لم تتسرّع قيادة جبهة التحرير الوطني في إبداء موقف لها حيال مدى تقدّم التحالفات لانتخاب رؤساء المجالس المحلية المنتخبة، حيث تركت ذلك إلى حين الانتهاء من عملية تنصيب الهيئات التنفيذية بشكل كامل. لكن الأفلان أبدى تمسّكه بمطلبه بضرورة المراجعة العاجلة للقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات كون صيغته الحالية »تعكس نظرة الإدارة«، محذّرا من تحوّل »المال الفاسد« إلى عامل حاسم في التحالفات الحاصلة لانتخاب »الأميار« الجدد ورؤساء المجالس الولائية. ناقش أعضاء المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني التقارير التي وصلته من مختلف ولايات الوطن بشأن تقدّم عملية تنصيب الهيئات التنفيذية للمجالس الجديدة المنبثقة عن انتخابات 29 نوفمبر الأخيرة، ولاحظت القيادة في اجتماع لها أمس برئاسة الأمين العام عبد العزيز بلخادم بأنه من »السابق لأوانه« إصدار تقييم دقيق بخصوص الوضعية العامة التي تتواجد فيها قوائم الحزب التي حلّت الأولى في ما يزيد عن 1000 مجلس شعبي بلدي و43 مجلسا شعبيا ولائيا. ولأنّ التدابير الجديدة التي وردت في القانون العضوي المتعلقة بنظام الانتخابات المعدّل وفق المرسوم الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 جانفي 2012، لا تمنح آليا للقائمة التي حلّت أولا مهمة تسيير شؤون المجالس المنتخبة، فإن »الحزب العتيد« يرى أنه من الضروري إعادة النظر في هذه المسألة وهو الموقف الذي عبّر عنه عضو المكتب السياسي المكلّف بالتكوين، عبد الرحمان بلعياط، في اتصال مع »صوت الأحرار« أكد فيه أن »هذا القانون لا يخدمنا ونحن ندعم الموقف الذي أبداه الأمين العام بهذا الاتجاه، في أكثر من مناسبة، بضرورة مراجعة هذا النصّ«. واعتبر بلعياط أنه ليس من العدل أن يُحرم الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات والمقاعد من التسيير، وعليه فإن الخلاصة التي توصل إليها تفيد بأن »المال الفاسد سيفعل فعلته خلال هذه الفترة« خصوصا لدى إشارته إلى تزامن عملية إجراء التحالفات مع التحضير الجاري لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة »هذا يعني أن أطرافا ستلجأ إلى شراء الأصوات باستعمال المال«، ولذلك رأى بأنه من الضروري »التعامل بحزم وصرامة مع هذه الظاهرة التي سوف لم يذهب ضحيتها الأفلان فحسب«. وذهب محدّثنا أبعد من ذلك عندما قال في سياق حديثه عن هذا الموضوع »إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه فإن المال السياسي الفاسد سيُلغي مفهوم العملية الانتخابية بشكل كلّي«، وأردف: »من يشتري أصوات الشعب لا بدّ أن يُدرج فعله في خانة الخيانة العظمى التي يُعاقبها عليها القانون بحزم«. وبناء على ذلك شدّد بلعياط على أن »الحزب العتيد« لن يتراجع عن مطلبه القاضي بمراجعة قانون الانتخابات. وبالعودة إلى قضية التحالفات أشار عضو المكتب السياسي إلى أن اجتماع قيادة الأفلان سيتواصل اليوم لاستكمال دراسة مختلف القضايا المتعلقة باقتراع 29 من شهر نوفمبر المنقضي، موضحا أن جبهة التحرير الوطني »ليست في حالة طوارئ وهي تتابع بإمعان ويقظة مجريات انتخاب الهيئات التنفيذية للمجالس المحلية«، مثلما أكد أنه »لازلنا على نفس الموقف من خلال ترك التقدير للمنتخبين المحليين لتحديد طبيعة التحالفات والجهات التي تتمّ معها«. وأمام حديث بعض الأوساط عن استهداف مبرمج لقوائم جبهة التحرير الوطني، أبرز عبد الرحمان بلعياط بأنه ليس ممكنا تقييم الوضع في الوقت الراهن بحكم أنه »ليس هناك معيار لتحديد الربح والخسارة مادام لم يتم تنصيب الهيئات التنفيذية بعد«، مذكرا أن »هناك تحالفات قد تفشل في نهاية المطاف لانسحاب منتخبين سواء بتعليمات حزبية )فوقية( أو نتيجة مواقف ذاتية..«، فيما ترك المجال للحكم النهائي إلى حين استكمال عملية التنصيب. وبحسب ما أستفيد من القيادي في الأفلان فإن المكتب السياسي لم يغفل التركيز على انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة التي تمّ إدراجها في جدول الأعمال، لافتا بالمناسبة إلى أنه لم يتم بعد تحديد طريقة اختيار المترشحين سواء عبر إجراء انتخابات أوّلية أو عن طريق التزكية، ولو أن المرجح هو العمل بنفس الأسلوب المعتمد في مواعيد سابقة أي بدراسة كل حالة على حدة.