كانت الساحة في الجزائر، مفتوحة على متعاملٍ وطنيٍّ واحد في الهاتف النقال لبضع سنين، حتى دخلها عليه شريك »شقيق« مُهِّدت له كل السبل الإدارية وذُلِّلت أمامه القوانين وغيرها، فراح يختطف منه زبائنه المُفترَضين، بما حمله معه من خدمات لم تكن متاحة من قبْل لدى موبيليس تَعتبِر كثير من الدول المعاصرة شبكة الاتصالات لديْها ركيزة من ركائز السيادة فيها، ولا يمكن تسليمها للقطاع الخاص سيما إذا كان أجنبيا، ولكن مع تطوّر المجتمعات بالدخول إلى عالم تكنولوجيا الاتصالات، وتقلص مفهوم السيادة وانكماش مساحتها، بعد خلق بدائل لما يُمكِن أن يتسرّب مع الموجات المتسابقة، فتحَت معظم الدول فضاءها الهاتفي إلى أكثر من متعامل، يتنافسون حول مَن يُقدِّم خدمة أفضل لمستعملي الهاتف المحمول من أفراد وهيئات ومؤسسات، وقد أسال الإقبال المتزايد على هذه الخدمة التكنولوجية، لعاب الشركات الرِّبحية المتخصِّصة، فراحت تُغري بالكثير من المزايا لربح المزيد من المال، مما يُحتِّم على الدولة أن تضبط قواعد السباق في الاتجاه الصحيح، لتحقيق الهدف الأساس من هذه العملية، وهي تنمية المجتمع من خلال ما تُمثِّله الاتصالات من أهمية، في الإسراع بخططه ومشاريعه نحو أهدافه، والدفع بأفراده إلى مستوى ما يعيشه مواطنو البلدان المتقدِّمة . كانت الساحة في الجزائر، مفتوحة على متعاملٍ وطنيٍّ واحد في الهاتف النقال لبضع سنين، حتى دخلها عليه شريك »شقيق« مُهِّدت له كل السبل الإدارية وذُلِّلت أمامه القوانين وغيرها، فراح يختطف منه زبائنه المُفترَضين، بما حمله معه من خدمات لم تكن متاحة من قبْل لدى موبيليس، ودفعت معاملة الدولة المتساهلة مع هذا الوافد، إلى الانتشار بشكل ظنَّ المتابعون لتكنولوجيا الجوّال، أنه احتكر الساحة الهاتفية، وكاد يُلغي جدلية التنافس المرغوب فيه والمعمول به في العالم، غير أن الطموح »المُتطرِّف« الذي تحوَّل إلى طمعٍ أسقط صفة النبل عن عملية التنافس، ما دفع الدولة للتحرّك بُغيَة إعادة تصويب العملية، وهو ما أغاض صاحب تلك الشركة، الذي تحوّل إلى »ندّابة« على أكثر من منصة إعلامية وهيئة دولية، ولم يبقَ في دائرة مطالبته الجزائر بما لا يستحق، بل راح يُشهِّر بها وبمسئوليها،لأنهم طالبوه بأن يلتزم بالقانون ويُسدِّد ما عليه لصالح الخزينة العمومية . قد يكون الجهاز التنفيذي للدولة، أو مَن يملك صلاحية بحْثِ ملف تلك المؤسسة وتسويته، عالج المشكل بطريقة هي أقرب إلى مَن قال: »وداوِني بالتي كانت هي الداء« فكانت خدمة الهاتف النقال مرة أخرى، مع متنافس »شقيق« آخر، أغرته السوق الجزائرية التي يقول السياسيون، إن مريديها هدَّارون كثيرا، ولكن من غير أن تكون الانطلاقة من خط واحد أيضا، مما سيترك آثاره السلبية على المؤسسة العمومية المتخصِّصة، ذات التجربة الرائدة والانتشار الواسع، خاصة وأنها امتصت من البطالة المتنامية، أكثر من أربعة آلاف، بين عون وإطار وخبير مشهود له بالنجاح في بلدان أخرى، هي أكثر تقدّماً في مجال توسيع استعمال تكنولوجية الاتصال عن طريق المحمول، بالإضافة إلى أن كل ما تجنيه هذه المؤسسة، يعود بالنفع على الجزائر في شكل استثمارٍ وطني، في حين نجد أن أحد منافسيها، أخرج لوحده- وبما يسمح له به القانون- أكثر من ستمائة مليون دولار في عام واحد . إنني لا أدعو إلى غلق الأبواب أمام الاستثمار الخاص، سواء كان وطنيا أو أجنبيا، بل ألح على تعزيزه وتدعيمه، ولكن ليس على حساب القطاع العام المؤهَّل، فأنا ممَّن يؤمنون أنه لا بد أن نجعل من الخاص قيمة مضافة في مسار التنمية، وليكن التنافس الجديُّ الحقيقي، المنطلق من خط انطلاق واحد، بين القطاعات ذات السلعة الواحدة والخدمات المتعدِّدة هو ما يصنع الفارق، ويُبقي من يستحق البقاء، ويُلغِي من يلهث فقط وراء الربح، وما دامت معالم خط الانطلاق لم تتحدّد بشكل واضح، فإن المسْحة السياسوية الضيِّقة، ستظل تُغطِّي على الطابع الاقتصادي للعملية، وتخلق اختلالات من شأنها أن تؤخِّر إحداث السياسة التنموية الموعودة في هذا المجال، ويمكن رصد بعض الاختلالات الخطيرة التي استقيناها من مصادر مطَّلعة على عالم تكنولوجيا الاتصال، والتي تعرفها سلطة الضبط أكثر من غيرها: *أيادي المؤسسات الخاصة، العاملة في قطاع الهاتف النقّال، مطلوقة في الإشهار المباشر ومن غير وسيط، مع مَن تشاء وبالكيفية التي تراها مناسبة، بينما يد المؤسسة الوطنية مغلولة، فلا تستطيع أن تُشهِر لمنتوجها إلا عن طريق الوكالة الوطنية للإشهار التي تأخذ أربعين (40%) في المائة من كل عملية إشهار . *الشركات الخاصة، تستطيع الترويج لخدماتها عبر جميع وسائل الإعلام الجزائرية، بما فيها تلك التي يحكمها القانون الأجنبي، بينما يُمنَع عن المؤسسة الوطنية التعامل مع تلك الوسائل، مما يجعلها محرومة من فضاءات جديدة ومفيدة، تُوصِل بلا شك إلى زبائن ينتظرون مَن يصلهم بإغراءاته أو خدماته أولا. *تخضع عملية إقامة الهوائيات الجديدة أو الإضافية للشبكة، إلى رخصة تُسلِّمها السلطات الولائية، بعد تكوين ملفٍّ إداري يمر برحلة بيروقراطية طويلة، عندما يتعلّق الأمر بمؤسسة موبيليس، في حين تُختصَر تلك الرحلة، كما يؤكِّد بعض إطاراتها المُسيِّرة بمرارة أو يُلغَى الترخيص أصلا . *محاولة إرغام المؤسسة على تغذية مناطق الظل بالهوائيات المطلوبة، كي يستفيد منها المتنافسون دون أن يُساهموا في أعبائها المالية . يبدو أن انعدام استراتيجية وطنية للاتصال عموما، قد أنتج حالة من اللامبالاة ما زالت تضرب القطاع العام عموما، وتُعتبَر المؤسسة الوطنية موبيليس، إحدى ضحاياها، ممّا يتطلّب تجديد النظرة إليها من قِبَل الحكومة، وإعادة تقييمها التقييم الصحيح، خاصة وأنها لا تكتفي بما تُحقِّقه من ربح ماليّ لخزينة الدولة، يتم تدويره في شكل استثمار في تكنولوجيات الاتصال، بل راحت تنفرد أو تساهم في دعم كل مجهود ثقافي يهدف إلى تنمية القيّم الوطنية، بالرعاية أو التمويل أو التكريم أو بها جميعا، من فرسان القرآن إلى ألحان وشباب إلى آخر موعدٍ لها مع نصْرة الإبداع،حينما قامت بتكريم صبيّة جزائرية لم يتجاوز عمرها الأربع عشْرة سنة، تخطّت حدود الجزائر العميقة، لتفوز بالقاهرة في مسابقةٍ دوليةٍ للقرآن الكريم، قال فيها الرئيس المدير العام سعد دامة، إن أسرة موبيليس كلها تفخر وتعتز بمَن مثّلت الجزائر في أنبل المسابقات وأجملها، وهل هناك ما يعلو على قراءة القرآن الكريم وحفظه ؟؟؟ [email protected]