كلثوم أو عائشة عجوري التي ولدت بتاريخ 4 أفريل 1916 بمدينة البليدة لتقع وهي في سن الثالثة عشر في قبضة الفنان محي الدين باشطارزي عند أول وهلة قرأ الرجل في عينيها الشخصية الأنثوية الشجاعة التي بإمكانها أن تقلب الساحة المسرحية رأسا على عقب، فشجعها على العمل المسرحي فعملت كفنانة راقصة ضمن فرقة مسرحية تونسية لمدة ثلاث سنوات لتنخرط بعدها في فرقة باشطارزي المسرحية وتتألق في عدة أدوار وهناك برزت شخصيتها الفنية القوية لتلتقطها فرقة المسرح العربي التابع لدار الأوبيرا قبل إغلاقه عام 1955وعندما اشتد وهج حب المسرح لدى الطفلة العاشقة التحقت بالمسرح الوطني وهناك انفجرت مواهبها الراكنة في العمق بمجرد احتكاكها بعمالقة المسرح الجزائري على غرار الفنان مصطفى كاتب والمخرج المسرحي عبد الحليم رايس في مسرحية «أبناء القصبة» وتألقت الممثلة «كلثوم» في مختلف الأدوار المنتسبة لها ولعل لقاءها بنخبة من الممثلين والكوميديين الجزائريين أهل حبيبة المسرح لكي تكون وبسرعة رصيدا مسرحيا كبيرا على غرار «وردة حمراء من أجلي« «لعلاب المحب« و«السلطان الحائر« رفقة يحيى بن مبروك والحاج إسماعيل وسيد علي كويرات وسيد أحمد أقومي ورويشد في مسرحية «حسان الطيرو« و«ديوان القراقوز« لولد عبد الرحمان كاكي مع عبد القادر علولة و«سكة السلامة« للفنان المسرحي المصري الراحل سعد أردش إضافة لمسرحيات «متعصبون« لحاج عمر« و»عفريت» مع محمد بن قطاف وأعمال أخرى فارق عددها السبعين وكانت الممثلة القديرة كلثوم رحمها الله أول عربية تدخل أكبر تظاهرة سينمائية فنية عالمية وهي مهرجان «كان« وأول جزائرية تمشي على السجاد الأحمر نتيجة تألقها الكبير والاستثنائي في الفيلم الجزائري الشهير «ريح الأوراس سنة 1966 ويتوج بالسعفة الذهبية لمخرجه محمد لخضر حمينة وكان الفيلم أنذاك الأحسن على الإطلاف تاركا بصمة خاصة في الطبعة العشرين سنة 67 من مهرجان كان بباريس ولعلّ ما خلفه الفيلم من إنطباعات إيجابية حول تسجيد واقع المرأة الجزائرية المضطهدة من طرف الاستعمار الفرنسي جعل هيئة مهرجان الفيلم العربي بباريس لا تتفانى في تكريم هذا الوجه السينمائي عالي القيمة سنة 1984 فكانت كلثوم مركز الحدث مرة أخرى ليتم أيضا استدعاؤها شرفيا إلى كان سنة 1975 خلال تتويج فيلم «وقائع سنين الجمر« ويظل اسم كلثوم اللاّمع باستمرار في تصدره الرّيادة والأولوية في تكسير اضطهاد الوجه الأنثوي في المسرح الجزائري والعربي لتكون الرائدة في خلق أدوار عن المرأة الجزائرية حياتها ومعاناتها إبان الثورة التحريرية ومن يذكر اليوم اسم كثلوم يتبادر إلى ذهنه مباشرة تلك المرأة الطيبة الساذجة التي تبحث عن ابنها المخطوف من طرف العسكر الفرنسي أين تحلّق صورة إمرأة فقيرة في مشهد درامي لا ينسى تقدم للجيش دجاجة قائلة له: «خذ هذه الدجاجة وأعيدوا لي إبني فهو بريء« لتصطدم طيبة المرأة بمكر المستعمر الذي يركلها فتسقط باكية واستطاعت الأم والمعلمة الكبيرة أن ترفع بأصابعها العشر المسرح الجزائري من الاضطهاد والاستعمار إلى المحافل العالمية ولعل الفيلم السينمائي الشهير «الريح السرسار« و«وقائع سنين الجمر« و‘‘حسان الطيرو‘‘ وبدون جذور و‘‘حسان النية ‘‘وغيرها من الأفلام الجزائرية المعروفة الأكثر تعبيرا على حقيقة الثورة الجزائرية التي كانت تسعى إلى تحرير الشعب من البطش والاستعباد الغاشم فكانت كلثوم الوجه النسائي الأول الذي منحته الحياة سمة القدرة على التمثيل والصدق في التعبير وذلك بفضل شخصيتها الفذة التي تكتنز مبادئ المسرح العفيف. سلوى لميس مسعي