تختلف العادات والتقاليد من ولاية إلى أخرى وكل له طريقته الخاصة في الاحتفال بالليلة الرابعة عشر من شهر رمضان المعظم، أو كما تعرف بليلة النصف أو »النصفية« في بعض المناطق. ورغم كل ذلك التنوع والزخم الكبير في العادات وكيفية الاحتفال بها، إلا أنها تعتبر فرصة لإحياء عادة الأجداد وثقافة راسخة في المجتمع، كما تعد فرصة للتمعن في قدسية هذا الشهر الفضيل الذي يرمي إلى بعث قيم نبيلة دينية ودنيوية. يبدأ التحضير لهذه الليلة عند العائلات الطارفية، يومين أو ثلاثة أيام من قبل، من خلال شراء المستلزمات التي تدخل في إعداد أشهى الأطباق التقليدية، على اعتبار أن الليلة مقترنة عادة عندهم بهذه الأطباق إلى جانب العصرية المتعودون على تحضيرها، حيث تقوم سيدات البيت بالتعاون مع أحد بناتها بإعداد »الشخشوخة« بلحم الدجاج أو لحم الغنم كل حسب رغبته، إما بشرائها من الأسواق جاهزة أو تحضيرها في المنزل وهي التي تعرف بشخشوخة الظفر التي تقطع بالظفر بعد أن تحضر عجينتها، وبعدها تيبس عن طريق وضعها تحت أشعة الشمس لمدة يومين أو ثلاث أو وضعها تحت الظل بنفس الطريقق. وهناك من يفضل طبخ أكلة التريدة أو المقطفة حسب ما تعرف به بعض مناطق الوطن، حسب رغبة وعادات كل عائلة. ومعروف عن العائلات الطارفية بأنها تفضل عادة طبق الشخشوخة. فبالإضافة إلى تحضير أشهى الأطباق فإن العائلات بالولاية تحرص كل الحرص على زيارة أقاربها وأحبابها، بعد الإفطار مباشرة للسهر والسمر لساعات طويلة، محملين بأجمل ما حضرت أيديهم من حلويات تقليدية ومأكولات يتم تحضيرها خصيصا للسهرة. ولأن المناسبة أيضا فرصة للتهليل والتكبير لله وشكره، فإن الجميع لا يفوت ذكر الله والذهاب إلى صلاة التراويح وقراءة القرآن، خاصة بالنسبة للنسوة اللواتي تحرص البعض منهن على عدم تفويتها. كما أن من عادات وتقاليد الأجداد التي تقدسها العائلات ولا تستغني عنها، تعويد الأطفال الصغار على الصلاة والصوم خاصة في ليلة النصف، حيث يتم الانطلاق الفعلي في العملية. لتعويده أكثر ويتوج الطفل الصغير الذي صام لساعات التي تكون أحيانا نصف يوم أو 10 ساعات يتوج بطبق لذيذ يتناوله وسط العائلة مجتمعة، مع منحه لباسا جديدا وقليل من النقود كمكافأة له على صبره ومثابرته على تعلم القيم الدينية. أما من العادات الأخرى في شهر رمضان وبخاصة في ليلة النصف، والتي ترمي إلى إحياء ثقافة قيمية راسخة في المجتمع، هو زيارة العروس المستقبلية لابن تلك العائلة الخاطبة، حيث يقومون بشراء ملابس خاصة للعروس تتماشى والمناسبة، ومستلزمات الطبق الذي ستقوم بطبخه تلك العروس في بيت أهلها، كشراء بعض العجائن مع قطعة من اللحم تكون أحيانا الفخذ كاملا أو كتف أو كيلوغراما واحدا من اللحم حسب القدرة والرغبة بالإضافة إلى طبق منوع من الخضر والفواكه، ويقومون بزيارة العروس عند أهلها ليثبتوا لعروسة ابنهم بأنهم لم ينسوها، حتى وإن لم تدخل بيت زوجها بعد. وخلال شهر رمضان لا تستطيع العائلات الطارفية، الاستغناء عن البوراك القالي أو العنابي وشربة الفريك والزلابية وخبز الدار، المعروف عندهم ب »الكسرة« التي تصنع في البيوت وباليد وذلك إلى غاية الأيام الأولى من عيد الفطر المبارك، حتى يخيل إليك وكأنك لازلت في شهر رمضان. ولا تختلف عادة الاحتفال بليلة النصف عن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، حيث تعمد العائلات إلى كل تلك العادات، تعمد إلى الخطبة لأبنائها تبركا بالليلة إلى جانب ذلك ختان الأطفال الصغار. هي عادة لا زالت راسخة بين الأجيال ورثوها أبا عن جد، وليس الكل من يقوم بها فهي محدودة بين عائلات فقط . وبين هذا وذاك يبقى الشهر الفضيل شهرا مقدسا عند الجميع، الذي يعد »شهر التوبة والغفران والشهر الذي أنزل فيه القرآن«.