يعقد حزب جبهة التحرير الوطني مؤتمره التاسع وفي مقدّمة انشغالاته ضرورة الخروج بنظرة واضحة للتعامل مع الرهانات السياسية التي تنتظره خلال السنوات الخمسة المقبلة، ويبدو من خلال التحضيرات الجارية بأن قيادة الأفلان قد وضعت في الحسبان ضرورة إعادة الاعتبار للهياكل القاعدية كمرحلة أولى من أجل تهيئة الأرضية حتى يكون الحزب أكثر جاهزية في أول استحقاق انتخابي وهو تشريعيات ومحليات 2012. تعتبر مسألة إعادة هيكلة القواعد النضالية واحدة من بين التحدّيات الأساسية التي تقدّر قيادة الأفلان حجم ثقلها، فبعد أن تجاوز الحزب العتيد بنجاح كل الترسبات التي انجرت عن المرحلة الماضية أصبح مطالبا اليوم بالذهاب بعيدا في التعامل مع قضية التجاوز النهائي لما يسمى ب »لوضع الانتقالي« الذي تشهده بعض المحافظات، وهو ملف يتطلّب مزيدا من الصرامة في التعامل معه، لأن الأفلان ليس ملكية شخصية ولا حكرا على أشخاص دون آخرين. ويعود الحديث عن الهياكل القاعدية للأفلان بقوة على أساس أنها ملف يكتسي طابع الاستعجال من منطلق أن كسب الرهانات الانتخابية المقبلة لا يتأتى إلا عبر المرور من إنهاء كافة التفاصيل المتعلقة بهذا الجانب الذي من المرتقب أن يتم النظر فيه بكثير من الاهتمام في جدول أعمال المؤتمر التاسع، وليس مستبعدا أن تخرج القيادة المقبلة بتصور وخارطة طريق مناسبة للتعامل مع الوضع، فالاستقرار الهيكلي من العوامل الأساسية التي تدفع للتفرّغ لما هو أهمّ. وعلى الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحقّقت خلال السنوات الخمسة الماضية بخصوص تجديد الهياكل القاعدية فإن التأزم لا يزال يراوح مكانه في بعض من المحافظات التي لا تزال تسيّر عن طريق لجان انتقالية بسبب الصراع الذي تحركه اعتبارات شخصية أو ما يعرف ب »الأنانية السياسية«، ولذلك توجّب ضمن مخطط العمل للخماسي المقبل أن يأخذ عبد العزيز بلخادم هذا الأمر بجدية لأنه يدرك بأن أي تعطيل في التعامل مع هذا الوضع قد يفقد الحزب العتيد الكثير من المكاسب خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة خاصة على مستوى التمثيل في غرفتي البرلمان التي يحوز فيها حاليا على الأغلبية. كما تدرك قيادة الحزب العتيد بأن التحضير للانتخابات المحلية والتشريعية المقرّرة بعد عامين لا تقتصر فقط على أولوية استكمال الهياكل القاعدية بقدر ما هي مرتبطة كذلك بخيار مواصلة سياسة التشبيب والاستثمار في الطاقات الشبانية إلى أقصى حدّ ممكن كما هو الحال تماما بالنسبة للاستمرار في جهود ترقية دور المرأة في الحياة الحزبية، وهما أمران تم الشروع فيهما لكن لا بدّ من الوصول بهما إلى أبعد نقطة على أساس أنه من المفيد أن يستفيد الجيل القادم أكثر من خلال الاحتكاك بالجيل الحالي حتى تتم تهيئة الأرضية المناسبة لمواصلة العمل بقيم جبهة التحرير الوطني العريقة المستمدة من روح بيان أول نوفمبر 1954. وتفرض كل هذه التحدّيات نفسها لأن حزب جبهة التحرير الوطني ومناضلوه وكذا قيادته لن يرضوا خلال المرحلة القادمة بأقل من بقاء الحزب العتيد القوة السياسية الأولى في البلاد، وبالتالي فإنه منن الطبيعي ألا يكون الحديث عن مشاريع الأفلان بعد المؤتمر التاسع ذو أهمية دون إغفال الانتخابات الرئاسية للعام 2014 التي تعدّ هي الأخرى إحدى أهداف العهدة المقبلة على الرغم من أن التركيز حاليا منصبّ على المساهمة الفعالة في إنجاح البرنامج التنمية الضخم الذي أقرّه رئيس الجمهورية الرئيس الشرفي للأفلان، ويتم ذلك على مستوى الحكومة التي يشكل وزراء الجبهة الأغلبية فيها أو على المستوى القاعدي. وزيادة على كل هذه فإن جبهة التحرير الوطني ستخرج بتصوّر واضح الأسبوع المقبل في أعقاب انتهاء أشغال المؤتمر التاسع الذي سيدوّن لا محالة لمرحلة جديدة أكثر نجاحا في تاريخ الأفلان، ويعود ذلك إلى أن الحزب العتيد يريد مواكبة الحركية غير المسبوقة التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة خصوصا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، كما أنه سوف لن يتنازل عن المواقف التي تعوّدنا تبنيها فيما يتعلق بعديد القضايا الدولية.