تؤكد كرة القدم من عام لأخر أنها نموذج حي لنجاح الشخص المثابر المؤمن بقدراته التي تسمح له بالوصول إلى تحقيق أحلامه مهما كانت الظروف التي يمر بها في مشواره ، ولعل اللاعبين الجزائريين عدلان قديورة وفؤاد قادير يمثلان أبرز هذه الحالات التي حولتهما من لاعبين مغمورين قبل 6 أشهر إلى نجمين يستعدان للمشاركة في المونديال. يتواجد عدلان قديورة وفؤاد قادير حاليًا بمرتفعات «كرانس مونتانا« السويسرية رفقة منتخب الجزائر في معسكر تحضيري تحسّبًا لنهائيات مونديال جنوب أفريقيا المقررة من 11جوان إلى 11 جويلية القادمين. وقال قديورة في تصريح صحافي أنه يضاعف من جهوده للدفاع عن الألوان الوطنية بكل قوة كهدف أساسي للمرحلة المقبلة، معتبرًا أن الأمر لا يتعلق بكأس العالم المقبلة فحسب، بل أيضًا للمواعيد التي ستأتي بعدها. وأبدى قديورة سعادته بالتواجد ضمن المنتخب الجزائري في معسكر سويسرا. وبعدما هنّأ زملاءه بتأهلهم المشرف إلى كأس العالم بعد 24 سنة من الغياب، اعتبر قديورة استدعائه للمنتخب الجزائري« شرفًا كبيرًا له«، متمنيًا أن تتاح له «فرصة تقديم الكثير مع الخضر«.ولاحظ قديورة أن الأجواء داخل المنتخب «عائلية و حميمية«، وهو ما شعر به منذ بداية المعسكر، مشيرًا بقوله «نعيش كعائلة واحدة في أجواء مرحة«.قادير وقديورة وللعلم فإن عدلان قديورة يعد ابن اللاعب الدولي الجزائري السابق لفترة السبعينات ناصر قديورة، وقد بدأ عدلان مشواره الرياضي ضمن أندية فرنسية صغيرة كسيدان ونوازي لوساك وكريتاي قبل أن يلتحق بالدوري البلجيكي في سبتمبر 2008 حيث لعب نصف موسم مع نادي كورتري ثم سنة ونصف مع شارللوروا الذي شهد بروزه على الصعيد المحلي ولفت انتباه مدرب نادي وولفرهامبتون الانكليزي مايك ماكارثي الذي أقنع إدارة الفريق في جانفي الماضي بإعارته لمدة ستة أشهر، وهي الصفقة التي كانت بمثابة فعل خير على اللاعب قديورة بحيث تمكن من جلب اهتمام المدير الفني لمنتخب الجزائر، رابح سعدان ،وذلك بفضل الإمكانيات الكبيرة التي أظهرها خلال الأشهر القلية الماضية وساهم في ضمان نادي وولفرهامبتون بقائه في الدوري الانكليزي الممتاز مما جعل إدارة النادي تشتري عقده من شارللوروا البلجيكي وأمضت مع اللاعب الجزائري عقدًا جديدًا بثلاث سنوات. وينشط قديورة( 24سنة) في مركز وسط ميدان دفاعي ولكنه يملك نزعة هجومية كثيرا ما تسمح له بتسجيل الأهداف بفضل تسديداته القوية، وهي الميزة التي أثنى عليها كثيرا مدرب وولفرهامبتون ،مايك ماكارثي مثلما أثنى سعدان أيضًا على إمكانيات هذا اللاعب الذي سيكافح خلال معسكر سويسرا للظفر بمكانة ضمن قائمة ال 23 لاعبًا المعنيين بالمشاركة بالمونديال كمرحلة أولى ثم العمل على التواجد ضمن التشكيلة الأساسية للخضر خلال مباريات المنافسة العالمية حيث يرتقب أن يكون الصراع على أشده في خط وسط الميدان الدفاعي الذي يضم أيضًا كل من قائد المنتخب يزيد منصوري، وحسن يبدة ومدحي لحسن. وتعد حالة فؤاد قادير الأكثر جلبا للانتباه بحكم أنه لم يوقع على عقده الاحترافي الأول مع نادي من الدرجة الأولى إلا لما بلغ 25 سنة وكان ذلك في صيف العام الماضي مع نادي فالناسيان الفرنسي، وقد فضل مدرب الفريق، فييلب مونتانيي إبقائه بكرسي الاحتياط طيلة مرحلة الذهاب من الدوري الفرنسي بسبب عدم تأقلمه مع المستوى العالي لدوري الدرجة الأولى بحكم أنه كان يلعب من قبل ضمن أندية فرنسية من الأقسام السفلى كفريقي كان ( من 2004 إلى 2007) وأميان (من2007 إلى 2009)، وذلك قبل أن يفرض وجوده بالتشكيلة الأساسية لنادي فالانسيان ويتألق بشكل ملفت في مرحلة الإياب من الدوري الفرنسي بحيث خاض 18 مباراة ،سجل خلالها هدفا واحد بمرمى حامل اللقب نادي بوردو وقدم أربع تمريرات حاسمة، مما جعل إدارة النادي تعرض عليه تمديد عقده لمدة سنتين، خشية رحيل اللاعب إلى نادي أكثر شهرة في حالة تألقه في مونديال جنوب أفريقيا. وقد استعرض قادير مسيرته مع فالانسيان في تصريح صحافي فقال «أمضيت وقتًا كبيرًا في بداية الموسم على مقاعد اللاعبين الاحتياطيين ، ثم تسارعت الأمور فجأة، فمنذ أشهر وأنا ألعب بطريقة مستمرة، وأحاول في كل مباراة إثبات قدراتي على اللعب على أعلى المستويات.» أما مدربه مونتانيي فقد تحدث عن حالة لاعبه قادير بقوله «لقد وصل إلى النادي مترددًا بعض الشيء، وأظهر صبرًا وعمل كثيرًا. وساعدته موهبته الفنية وقوته الذهنية في التأقلم بسرعة ضمن تشكيلة الفريق، وبالتالي فقد خاض المرحلة الثانية للدوري محققًا موسمًا ممتازًا ومقدمًا عروضًا لافتة على المستويين الفني والبدني«.وللعلم فقد سبق لفؤاد قادير(25سنة) تقمص ألوان المنتخب الجزائري الأولمبي في سنة 2005 في عهد المدرب مزيان ايغيل، ثم اختفى عن الأنظار إلى غاية استدعائه من طرف سعدان للمشاركة في معسكر سويسرا تحسّبًا للدفاع عن المنتخب الوطني الأول في المونديال . ويقول قادير حول مستقبله القريب مع منتخب الجزائر،«سأعمل كثيرًا، وأستمع كثيرًا. ثم إذا حالفني الحظ وكنت ضمن اللاعبين ال23، سأحافظ على تواضعي، والاستماع إلى النصائح. حتى ولو لم ألعب، الأمر ليس خطرًا، فأنا هنا لكي أتعلم...فدورة كأس العالم المقبلة هي الأولى لجيلنا والأولى للمنتخب منذ 24 عامًا. نشعر بحماس منقطع النظير حولنا، وأعتقد بأن هذا العامل قد يؤدي إلى ذهابنا بعيدًا في البطولة«، وقد أثنى موقع «الفيفا« كثيرًا على إمكانيات فؤاد قادير فقال في تقرير مطول عنه « إن ارتقاء مستوى هذا اللاعب الفائق السرعة يفرض الاحترام. يتذكر الجميع جيدًا بأنه كان وراء الهدف الذي أفقد بوردو بطل الموسم الماضي لقبه في مارس في المباراة التي انتهت بفوز فريقه 2-0 حيث كان الهدف الذي سجله، الأول له في الدرجة الأولى الفرنسية. ووجد نفسه في دائرة الأضواء عندما قام بتقبيل سوارًا من الإسفنج حول معصمه بألوان العلم الجزائري كان يحمله من أيام نادي إيميان« ويقول قادير في هذا الصدد «صحيح بأنني ولدت في جنوبفرنسا، ولكن والداي جزائريان، ولطالما كنت أفكر بالانضمام يومًا ما إلى صفوف المنتخب الجزائري«.