يقول إطارات مسؤولة بالمكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني وقيادات محلية، أن الحزب سيخوض غمار المحليات المرتقبة في 29 نوفمبر القادم، بعزيمة كبيرة وجدية متناهية، واضعا الفوز الساحق هدفا لتحركه. فما هي رهانات الآفلان من وراء سعيه للحصول على الأغلبية في المحليات؟ وما هي أوراقه الرابحة في هذا الاستحقاق الانتخابي الهام؟. بالاستناد إلى التصريحات التي تطلقها قيادة حزب جبهة التحرير الوطني منذ انطلاق عملية التحضير للانتخابات المحلية المرتقبة في التاسع والعشرين نوفمبر المقبل، والقائلة أن الحزب يسعى لتحقيق فوزا عريضا في هذا الاستحقاق من خلال خوض حملة انتخابية قوية وجدية وبعزيمة فولاذية من أجل تحقيق هدفه المسطر والمتعلق في جوهره بالبقاء كقوة سياسية أولى في البلد، بعد أن اكتسح مقاعد المجلس الشعبي الوطني في انتخابات العاشر من ماي الفارط، يتضح جليا أن رهانات الآفلان تتجاوز بكثير مسألة الفوز بالمجالس البلدية والولائية رغم أهميتها، إلى حسابات بالغة الأهمية لها علاقة مباشرة بالتحضير للمواعيد والاستحقاقات المدرجة في رزنامة الحكومة للمرحلة المقبلة. فالانتخابات المحلية بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني كما سبق وصرح بذلك عضو المكتب السياسي عبد الرحمن بلعياط، تمثل حلقة رئيسية في البناء المؤسساتي للدولة، كما أنها أهم آلية للحزب لإثبات تجدره في المجتمع وقوة تمثيله، فضلا على اكتسابه لهامش كبير من التحرك السياسي والإداري تجاه المواطنين من خلال خدمتهم والتكفل بانشغالاتهم وبالتالي ضمان الانتشار اللازم الذي يحتاجه أي كيان سياسي لخدمة برامجه وأفكاره وتبوئه مكانة متقدمة في الحقل السياسي والمؤسساتي. ووفق هذا الطرح فمن المنطقي جدا ان تسعى قيادة الآفلان إلى تجنيد كل الوسائل المادية والبشرية والدعائية التي تمكنها من تحقيق نتائج طيبة في الانتخابات المقبلة، تكون ي مستوى المكانة التي يحتلها الآفلان في الساحة السياسية. فالحزب الذي فاز ب208 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني واصطفت المعارضة للطعن في هذا الفوز العريض، مطالب اليوم بالحفاظ على هذه النتائج، سواء لإثبات أحقيته وجدارته أو للرد العملي الميداني على دعاة »اسطوانة التزوير«. غير أن أهمية الانتخابات المحلية بالنسبة للافلان الذي يسيطر حاليا على أزيد من 800 بلدية و حوالي 46 مجلسا ولائيا، لا يقتصر على هذا الجانب، بل يتعداه إلى حسابات تتعلق بإعادة التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المرتقبة شهر ديسمبر القادم أي بعد حوالي شهر على الانتخابات المحلية، إذ يسعى الحزب إلى ضمان مكانة متقدمة في مجلس الأمة الذي يعتبر الغرفة الثانية للبرلمان وهو على قدر كبير من الأهمية لأي حزب سياسي، خاصة وأن التعديلات الدستورية المرتقبة من الممكن جدا أن تعيد النظر في بعض صلاحيات مجلس الأمة بما يسمح له أن يكون رقما فاعلا في البناء الهيكلي للمؤسسات الدستورية. وتعتقد قيادة الحزب أن هذا الهدف لن يتأت إلا من خلال تحقيق فوز كبير في الانتخابات البلدية الولائية، خاصة وأن اللاعبين السياسيين في هذا الاستحقاق لا يحوزون على القدرات البشرية والإمكانيات المادية والخبرة التنظيمية والانتشار التي تزخر بها الآفلان. وفي هذا المستوى من الطرح المصحوب بطموح مبرر من قبل قيادة الآفلان، فان الفوز بالمحليات بعني استكمال بسط نفوذ الحزب على المؤسسات المنتخبة، وهي العملية التي تجعله في أريحية كبيرة لخوض معركة تعديل الدستور والتحضير للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 2014 وهو موعد له رهاناته وحساباته وتحدياته أيضا، فهو ليس كمثل المواعيد الانتخابية الأخرى سواء بالنسبة للمواطن أو للبلد أو للحزب. وبرأي مراقبين للمشهد السياسي، فان فوز الآفلان أو على الأقل تصدره لنتائج الانتخابات المقبلة يكاد يكون محسوما على خلفية التهلهل والتميع اللذين يطبعان الساحة السياسية، وافتقار الأحزاب المشاركة في الحدث إلى قوة التمثيل، علاوة على الأزمات الحادة التي تعصف بغالبيتها، يضاف إلى كل هذا الإجراءات المتضمنة في قانون الانتخابات ولاسيما ما تعلق منها بالمعدل الاقصائي المقدر في المحليات ب7 بالمائة، وهي كلها عوامل تصب في صالح الأحزاب الأكثر تنظيما وتمثيلا والآفلان واحد منها.