لا زال المغرب يمارس أسلوب المساومة والابتزاز في كل ما يتصل بعلاقته مع الجزائر، فبعدما عطل عجلة الاتحاد المغاربي لسنوات بدعوى ضرورة حل النزاع في الصحراء الغربية، متهما الجزائر بما يسميه افتعال هذه القضية، هاهو الإسلامي- الإخواني عبد الإله بنكيران يعزف هو الأخر على نفس النغمة مشترطا إعادة فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب لانعقاد القمة المغاربية . قال رئيس الحكومة المغربي أن »ظروف انعقاد القمة المغاربية لم تنضج بعد«٬ واعتبر بأنه »مادام لم تفتح الحدود بين المغرب والجزائر فإن القمة ستكون شكلية«، وأضاف في حديث خص به اليومية الإسلامية المغربية المقربة من حزب العدالة والتنمية »التجديد«، في عددها أول أمس أن الشعبين المغربي والجزائري تربطهما علاقات الأخوة والمحبة٬ وواصل يقول »مع الأسف الشديد القيادة الجزائرية لها رأي آخر وتعاكسنا في وحدتنا الترابية«، مستطردا بأن المغرب يراهن في سياسته مع الجزائر على المستقبل وعلى التاريخ٬ وقال بنكيران أنه »في النهاية لا يمكن أن تتصالح ألمانيا وفرنسا وتظل الجزائر في خصام مع المغرب «. ويحمل هذا التصريح نفاقا سياسيا يطغى عليه اللون الإخواني وإن جاء ضمن مسيرة نفاق مغربي مارسه الساسة في الجار الغربي على مر عقود على نطاق إعلامي ورسمي، فعبد الإله بنكيران لم يشذ عن القاعدة لما حاول مرة أخرى توريط الجزائر في النزاع في الصحراء الغربية، والذي يعتبره المغرب نفسه بأنه مع جبهة البوليساريو والتي دخل في مفاوضات مفتوحة ومعلنة معها منذ 1990 من القرن الماضي، وجاءت هذه التصريحات لتسقط ورقة التوت عن مزاعم مغربية سابقة بأن القضية الصحراوية لا دخل لها في العلاقات ببين الجزائر والمغرب ولا في مسيرة الاتحاد المغاربي لأنه متكفل بها على مستوى الأممالمتحدة. واستعمل النظام المغربي منذ سنوات قضية الحدود للمساومة أيضا، فرغم أن النظام المغربي هو المتسبب الأول والأخير في هذه القضية بعد قيامه بشكل متسرع ومتهور بفرض التأشيرة على الجزائريين لدخول المملكة، واتهامه المخابرات الجزائرية بتدبير تفجير فندق بلازا بمراكش، عاد إلى حالة من الهستيريا من خلال القيام تسويق خطاب متناقض يقوم من جهة على استعطاف الطرف الجزائري باسم الأخوة والجوار، ومن جهة أخرى على تقديم الجزائر في صورة البلد العدواني الذي يرفض تحسين علاقاته مع جيرانه. الكل توسم في البداية خيرا في حكومة بنكيران، واعتقد بأن النظام المغربي ربما سيغير بعض أساليبه في التعامل مع الجزائر، خاصة بعد تصريحات رئيس حكومة الإسلاميين في المملكة والتي تركت الانطباع بأن الرباط ربما ستعول على المستقبل أكثر وتقفز على بعض ممارساتها المعروفة والقائمة على توريط الجزائر في النزاع في الصحراء الغربية، لكن ذلك لم يحصل، وتصريحات بنكيران هي أكثر شراسة من رئيس حكومة حزب الاستقلال سابقا.