لا يرى رئيس الحكومة في المغرب عبد الإله بنكيران أي مجال لعقد قمة لاتحاد المغرب العربي في ظل بقاء الحدود البرية مع الجزائر مغلقة، وبتعبير آخر فإن إعادة فتح الحدود هو شرط يطرحه المغرب لرفع المعوقات التي يضعها منذ سنين والتي أدت إلى تجميد البناء المغاربي وحولته إلى جسد بلا روح، بعدما شكل هذا الاتحاد وسيلة للمساومة استعملها النظام المغربي في كل الاتجاهات لخدمة مصالح سياسية ضيقة. وقبل التطرق إلى هذه التصريحات التي جاءت في حديث صحفي لبنكيران، لابد من الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية، فموقف رئيس الحكومة في المغرب له صلة بثوابت النظام المغربي في التعاطي مع القضايا السياسية بشكل يغلب عليه النفاق السياسي، والثانية ترتبط برئيس الحكومة نفسه وبالتيار الذي ينتمي إليه والذي يقدم صورة غير صحيحة عن تغيير شكلي في منظومة الحكم في المملكة، تغيير سمح بوصول وجوه إسلامية- إخوانية إلى الحكم، تجسيدا للتغيير السلمي الذي سمح بتجنيب المغرب ما يسمى ب »الربيع العربي« في نسخته العنيفة، وأكثر ما يميز هؤلاء الذين يوصفون بالإسلاميين المعتدلين هو القدرة على التلون ولعب أكثر من دور كشريك للسلطة وللمعارضة في أن واحد، وهو ما يرهن كل الآمال التي وضعها البعض في حكومة الإسلاميين في المغرب لتحسين العلاقات مع الجزائر. فما علاقة الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب ببناء الاتحاد المغاربي؟ وما الذي يجعل الرباط تدفع بهذا الشرط إلى الواجهة في هذا الظرف بالذات وبعدما قطعت مساعي الرئيس التونسي منصف المرزوقي الهادفة إلى عقد قمة الاتحاد في تونس، أشواطا كبيرة؟ وقبل مسالة الحدود برر المغرب كل ممارساته السابقة والتي أدت إلى تعطيل الاتحاد المغاربي وشل حركته وإفشال عقد أي قمة لقادته، بمسالة النزاع في الصحراء الغربية، ورغم رد الجزائر الواضح بأن هذه القضية متكفل بها على مستوى الأممالمتحدة، ولم تكن عائقا أمام ميلاد الاتحاد المغاربي سنة 89، ظل المغرب يردد أنه لا مجال لبناء الاتحاد المغاربي من دون تخلي الجزائر عن دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، لينتهي الأمر بالمغرب نفسه ليطالب بان تستبعد القضية الصحراوية من العلاقات بين البلدين. والحقيقة أن المغرب سعى منذ مدة إلى استعمال قضية الحدود التي كان هو المتسبب فيها الأول، للضغط والابتزاز والمساومة ولتشويه صورة الجزائر عربيا ودوليا، واليوم يستعمل هذه القضية كفزاعة لاعتراض على إعادة تفعيل المسار المغاربي، رغم أن هذه القضية متكفل بها منذ مدة على مستوى رسمي في إطار جهود مشتركة بين حكومتي البلدين، وسبق لمسؤولين جزائريين أن أكدوا بأن هذه الحدود لن تظل مغلقة إلى الأبد، ومؤخرا صرح رئيس الدبلوماسية الجزائرية مراد مدلسي بان أعادة فتح الحدود هي مسألة وقت فقط، فهناك ملفات كثيرة لابد من معالجتها قبل أعادة فتح حدود أغلقت منذ 18 سنة خلت. لقد تعوّد المسؤولون المغاربة على إفساد كل المشاريع الطيبة بين البلدين، وكل الشعارات التي يرفعونها هي في الواقع مجرد صورة مغلوطة لا تعبر حقيقة عن سياسة الرباط ودسائسها، فالأخوة وحسن الجوار، وكل ما يرتبط بمسألة التواصل بين الشعبين، هي عناوين لحرب خفية يقوم بها النظام المغربي ضد الجزائر، وفي مقابل النوايا الحسنة التي ترجمت من خلال زيارات متبادلة لوزراء من البلدين، مارس المغرب سياسة أخرى خفية في جنوب الصحراء، ولم يتوان عن القيام بدور المقاول لسياسات ترتبط بأجندات خارجية تستهدف أمن واستقرار الجزائر، فهل يريد المغرب فتح الحدود وهو يناور على كل الجبهات ضد الجزائر، وهل يريد فعلا إعادة فتح الحدود في ظل أطنان الحشيش التي تعبر الحدود المغربية وتستقر بالجزائر تحت أعين قوات الأمن المغربية التي لا تفعل الكثير للمساهمة في تأمين الحدود البرية بين الجزائر والمغرب من تجار المخدرات والسلاح وكل أنواع الممنوعات.