنواع الصرامة والهيجان الذي يضيف من طاقتهم وتركيزهم في ميدان كمال الأجسام وهي الجولة التي أحسسنا من خلالها بأننا دخلنا عالما ثانيا يختلف تماما عن عالمنا، ومن جهة أخرى فقد أجمع هؤلاء الرياضيون عن الهدف من لعبة رفع الأثقال المتمثل في الحصول على جسم رشيق خالي من الدهون بينما اختلفت غاياتهم من واحد إلى آخر، بحيث كشف لنا «سامي» عن نيّته في بناء عضلات من أجل تشريف وطنه في المحافل الدولية المقامة كلّ سنة، مضيفا بأنه يسعى جاهدا في تمارينه الرياضية بغرض المنافسة والتحدي من خلال المشاركة في البطولات المحلية والخارجية وتحقيق الإنجازات والأرقام القياسية، خاصة وأنه يتبّع نظاما غذائيا خاصّا منذ حوالي 5 سنوات ليصل إلى مبتغاه في مسابقة إبراز العضلات وبناء أجمل جسم، فيما كشف لنا «أمين» و»حمزة» عن رغبتهما في الحصول على مظهر لائق وجذاب لمسايرة الموضة ومن أجل التباهي به ولفت الإنتباه لا غير، مثلهما مثل معظم من وجدناهم يتمرّنون بصالات عنابة، كما قابلنا من جهة ثانية العديد من الرياضيين المبتدئين كذلك، الذين لم يتمكنوا من إخفاء أسفهم وحسرتهم على عدم وجود مؤطرين لهذا النشاط الرياضي تتوفر فيهم الخبرة والتّكوين من أجل توجيههم توجيها صحيحا ضمن أطر مدروسة مما يجعلهم يدخلون الصالات وهم متخوّفون من حدوث أي إصابات لهم من شأنها المساس بصحتهم، خاصة وأن عملية البحث عن مدرّب له خبرة لتوجيه المبتدئين في هذا النوع من الرياضات صار ضربا من الخيال نسبة لقلّتهم في هذا المجال، إلا في بعض القاعات التي يكون لديها رياضيون قدامى يعوّل عليهم في المشاركة في المسابقات. «الميغاماس» يسيطر على عقول الرياضيين رغم ثمنه المرتفع أدى هوس الشباب واهتمامهم المفرط بكمال الأجسام واستعراضهم لعضلاتهم متى كانت الفرصة سانحة إلى دخولهم في رحلة بحث عن مختلف الأسباب التي تجعل جسمهم محل إعجاب، ومن بين السبل المستعملة تناول الرياضيين للأدوية المغذية المعروفة باسم «بروتين الحليب واي» والمجففة للدهون «أسيد أمينو» وكذلك الأدوية الطاقوية «كرياتين» حيث يعتمد عليها الشباب بصفة كبيرة بغية حصولهم على عضلات مفتولة وبهدف تغيير شكل أجسامهم إلى الأحسن، حيث أوضح لنا «علي» وهو صاحب قاعة لكمال الأجسام وسط مدينة عنابة بأن الأدوية التي يتناولها الرياضيون تباع على شكل مساحيق وأقراص يطلق عليها إسم المكملات الغذائية، وأهم الأنواع الشائعة «بروتين الواي» «الميغاماس»، «السيريوس ماس»، «الميسكل تاك» وغيرها من الأدوية التي تتوفر على نسبة من الهيدروكربوهات والدسم التي تفوق 50 بالمائة والبروتين المغذي للعضلات، حيث سيطرت هذه المنشطات على أغلب عقول الشبان المهووسين بأجسام كبار نجوم الرياضة، وأمسى اهتمامهم المفرط بكمال الأجسام واستعراضهم لعضلاتهم السبب الرئيسي لتناولهم لمواد تباع بأسعار خيالية تفوق في العديد من الأحيان مبلغ 15 ألف دينار للعلبة الواحدة باعتبارها أسرع سبيل لبناء عضلات قوية ومادّة لزيادة الطاقة يعتمد عليها الشباب بصفة كبيرة كي تظهر أجسامهم موافقة للمقاييس المعمول بها عالميا، والتي يتابعونها من خلال وسائل الدعاية المختلفة أين وجدنا معظم هؤلاء اللاعبين يقفون في طوابير غير متناهية من أجل الحصول عليها بالرغم من أثمانها الباهظة التي كشفوا لنا بأنهم يضخون جميع أموالهم مقابل الظفر بها.