أدى الوجود الاستعماري في السابق إلى اختلال بنية المجتمع الجزائري و بعد الاستقلال حاولت الدولة إدخال تغييرات عليها لجعله أكثر انسجاما مع الحداثة ومتطلبات العصر. لكن التحولات الإنتقالية التي مست المجتمع الجزائري أثرت على مختلف مكوناته و افرزت جملة من التصرفات لم تكن معروفة في النسيج الإجتماعي نتيجة لما فرضته الأوضاع من سبق متسارع وغير منتظر بعيد عن القيم السائدة في المجتمع حيث لم يستثن هؤلاء المجتمع الجزائري من هذا التطور السلبي، باعتباره شهد سلسلة من التحولات غير المنتظمة التي هزت قوة ودور المؤسسات التربوية والإجتماعية والقانونية داخل المجتمع و حملت آثارا سلبية مست التكوين الإجتماعي والسلوكي للفرد الجزائري، وبالأخص عند فئة الشباب و معاناتهم التهميش وإقصاء عن كل القرارات الحاسمة في الحياة السياسية والاقتصادية للمجتمع. إضافة الى التفكك البناء الاجتماعي نتيجة للتباين الصارخ بينها وبروز الطبقية الناتجة عن الثراء الفاحش لبعض الأقليات و تجلي مظاهر التفكك الأسري و انهيار التقاليد والقيم الإجتماعية والأخلاقية ، إلى جانب تفشي الفقر والبطالة وتنامي ظاهرة العنف و التطور الرهيب للفعل الإجرامي منذ أحداث أكتوبر 1988 حسب ما تشير اليه الأرقام والإحصائيات المتوفرة التي كشفت في طياتها عن بروز أشكال جديدة من ظواهر العنف والفعل الإجرامي من الإدمان ، الإنتحار و الإغتصاب الذي اعتبر كظاهرة غريبة عن المجتمع و التي برزت اول بوادره اثناء العشرية السوداء و فقد النظام بعد احداث اكتوبر سنة 1988 شرعيته سيما بعد قيام النظام السياسي على القوة ليبلغ المجتمع مستويات عالية من التفكك وانقلاب سلم القيم والمعايير رأسا على عقب تحت ضغط التحولات السريعة على رأسها تحول الجهوية و القبلية الى سلطة و قوة تفرض ذاتها على القرارات انجر عنها المحسوبية و الوساطة و الرشوة ، مما أدى إلى نشوء الإحساس بالظلم والإقصاء لدى شرائح عريضة من المجتمع وبروز مصطلحات موهومة عن الديمقراطية ادت بالمجتمع الى الانفجار عبر الاحتجاجات السلمية و العنيفة التي ميزت اغلب الولايات في السنوات الاخيرة. بالتالي فان المجتمع الجزائري يتخبط في سلسلة من التغيرات المتسارعة التي افقدته اغلب معالمه و عوالمه .