أوضح السيد مزياني طاهر أستاذ مادة علم النفس الاجتماعي بجامعة تيزي وزو أن العنف سلوكٌ مكتسبٌ وليس فطريا يتعلمه الفرد خلال أطوار التنشئة الاجتماعية، فالأفراد الذين يكونون ضحية له في صغرهم، يُمارسونه على أفراد أسرهم في المستقبل• ومن بين آثار هذه الظاهرة على الأفراد، نشوء العقد النفسية التي قد تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية أو سلوكيات عدائية أو إجرامية بين المواطنين، كما أنها تساهم في تفكك الروابط الأسرية وانعدام الثقة وتلاشي الإحساس بالأمان، والتي تهدد كيان المجتمع بأسره، مضيفا أن هذه الظاهرة لم تكن سائدة من قبل بل هي دخيلة على مجتمعنا أرجعها الى ما يشاهدونه يوميا عبر الفضائيات، مما أفرز الوحدانية في التفكير وغياب الاتصال بين أفراد الأسرة الواحدة، خاصة بين الجيل المثقف والآباء الأميين• اللجوء للعنف لإثبات الرجولة ومن جهة أخرى اكد ذات المتحدث أن للقيم الثقافية والمعايير الاجتماعية دوراً كبيراً ومهماً في تبرير العنف، إذ أن قيم الشرف والمكانة الاجتماعية تحددها معايير معينة تستخدم العنف أحياناً كواجب وأمر حتمي• وكذلك يتعلم الأفراد المكانات الاجتماعية وأشكال التبجيل المصاحبة لها والتي تعطي للقوي الحقوق والامتيازات التعسفية أكثر من الضعيف في الأسرة، وهذا ما ينطبق - كما يقول - على بعض الأزواج في منطقة القبائل حيث أن الزوجة تكاد تعبد زوجها خوفا من تجبره وممارسته العنف عليها والذي يعتبره الزوج المقياس الذي يبين مقدار رجولته، وإلاّ فهو ساقط من عداد الرجال• الخيبة والفقر والإحباط أسباب الظاهرة وعلى صعيد آخر أرجع بعض المواطنين الذين تحدثنا إليهم عن هذه الظاهرة الى الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيشها المجتمع الجزائري، خاصة انتشار شبح البطالة وتراجع القدرة الشرائية التي تحمل الآباء والأبناء على حد سواء على استخدام العنف في أسرهم لتفريغ شحنة الخيبة والفقر الذي تظهر آثاره في اللجوء الى مثل هذه الأساليب غير حضارية• كما أنهم يلجؤون أيضا الى تعاطي الكحول والمخدرات للهروب من مواجهة هذا الواقع المر• ولمواجهة ظاهرة العنف في الأسري دعا الاستاذ مزياني طاهر الى العودة الى تعاليم ديننا الحنيف الذي يدعو إلى التراحم والترابط الاسري، داعيا في ذات السياق السلطات المعنية الى تنظيم ملتقيات وطنية من أجل توعية المواطنين بخطورة هذه الظاهرة•