تنطلق الأحد القادم الحملة الدعائية للانتخابات المحلية والولائية المقررة يوم 29 نوفمبر القادم، في جو تميزه الرتابة واللااهتمام على مستوى الشارع وغياب مظاهر الحدث بخلاف ما كان عليه في الموعد الانتخابي السابق، فضلا عن ضعف تحرك الأحزاب رغم تسجيل مشاركة قياسية يمثلها 52 حزبا وعشرات القوائم الحرة. انتهت التحضيرات المادية واللوجيستكية والتقنية للانتخابات المحلية القادمة، حيث لم بعد بفصلنا عن انطلاق الحملة الدعائية سوى خمسة أيام، ومع ذلك يسجل المتابعون لمجريات هذا الحدث الانتخابي الذي يأتي هذه المرة ضمن عنوان عريض موسوم ب »الإصلاحات السياسية« التي أقرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل سنة من الآن، ضُعف التفاعل الشعبي مع الانتخابات رغم الأهمية البالغة التي تكتسيها سواء في تعميق المسار الديمقراطي التعدّدي، أو بالنسبة للمواطن على اعتبار أن المجالس البلدية والولائية لها علاقة مباشرة باحتياجات المواطن وخدماته وتطلعاته للتنمية والرقي الاجتماعي. فقد غابت مظاهر الحدث الانتخابي على مستوى الشارع العريض ولم يعد الناس يولون أية أهمية للانتخابات أو المترشحين في أحاديثهم اليومية، حتى أن المقاهي في المناطق الداخلية التي ظلت إلى وقت قريب مخبرا لصناعة الحدث والترويج له لم تعد كذلك، ولعل من أبرز أسباب اللااكتراث، تلك المشاكل الاجتماعية المعقدة التي انقضت على المواطنين وكثافة الرزنامة الاجتماعية بفواتيرها الباهظة، إلا أن العامل الأبرز يبقى دون منازع التسيب والرداءة اللذين ميزا العهدات السابقة وما صاحبهما من فقد للثقة في المجالس البلدية والولائية كأدوات لحل المشاكل العالقة للمواطنين، في الشغل والتنمية والسكن والخدمات العمومية. فكثيرا ما كانت المجالس البلدية بنظر المواطنين مجرد عقبة أمام طموحاتهم الاجتماعية على الأقل، ناهيك بعض السلوكات »المشينة« التي طبعت تحركات المنتخبين المحليين وفق رؤية كثيرين. ومنها بالأخصّ انتشار مظاهر المحسوبية والمحاباة و»الحزبوية« وما إلى غير ذلك من المظاهر التي زادت من تعميق الهوة بين الناخب والمنتخب المحلي. لكن المراقبين يذهبون أبعد من ذلك في تفسير سبب هذه البرودة في التعامل مع الحدث الانتخابي، ويتعلق الأمر هنا بضعف أداء الأحزاب السياسية والأزمات التي تعصف بها، وتكاثر الأحزاب إلى درجة أن المواطن المهتم لم يعد يميز بين هذا الحزب وذاك، فقد عرفت هذه الانتخابات كما كان الشأن للتشريعيات الأخيرة تضخما في القوائم الانتخابية تحت عناوين حزبية مجهولة أنتجتها ضرورات الإصلاحات السياسية. والواقع أن هذا الوضع المتردي داخل التشكيلات السياسية أدى إلى تململ القواعد النضالية وعدم تعاطيها بجدية مع الانتخابات، ومن المنطقي أن ينعكس ذلك على المواطن في مختلف مواقعه. وتطرح هذه »الإشكالية المعقدة« - اللااهتمام بالانتخابات- مخاوف من احتمال حدوث عزوف انتخابي يؤثر سلبا على نسبة المشاركة، لكن هذه الصورة الباهتة لمجريات الانتخابات لم تمنع السلطات العمومية وعلى رأسها وزارة الداخلية من ضبط الإمكانيات التنظيمية والمادية والبشرية والتقنية لإنجاح الانتخابات مع ترك مسؤولية التعبئة الشعبية للانتخابات للأحزاب السياسية 52 المشاركة وللأحرار أيضا. وهو ما ستكشف عنه الحملة المقرر انطلاقها الأحد القادم.