سطرت الجزائر برنامجا يهدف إلى توفير علاج نوعي بأقل تكلفة وتخفيض فاتورة الاستيراد، حيث تهدف سياسة تشجيع إنتاج ووصف واستهلاك الأدوية الجنيسة التي تعتبر من بين اهتمامات الصناعة الصيدلانية في الجزائر التي تحيي هذه السنة خمسينية استقلالها إلى تحقيق هذه الأهداف خاصة وأنه تم اتخاذ إجراءات تمنع استيراد 450 نوع من الأدوية المنتجة محليا . عرفت العشرية الأخيرة توسيع في عدد وحدات الإنتاج المحلي للأدوية الجنيسة استجابة لطلبات الصحة العمومية، حيث بلغت 55 وحدة من بينها 9 وحدات تابعة لمجمع صيدال بنسبة 80 بالمائة من الأدوية الجنيسة من مجموع الأصناف التي تصنعها فإن وحدات الإنتاج التابعة للقطاع الخاص وتلك التي تعمل في إطار الشراكة مع مستثمرين أجانب انتهجت نفس السياسة لضمان تغطية شاملة بأقل تكلفة . وحرصا على تشجيع وحماية الإنتاج المحلي، تم اتخاذ إجراءات تمنع استيراد 450 نوع من الأدوية المنتجة محليا وقد دفع هذا القرار وحدات الإنتاج التي كانت تعمل بوتيرة تتراوح ما بين 10 إلى 30 بالمائة من تعزيز قدراتها، كما ساهمت الإجراءات الجديدة في اقتصاد 6 ملايين أورو أي ما يعادل 8.7 بالمائة من سوق الأدوية عرفت حصة الأدوية الجنيسة زيادة مستمرة، حيث انتقلت خلال العشرية الأخيرة من ما يقارب 40 بالمائة إلى ما يقارب 50 بالمائة، كما شهد الإنتاج المحلي قفزة نوعية حيث انتقل من ما قيمته 291 مليون أورو إلى 440 مليون أورو خلال العشرية الأخيرة . كما ساهمت الإجراءات التحفيزية التي اتخذها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في تشجيع استهلاك الأدوية الجنيسة من خلال تعاقده مع الوكالات الصيدلانية الخاصة، حيث تستفيد هذه الأخيرة من نسبة 10 بالمائة من السعر الإجمالي للوصفة الواحدة إذا تم توجيه المريض نحو الأدوية الجنيسة التي يشملها السعر المرجعي و20 بالمائة إذا تعلق الأمر بتشجيع استهلاك الإنتاج المحلي، وقد شهد القطاع الصيدلاني تحسنا ملموسا بعد القرارات التي اتخذتها الحكومة من أجل حمايته وتشجيع إنتاج الأدوية الجنيسة التي يتوقع بلوغها 70 بالمائة في سنة 2014 . ومن جهة أخرى، فقد تخلت الدولة عن احتكارها لسوق الأدوية في بداية التسعينات غير أنها ظلت تبحث عن تحقيق توزان بين الإنتاج المحلي وفاتورة الاستيراد التي لازالت تثقل كاهل الدولة، وكان لتخلي الدولة عن احتكارها لاستيراد وتخزين وتوزيع الأدوية، بالإضافة إلى تشجيعها للصناعة المحلية التي انتقلت من أقل من 10 وحدات إنتاج في التسعينات إلى 55 وحدة خلال السنوات الأخيرة من بينها 9 وحدات تابعة لمجمع صيدال ثم توسع هذا الاستثمار إلى الشراكة مع الأجانب . وتهدف السياسة الوطنية لهذا القطاع إلى تشجيع الإنتاج المحلي لتحقيق تغطية تقدر ب70 بالمائة على المدى القصير تضمن توفير العلاج لجميع مناطق الوطن مع ترقية ترشيد استعمال مختلف أصناف الأدوية من ناحية الوصف والتسعيرة التي خصصت لها السلطات قائمة خاصة بتعويض مختلف الأنواع في إطار السعر المرجعي . وحرصا على حماية الصناعة الصيدلانية المحلية وتشجيع تطويرها تم وضع تحفيزات من أجل استفادتها من تحويل التكنولوجيا بالإضافة إلى دعمها بقوانين تضمن استقرارها وترفع العراقيل التي لا زالت تقف في وجه تنظيم السوق. كما تحرص السلطات العمومية على احترام قانون المنافسة والالتزامات الدولية للجزائر في هذا المجال لضمان نوعية وأمن هذه المادة الحيوية رغم أن هذه الصناعة المحلية لازالت لم ترق بعد إلى المكانة التي تصبو إليها، حيث شهد السوق الوطنية للأدوية ديناميكية خلال السنوات الأخيرة حيث انتقل من أكثر من 900 مليون أورو في سنة 2004 إلى أكثر من مليار و400 مليون أورو في سنة 2008 وما يفوق المليار و800 مليون أورو في سنة 2011 بين الإنتاج والاستيراد والتوضيب حسب معطيات وزارة الصحة. وفي هذا الإطار فإن نسبة الإنتاج والاستيراد للقطاعين العمومي والخاص بلغت خلال سنة 2011 أكثر من مليار و600 مليون أورو، كما انتقلت حصة الصيدلية المركزية للمستشفيات من 34 مليون أورو في سنة 2004 إلى 118 مليون أورو في سنة 2008 ثم إلى 181 مليون أورو في 2011، أما بالنسبة لمعهد باستور الجزائري فإن حصته من اللقاحات انتقلت هي الأخرى من 5 مليون أورو سنة 2004 إلى 11 مليون أورو سنة 2008 ثم 22 مليون أورو في سنة 2011. كما عرفت وحدات الإنتاج من جهتها تطورا محسوسا حيث انتقلت من 22 وحدة بين 1995-2000 إلى 44 وحدة بين 2006-2010 وتسجيل اعتماد 10 وحدات في سنة 2011، أما حصة الإنتاج الوطني فقد انتقلت من 27 بالمائة من السوق الأدوية في 2008 إلى 40 بالمائة في سنة 2011 مع آفاق تطويره إلى 70 بالمائة في سنة 2014، ولم تمنع هذه الأرقام من حدوث اضطرابات في الاستيراد والتوزيع في السوق الوطنية للأدوية خلال السنوات الأخيرة مما اضطر الوزارة الوصية إلى إعادة النظر في تنظيم الفاعلين في الميدان وسحب اعتمادات البعض منهم. ومن جهة أخرى، عملت الدولة منذ التسعينات على ضمان معايير نوعية الأدوية المنتجة محليا وكذا المستوردة ومكافحة المقلدة منها مما أهلها من طرف المنظمة العالمية للصحة لكي تراقب المواد الصيدلانية بإفريقيا إلى جانب حصولها على شهادات إيزو الخاصة بالنوعية واحترام المقاييس، وتتولى الجزائر مراقبة المواد الصيدلانية في إفريقيا عن طريق المخبر الوطني لمراقبة المواد الصيدلانية الذي أنشئ في بداية التسعينات في الوقت الذي كانت 80 بالمائة من الأدوية تستورد في غياب هيئة مختصة تتكفل بمراقبة فعالية هذه المادة قبل وضعها بالسوق.