أفضى اجتماع مجلس شورى حركة مجتمع السلم الذي دام إلى ساعة متأخرة من ليلة أول أمس، إلى قرار التخلي النهائي عن حقائبها الوزارية والخروج من الحكومة، بينما أبقت «حمس» على مشاركتها في البرلمان والبقاء أيضا ضمن تكتل الجزائر الخضراء. قررت حركة مجتمع السلم ، تطليق الحكومة بالثلاث ورفض المشاركة في الحكومة الجديدة المنبثقة عن الإنتخابات التشريعية ل 10 ماي، والتي صعق فيها الأفلان، منافسيه بحيازته على 220 مقعدا في البرلمان. قرار الانسحاب من الحكومة صوت عليه غالبية الأعضاء في مجلس الشورى للحركة، ما يعني أن الوزراء الاربعة سيحزمون حقائبهم للإلتحاق بزملائهم في معرضة يبتغيها ابو جرة سلطاني شرسة داخل البرلمان، ودعم موقفه عبد العزيز بلخادم الذي قال أول امس أن البرلمان القادم سيكون فعلا سرشا لسبب واحد وهو وجود الأفافاس وتكتل الجزائر الخضراء. وأفادت مصادر من داخل مجلس الشورى أن الجدل إحتدم بين فريقين، لكن الأغلبية المتمثلة في 134 عضوا، صوتوا لقرار الخروج من الحكومة، و فريق من أقلية ب35 عضوا صوتوا للإستمرار فيما سموه «المشاركة و رفض سياسة الكرسي الشاغر»، وإنظم وزير الأشغال العمومية، عمار غول، إلى تيار المشاركة و هو الذي ترشح عن قائمة «الجزائر الخضراء» في الجزائر العاصمة و حصد غالبية المقاعد فيها. وقرر مجلس الشوري، تثبيت رئيس الحركة أبو جرة سلطاني، في منصبه رئيسا وأبعده عن المقصلة بعد ما تردد من احتمال سحب الثقة منه قياسا بالنتائج الهزيلة التي حققها الحمسيون في التشريعيات و، بعد أن رغب «مناوئوه» إزاحته و هو الذي يرأس الحزب منذ تسع سنوات خلفا لمؤسس الحركة و رئيسها الأول، الراحل محفوظ نحناح. وقررت »حمس» المشاركة في البرلمان الذي نتج عن تشريعيات العاشر ماي، حيث حصل «تكتل الجزائر الخضراء» على 47 مقعدا، و حاولت أحزاب معارضة اتهام السلطات ب»تزوير» الانتخابات، إستمالة «التكتل الإسلامي» لقرار مفترض بمقاطعة الجلسات البرلمانية، و جاء رد التكتل الثلاثي رافضا.حصاد «حمس» في التشريعيات أصبح، حقيقة يطرح تساؤلا مفاده :هل تخلت السلطة عن ورثة الراحل نحناح، لتتخلى بذلك عن مهام «مندوب التوازنات « السياسية في دواليبها؟، الجواب عن السؤال ظهر فيما قرره أبو جرة سلطاني من الإنسحاب من الحكومة ، وهو الذي فهم»مكرها» أن مسايرة النهج المزدوج، لم يعد يأت أكله، في وقت «كهرب» الآفلان» منافسيه، وهو أولهم ب»221 فولط»، وهي الصعقة الكهربائية التي لا تقتل ولكنها «قد تعوق»، كما تعوق تفكير قيادة «حمس» في شأن البقاء في الحكومة، برباعي وزرائها أو الخروج منها والالتحاق بالمعارضة، قبل الفصل النهائي في المسألة. ويعتبر قرار مقاطعة الحكومة، نهاية مسار شرعت فيه الحركة منذ نهاية العام الماضي، حيث طلقت التحالف الرئاسي الذي شاركت فيه منذ 2004 ، و الذي جمعها بكل من جبهة التحرير الوطني، و التجمع الوطني الديمقراطي. إلى حين قرار الإنسحاب من الحكومة، وقد تعرضت الحركة إلى أكبر هزة، إثر وفاة مؤسسها محفوظ نحناح يوم 29 جوان 2003، غير أن رحيله لم يغير في الحركة سوى ميل اكبر لكفة السلطة على حساب « النضال و المناضلين» من خلال «مطالبة» خليفة نحناح، أبو جرة سلطتني بالإستوزار، إقتداء بشريكيه في التحالف، وهو الموقف الذي ضعف كثيرا من مواقف الحركة، وظهر جليا منذ إعلانها مساندة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رئاسيات 2004، على حساب مرشح من بيتها، ولعل الرئيس الأسبق للحكومة ، مولود حمروش، عبر بوضوح عن موقفه من «تصرف» الحركة بمساندتها للرئيس ، لما رماها ب» الخيانة» كونها قدمت نفسها على أنها معارضة لترشح بوتفليقة من خلال عضويتها في مجموعة العشرة زائد واحد، لتعلن المساندة في اللحظات الأخيرة.وقد انفردت حركة المجتمع السلم» حماس» سابقا، بتوجه خاص وسياسة متميزة جدا في علاقاتها مع السلطة و الحكومة، منذ زمن مؤسسها الأول، الراحل محفوظ نحناح، فوضعت رجلا في الحكومة باسم «المشاركة» الإيجابية وأخرى في المعارضة من أجل «حفظ ماء وجهها أمام مناضليها»، ورغم أن الحركة ولدت من رحم المعارضة السرية سنوات حكم الراحل بومدين، إلا أن خطها بدا واضحا منذ اليوم الأول الذي وضعت فيه أوراق اعتمادها لدى وزارة الداخلية التي كان يرأسها محمد الصالح محمدي، غداة إقرار التعددية في الجزائر. خط نحت على مبدأ التمثيل الإسلامي في الحكم، من أجل التوازنات.لكن لا أحد كان يتنبأ بان «حمس» هو العنوان اللاحق ل» مجموعة الموحدين « التي أسسها « في السر» الراحلان محفوظ نحناح وبوسليماني، وكلفهما التوقيف و السجن، من قبل سلطة الحزب الواحد آنذاك.