رافع الرئيس بوتفليقة في كلمة قرأها نيابة عنه أحمد أويحيي بقمة "الثمانية-إفريقيا" المنعقدة بلاكويلا الإيطالية، لصالح تطبيق الوعود التي قدمتها مجموعة الثمانية للقارة الإفريقية في أقرب وقت واعتبر دعم المجموعة الدولية ضروريا كي يبلغ الجهد الإفريقي مداه في مجال ترقية السلم والأمن والاستقرار، كما أكد ضرورة محاربة ظاهرة القرصنة في عرض السواحل الصومالية لكنه لا يمكن، برأيه، التعاطي معها بمنأى عن إشكالية تعزيز الدولة بالصومال. بعد استعراضه لمسار الشراكة بين مجموعة الثمانية وإفريقيا بدءا من قمة جنوة إلى قمة هوكايدو، توياكو سنة 2008، أكد الرئيس بوتفليقة بأن إفريقيا بذلت جهودا غير مسبوقة لصالح ترقية السلم والأمن والاستقرار معتبرا النجاحات المسجلة في هذا الإطار لا سيما من خلال تطوير منظومة شاملة للسلم والأمن ينبغي أن تحسب في سجل إنجازات هذه القارة وتأتي تتويجا لعزمها على التكفل بنفسها وعلى رفع ما يمكن أن يواجهها من تحديات. رغم ذلك أكد بوتفليقة بأن دعم المجموعة الدولية يبقى ضروريا كي يبلغ الجهد الإفريقي مداه ومبلغه، ويُبرهن على هذا الأمر، يضيف، الأزمة الصومالية والنزاع الدائر بدارفور في السودان، وشدد على ضرورة محاربة بقوة ظاهرة القرصنة في عرض السواحل الصومالية لكنه لا يمكن التعاطي معها، يقول، بمنأى عن إشكالية تعزيز الدولة بالصومال ذاتها. ولدى تطرقه إلى الأزمة المالية العالمية، أكد بأن هذه الأخيرة وهي حديث الساعة جاءت لتذكر بمقتضى تقديم دعم تضامني لإفريقيا لمساعدتها على تخطي الصعوبات الناجمة عن هذه الظاهرة وتمكينها من رفع تحديات تنميتها واندماجها بشكل دائم، وبرأيه فإن التوقعات التي نشرها البنك العالمي مؤخرا والمتعلقة بآفاق التنمية في البلدان النامية ولا سيما في إفريقيا تستحق التوقف عندها مطولا لأكثر من سبب، باعتبار أنها تعطي أولا إشارات مثيرة للانشغال حقا بالنسبة لقارتنا خاصة وأن التوقع القائل بأن نسبة النمو الاقتصادي في إفريقيا ستكون أقل من 2% يكتسي عميق المغزى إن نحن قارناه بنسبة 7% الموصولة التي كان يتعين على الاقتصاديات الإفريقية بلوغها للتطلع إلى تحقيق محتمل للأهداف الإنمائية للألفية، ناهيك عن كون انخفاض نسبة التنمية سيتجسد بإفريقيا أكثر من باقي أصقاع العالم بتبعات اجتماعية لا تطاق، ونفس المعاينة تنطبق على التوقعات القائلة بجفاف تدفق رؤوس الأموال الخاصة وتقليص تمويل التنمية وتراجع التجارة العالمية. وأمام هذه المعطيات دعا الرئيس بوتفليقة إلى ضرورة إيجاد للوسائل التي تتيح لنا التعاطي بصفة استعجالية ودائمة مع هذا الوضع، واعتبر التعهدات التي أخذتها مجموعة الثمانية لصالح إفريقيا تندرج في هذا إطار معربا عن عرفان القارة لشركائها الذين أبوا إلى أن يؤكدوا مجددا صلاحية وعودهم موضحا بقوله "الأولوية التي تقع علينا وجوبا تتمثل من ثمة في التأكد من تطبيق هذه الالتزامات ذاتها في أقرب وقت"، كما أكد بأن القرارات التي اتخذتنها مجموعة العشرين خلال قمتها بلندن والتي تتوخى تقديم المزيد من التمويلات لصالح إفريقيا وتعزيز تمويل البنك الإفريقي للتنمية هي خطوات أخرى في الاتجاه الصحيح لا سيما إن هي أحدثت مفعولها سريعا خاصة في جانب صرف الأموال، وبرأي المتحدث فإنه لا يصلح لا لازدهار إفريقيا واستقرارها ولا لتوازنات العالم أن يستمر بقاء وضع الإقصاء الحالي للقارة الإفريقية. وفيما يتعلق ملف التغيرات المناخية، أكد الرئيس أن إفريقيا المتضامنة مع الكفاح العالمي ضد هذه التغيرات تشارك في هذا المجهود ليس فحسب من خلال منظوماتها الإيكولوجية لكن كذلك من خلال أعمال طوعية للتقليص من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إلا أن الإمكانيات الضئيلة التي تتوفر عليها، يقول، لا تتيح لها التوفيق بفعالية بين مقتضيات التنمية وضرورة التكيف مع التغيرات المناخية التي تشكل من جهة أخرى عوامل مشددة لمشاكل التصحر والجفاف وانحسار الغطاء الغابي وتدهور الأراضي والوصول إلى المياه التي ستطرح نفسها بحدة شديدة على معظم البلدان الإفريقية، وأمام هذا الوضع دعا إلى التكفل بحاجيات إفريقيا المشروعة خاصة في مجال التكيف مع التغيرات المناخية وذلك خلال ندوة كوبنهاغن المرتقبة بعد أشهر. وخلال الحيز المخصص ل"الأمن الغذائي العالمي" من قبل قمة مجموعة الثمانية، أكد بوتفليقة في كلمة ثانية ألقاها أويحيي على ضرورة مراجعة أنماط الإنتاج الفلاحي في العالم وترقية قواعد الإنصاف والشفافية في سير سوق المنتوجات الغذائية، معتبرا "خيار ثورة خضراء يفرض نفسه بصفته السبيل الذي ينبغي أن نطرقه حتما من أجل إخراج إفريقيا نهائيا من دوامة الأزمات الغذائية"، كما أكد بأن المشكل الرئيسي الذي يطرح هو نقص الاستثمار على المدى الطويل في الفلاحة وفي التنمية الريفية العالمية. وبعد أن ذكر بأنه "تمت تعبئة موارد هامة نوعا ما و أخرى أهم تم الإعلان عنها"، حيا الرئيس "مبادرة حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية بخصوص إطلاق آلية تمويل بمبلغ 15 مليار دولار موجه إلى دعم البلدان الأكثر تضررا من آثار الأزمة الغذائية العالمية"، وأوضح بأن "البلدان الإفريقية التزمت باتخاذ كل الإجراءات الضرورية من أجل رفع الإنتاج الفلاحي وضمان الأمن الغذائي لاسيما من خلال تطبيق البرنامج الواعد والذي اعتُرف به كذلك من قبل شركائنا ألا وهو البرنامج المدمج من أجل تطوير الفلاحة في إفريقيا".