تعيش الأندية الجزائرية المسماة "المحترفة" تحت خطر إعلان الافلاس ما يهدد باختفائها في القريب العاجل بسبب أحوالها المالية المتدنية والفشل في إيجاد مصادر دعم مالي دائمة تستطيع من خلالها الانفاق على نفسها والاكتفاء ذاتياً لمواجهة أعبائها المالية المتزايدة بسبب النشاط الكروي المتصاعد وارتفاع أسعار وأجور اللاعبين والمدربين الى الملايين من الدينارات، وبالرغم من ان هذه الأزمة ليست جديدة، إلا أن الأندية بدأت في تصعيدها في ظل وجود أندية تابعة لشركات وهيئات حكومية كبرى في الجزائر تنفق ببذخ شديد على النشاط الكروي و يأتي في مقدمتهم فريق مولودية الجزائر التابع لشركة سوناطراك، و بدرجة اقل فريق مولودية وهران، شبيبة الساورة و شباب قسنطينة وهي أندية أثرت النشاط الكروي الجزائري لكنها في الوقت نفسه استفزت الأندية الشعبية الأخرى باعتبار أن ميزانياتها من أموال الشعب. و كانت الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد في السنوات الأخيرة من جراء تراجع أسعار النفط، وراء تعقيد مهمة مسيري الأندية في استقطاب الممولين ضمن المتعاملين الاقتصاديين سواء منهم العموميين أو الخواص. و حتى أولئك الذين استثمروا في السابق في الكرة الجزائرية، قرروا تخفيض مساهمتهم المالية بشكل كبير.في هذا السياق، ناشد الرئيس الجديد للاتحادية الجزائرية لكرة القدم خير الدين زطشي، رؤساء الأندية انتهاج سياسة "الروح الرياضية المالية"، كما يعتزم إعادة تفعيل المديرية الوطنية للمراقبة والتسيير، وهي هيئة أنشئت "لمرافقة الأندية المحترفة ومساعدتها في إعادة التوازن في ميزانياتها". انطلاق الموسم الكروي الجديد وسط العديد من المشاكل المالية انطلقت أول أمس وأمس منافسات الرابطتين المحترفتين الأولى والثانية، وسط العديد من المشاكل المالية بدليل أن بعض الأندية وجدت صعوبة في تسوية ديونها من أجل تأهيل اللاعبين الجدد، وتعاني بعض غالبية الأندية خطر الإفلاس وفقدانها صفة النادي المحترف، بسبب غرقها في الأزمات والتناقضات والمشاكل التي تتعلق أساسا بالمشاكل المالية التي تعاني منها منذ فترة طويلة، لكنها اشتدت منذ تطبيق مشروع الاحتراف قبل ثماني سنوات، ونتج عن كل هذا سوء تسيير فاضح للأندية واختلالات في موازناتها المالية ما أغرقها في وحل الديون ومشاكل لا حصر لها، في ظل سياسة التقشف المتبعة في كل المجالات. رئيس الرابطة يطلق صافرات الإنذار ورغم صافرات الإنذار التي أطلقها مراقبون ومتابعون، آخرها رئيس الرابطة الجديد عبد الكريم مدوار، قصد ترشيد النفقات ورسم سياسة تسيير واضحة المعالم لتفادي الأسوأ، إلا أن الأندية الجزائرية لم تشذ عن القاعدة قبل انطلاق كل موسم كروي، فهي من جهة تشكو الضائقة المالية وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين والهيئات التي تتعامل معها وكذا لوازم التحضير للموسم الجديد، فتلجأ إلى حد "التسوّل" لدى السلطات المحلية والشركات الاقتصادية وكذا الممولين، ومن جهة أخرى فإنها تقوم بصرف هذه الأموال في معسكرات خارجية، وتتسابق على التعاقد مع اللاعبين بمبالغ مالية خرافية، لتعود بعدها وتشتكي مرة أخرى كثرة الديون وشح الموارد المالية، في مشهد يوضح بما لا يدع أي مجال للشك سقوطها في وحل التسيير الهاوي وافتقادها الاحترافية في تنظيم موازنتها ورسم خطة واضحة المعالم، وفي غياب هيئات تردعها وتحاسبها وتعيدها إلى جادة الصواب. تربصات بالخارج بالعملة الصعبة و الأندية الهاوية تدخل الخط وكانت أغلب الأندية الجزائرية وفية لتقاليدها بعد أن نظمت تربصاتها للموسم الجديد خارج الوطن، ولم يقتصر هذا الأمر فقط على الأندية "المحترفة" بل امتد إلى الأندية الصغيرة التي تنشط حتى في قسم الهواة، واختارت الأندية الجزائرية التربص بعدة بلدان تبقى أبرزها تونس التي تعد وجهتها المفضلة منذ سنوات، وتختار الأندية غالبا إقامة معسكراتها في عين الدراهم وحمام بورقيبة وسوسة، ورغم من توفر بعض مراكز التحضير بالجزائر على غرار مدرسة الفندقة بعين البنيان بالعاصمة، والمركّب الرياضي بمنطقة تيكجدة والمركّب الرياضي "الباز" في سطيف و"لالّة ستّي" بتلمسان، إضافة إلى المركز الفني بسيدي موسى بالعاصمة المخصص للمنتخبات الوطنية، إلا أن مسؤولي الأندية يفضّلون غالبا برمجة تربصات أنديتهم خارج البلاد. تونس، المانيا، المجر، فرنسا و تركيا قبلة الأندية و البلد الأم خارج مجال التغطية وفيما يخص التحضير للموسم الكروي الجديد 2018/2019، قامت أغلب الأندية ببرمجة معسكراتها خارج البلاد على غرار نادي بارادو، الذي اختار التربص بالمجر، بينما اختار فريق شبيبة القبائل إقامة معسكره السنوي في ألمانيا، وأقام فريق مولودية وهران معسكره بتركيا، بينما كان فريق اتحاد العاصمة الفريق الوحيد الذي كانت خطته لتحضير الموسم الجديد واضحة ومنطقية، فبالنظر لمشاركته في كاس الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف)، قام ببرمجة معسكر طويل جرى على ثلاثة مراحل، الأولى بالجزائر، والثانية في كينيا قبل أن يشد الرحال إلى رواندا، ليعود بعدها إلى الجزائر لاستكمال التحضيرات، فيما فضل البقية التحضير في تونس.لكن هذه الأندية تقع في تناقض صارخ، كون جميعها تشكو الأزمة المالية والديون المتراكمة عليها، غير أنها لا تتوانى في صرف الأموال بالعملة الصعبة على معسكرات خارجية، فضلا عن تعاقدها مع لاعبين بتكاليف وأجور باهظة. 92.5 مليون يورو القيمة التسويقية للبطولة الجزائرية صنّف موقع "ترانسفير ماركت"، المختص في إحصائيات الأندية والمنتخبات والبطولات واللاعبين حول العالم، البطولة الوطنية لكرة القدم، في المرتبة الرابعة في ترتيب أغلى بطولات القارة الإفريقية.وحسب ذات التصنيف، تأتي بطولة جنوب إفريقيا في صدارة البطولات من حيث الإنفاق في القارة السمراء، بمبلغ 139.85 مليون أورو، متبوعة بالبطولة المصرية التي بلغت قيمتها 137.40 مليون أورو، فيما حلّت البطولة المغربية في المركز الثالث وبلغت قيمتها التسويقية 131.53 مليون أورو، متقدمة على البطولة الجزائرية (92.5 مليون أورو)، والتونسية (84.73 مليون أورو)، ثم الغانية، التي جاءت سادسة (22.20 مليون أورو). وزير الشباب و الرياضة ينتقد الواقع المتناقض للأندية الجزائرية وكان وزير الشباب والرياضة الجديد محمد حطاب انتقد مؤخرا الواقع الذي تعيشه الأندية الجزائرية، حيث دعاها إلى ضرورة ترشيد نفقاتها، وإقامة معسكراتها بالجزائر تقليلا للمصاريف الكثيرة التي تقع على عاتقها، وقال الوزير إنه "من غير المعقول أن تتنقل الأندية إلى الخارج من أجل مواجهة بعضها وديا في المعسكرات التي تقام هناك"، قبل أن يضيف:"أصبحت تمتلك مراكز رياضية قادرة على احتضان المعسكرات التحضيرية للنوادي الجزائرية وتفادي إجرائها بالخارج"، مستشهدا على سبيل المثال بمراكز "الباز" بولاية سطيف وكذا المراكز الرياضية بولايات سيدي بلعباس والشلف وتضاف لها مراكز أخرى في طور الإنجاز.