أكدت الجزائر أن المقاربة الشاملة التي تدعو إليها للخروج من الأزمة في مالي تقوم على حلّ سياسي تفاوضي يشرك الفاعلين الذين ينبذون الإرهاب ويرفضون أي مساس بالسلامة الترابية لمالي. في رد وجهه وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، على انتقادات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للمبدأ الذي تدعمه الجزائر القائم على التفاوض مع الجماعات المسلحة قبل الحسم في التدخل العسكري. ردّ رئيس الدبلوماسية الجزائرية على الاتهامات التي وجهها الرئيس الفرنسي في آخر حوار له للجزائر وزعمه بأنها ضمن مسعاها لتفعيل الحوار مع الجماعات المسلحة تدفع في اتجاه التفاوض مع القاعدة، وحرص مدلسي خلال كلمته أمام المشاركين في اجتماع مجموعة الدعم والمتابعة حول الوضع في مالي المنعقد بباماكو، على تفنيد ادعاءات باريس ضد الجزائر من خلال شرح وتحديد أبعاد المقاربة الشاملة التي تدعو إليها الجزائر للخروج من الأزمة في شمال مالي. وقال وزير الخارجية »إن الجزائر قد طورت ودعت منذ بداية الأحداث التي وقعت في مالي إلى مقاربة شاملة من أجل التوصل إلى مخرج للأزمة يقوم على أهداف إستراتيجية تتعلق بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلامة الترابية لمالي واستكمال عملية تنصيب سلطات انتقالية قوية وممثلة فضلا عن البحث عن حل سياسي تفاوضي يشرك الفاعلين الذين ينبذون بوضوح لا لبس فيه الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان ويرفضون أي مساس بالسلامة الترابية لمالي«. وشدد مدلسي على تأكيد سعي الجزائر إلى عزل الجماعات الإرهابية التي تنشط في شمال مالي وتحييدها عن باقي الجماعات المتمردة في المنطقة، موضحا أن »المنطق الذي يغذي المقاربة الجزائرية يرمي إلى عزل الجماعات الإرهابية وتلك المنضوية تحت لواء الجريمة المنظمة العابرة للأوطان عن المجموعات المتمردة المالية التي يجب من جهة أن تعترف بأن السلامة الترابية لمالي غير قابلة للتفاوض ومن جهة ثانية الابتعاد بشكل واضح لا لبس فيه عن الجماعات الإرهابية وتلك المرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للأوطان«. كما أشار إلى أن هذين النقطتين والشرطين المسبقين يعتبران إشارة واضحة عن إرادة هذه المجموعات في البقاء ضمن المجموعة الوطنية المالية بعيدا عن آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة وهو ما سيجعلها-بحسب الوزير- مرشحة لتصبح من الفاعلين في تحقيق السلام وحل تفاوضي، وتحدث أيضا عن ضرورة »إشراك وضم ممثلي سكان الشمال إلى مسار البحث عن حل للازمة وتلبية مطالبهم المشروعة المتعلقة بالتطور وظروف المعيشة فضلا عن مشاركتهم في مسارات اتخاذ القرار الوطني، من منطلق قناعة الجزائر التي عبرت عنها في كل المناسبات»أن الماليين هم الفاعلون الأساسيون في البحث عن حلول لمشاكلهم وتحديد الإجابة الوطنية على التحديات التي يواجهونها«. وعبر الوزير مدلسي عن قناعة الجزائر بضرورة أن تكون المرحلة الانتقالية في مالي »هادئة وشاملة« من منطلق أنها »ستسهم في توفير شروط الخروج من الأزمة وتمهد الطريق لتنظيم انتخابات عامة وحرة وشفافة. وذكّر رئيس الدبلوماسية الجزائرية في خطابه دول الميدان وكذا المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه مالي، حيث ذكرهم بأن »الخروج من الأزمة في مالي يجب أن يرافقه استمرار مكافحة حازمة ضد الإرهاب والجريمة المنظمة«، التي تقع على عاتق الدولة المالية والدول المجاورة التي وضعت آليات في إطار دول الميدان وكذا المجتمع الدولي.معتبرا أن ضمان ديمومة أي خروج من الأزمة يستدعي بالضرورة التزاما فعليا وملموسا للمجتمع الدولي. وجدد وزير الشؤون الخارجية بالمناسبة تأكيد الجزائر على »أن اللجوء إلى القوة يجب أن يتم وفق تحديد صارم للأهداف والوسائل اللازمة وقواعد الالتزام والتكاليف وتجنيد الطاقات المطلوبة لكي يحظى بكل فرص النجاح«، وتابع مدلسي يقول: »إنه من البديهي أن أي لجوء إلى القوة يجب أن يستهدف التهديدات الحقيقية المتمثلة في الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان«.