يتابع بشغف و يعرف جيدا تفاصيل مسارات وحركية المسرح الجزائري، نافس الفنان الكوميدي الراحل سيراط بومدين على جائزة أحسن ممثل في مهرجان قرطاج في ,1988 و شاهد مسرحية الأجواد للراحل عبد لقادر علولة في 1982 بالمسرح الوطني الجزائري، هو الفنان العراقي محمود أبو العباس،ابن مدينة البصرة التي ولد بها سنة 1956 ، ويعتبر أحد رموز المسرح العراقي جايل كبار ممارسي المسرح العربي ونجومه ، قدم العديد من الأعمال الفنية في مجالات السينما والمسرح والتلفزيون، تنوعت تجربته الإبداعية حيث مارس الكتابة والتمثيل والإخراج لأكثر من ثلاثين عملا مسرحيا، كما قدم العديد من الأعمال والمسلسلات التلفزيونية،ونال جوائز تقديرية كأفضل ممثل عراقي ألَّف مسرحيات للأطفال نذكر منها «ميراث القطط» و»نور والبئر المسحور» آخر أعماله المسرحية مسرحية «بقعة زيت» التي أخرجها محسن العلي ، وتتناول معاناة المغتربين العراقيين بأسلوب كوميدي ساخر، يقيم منذ 1999 في دولة الإمارات العربية المتحدة إلتقته « صوت الأحرار» على هامش المهرجان الوطني للمسرح المحترف فتحدث عن جملة من القضايا. أشرفت على ورشة التكوين «فن الممثل»، ضمن الطبعة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف ؟ ¯ سعيد جدا بإشرافي على الورشة والإحتكاك مع نخبة من الطاقات الإبداعية الشابة التي يزخر بها المشهد المسرحي الجزائري ، وحاولت تقديم أساسيات الممارسة لفن التمثيل ومنحهم مفاتيح وعصارة تجربتي وذلك بغية خدمة الفنان أكثر وتحسين مستوى أدائه، وأعتقد أن لأجل هذا المسعى استُحدث القائمون على المهرجان هذه الورشات التكوينية وأٍرى أنه مثل هذه الورشات، تمنح للفنان الهاوي والمحترف واكتشفت من خلال يومياتي مع الشباب أنه ثمة طاقات ومواهب مميزة وأتمنى أن تتجدد وتتواصل المبادرة ، للاستفادة من تجارب كبار الفنانين في مختلف عناصر العملية الفنية والمسرحية وباقي مجالات الفنون والثقافة. تعود إلى الجزائر بعد غياب كبير، كيف وجدت حال مسرحه؟ ¯ زرت الجزائر في عام 1987 وقدمت مسرحية الباب وفي 1989 حضرنا بمسرحية العودة، وكلا المسرحيتين من إخراج الراحل قاسم محمد ، أعتقد أن التطور التكنولوجي أصاب المسرح بالوهن، لأن المسرح ليس عالما افتراضيا بل تواصلا مباشرا، لكن هناك تجارب مهمة سواء على مستوى الإخراج أو التمثيل، تستحق التحية على المجهود الذي تبذله، وما لاحظته خلال بعض العروض هو طغيان السردية على العرض، وأنا لدي رأي في هذا الموضوع أن المسرح عدو السردية ، ولدي بحث عن المسرح الجزائري نشر في مجلة الطليعة الأدبية العراقية، وفصلت في بعض المسائل المتعلقة بنشأته وأعلامه. مسكون بالمسرح منذ نعومتك ، هل أشبع محمود أبو العباس جوعه الإبداعي ؟ ¯ لا يمكن أن نتشبع بجماليات الركح وفرجة العرض، وديمومة المسرحية في أعماقنا، شوقنا يكبر ويزيد كلما زاد العمر، ورغم تجربتي التي تمتد على مدار العديد من الأعمال سواء في المسرح أو السينما وهي حوالي 30 مسلسلا تلفزيونيا وتسعة مؤلفات مسرحية، ونلت ألقاب عديدة أبرزها أحسن ممثل في العراق لمدة أربع سنوات متتالية، لكنني مازلت أحاول تناول وإثارة المواضيع المهمة أكثر في تقديري ، وفكرت في مجال مسرح الطفل ، لأن تكوين الطفل وتلقينه حب المسرح في أعماقه هو المستقبل الحقيقي والرهان الذي تستند إليه تجربتي المسرحية . يصب إهتمامك حاليا بعالم مسرح الطفل ؟ ¯ أهتم كثيرا في الوقت الحالي بمسرح الأطفال الذي يتراوح فئته العمرية بين 8 إلى 12 سنة ، وأشرف على مراكز أطفال، ولدي قناعة عميقة أنه إذا أردنا أن نؤسس لمسرح أمام الفوضى والخراب الذي خلفته التكنولوجيا الحديثة فيجب الاهتمام بالأطفال، لأنني أعتبر استقطاب الطفل إلى المسرح الذي يعتبر من وسائل التواصل المباشر في ظل سطوة العالم الافتراضي هو انتصار كبير، وآخر عرض أشرفت عليه أشركت فيه 234 طفل، وعندما سئلت عن سبب إشراكي لهذا العدد الكبير من الأطفال في المسرحية أجبت أنه وإن لم ننتج ممثلين مسرحيين ، أنتجنا متذوقين للمسرح يحملون هاجس المسرح . وما تقييمك لراهن المسرح العربي في خضم اللحظة الثورية ؟ ¯ المسرح في الوطن العربي مرتبط بمختلف التغيرات التي يشهدها الوطن العربي من حراك في مستويات عديدة خصوصا في ظل الثورات التي تعيشها بعض الدول العربية، والتي أفرزت واقعا متفجرا ومعقدا، وهذا ما جعل المسرح لا يستطيع مواكبة وتيرة التسارع الكبير في الأحداث وربما عكس هذا الفوران يستدعي تراكم وانتظار وقت لقراءة متأنية وواعية بعيدا عن ضغط اللحظة حتى لا نقع في الإستعجالية والإنفعالية وأدعوا للتمعن وعدم التسرع في الكتابة . كيف هو حال المسرح العراقي؟ ¯ معاناة كبيرة عاشها المسرح العراقي طيلة سنوات طويلة مع الحرب والصراع ، وبعدها دخل المسرح في دوامة الإحتلال وشكل موضوع الحرب القاسم المشترك ونقطة تقاطع كل الأعمال العراقية ولا يمكننا كعراقيين أن نقفز على هذه الفترة الموجعة ومن الصعوبة أن نسيانها وتجاوزها لأنها تغلغلت في أعماق وجودنا وستنعكس حتما مستقبلا على الأعمال التي سنقدمها والأكيد أن المسرح العراقي يمتلك تجارب متنوعة وثرية فضلا على خبرات متنوعة فالمسرحيون العراقيون م درسوا في انجلترا والاتحاد السوفياتي وغيرها من الدول ما أدى إلى التنوع في الرؤى على مستوى الإخراج والسينوغرافيا وغيرها . تعيش بعيدا عن الوطن منذ سنوات هل تنتابك فكرة العودة إلى الوطن العراق ؟ ¯ بالتأكيد تسكنني فكرة العودة إلى أرض الوطن ، لأنني غادرت العراق، في التسعينيات مجبراً، بعد أن قدمت موندراما «يا طيور»، في بغداد والبصرة، وبعد أحسست وأيقنت عن نية اعتقالي بسبب المونودراما سارعت بالاختباء أولاً ، ثم تمكنت من السفر سرا ، و تم التحفظ علي قبل مغادرتي العراق مدة 48 ساعة في الحدود العراقية، لكنني تمكنت من الإفلات والهروب ، وبقيت أتنتقل بين بلدان عربية وأجنبية وبعدها استقررت في الإمارات العربية المتحدة، ورغم وجودي في بلد عربي مضياف وكريم، إلا أن روحي لم تستقر إلا في مدينتي البصرة ووطني العراق لأن الغربة بمثابة استنفاد للطاقة الإنسانية.