أرجع الخبير المالي عبد المالك سراي أسباب تنامي ظاهرة الأسواق الموازية للعملة الصعبة إلى ثقل تعامل البنوك مع المواطنين إضافة إلى التهرب الجبائي لكثير من التجار والمتعاملين الماليين، مؤكدا على أن هذه الظاهرة لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني، وقال إن 40 مليار دولار يتم تداولها خارج البنوك . * ما هي الأسباب التي ساعدت على انتشار الأسواق الموازية للعملة الصعبة في الجزائر؟ **هناك أسباب عديدة نذكر منها أولا مستوى معاملة البنوك مع المواطنين فغالبا مانجد البنوك الجزائرية تتعامل بثقل مع المواطنين ما أدى بالكثير منهم إلى تفضيل السوق السوداء، وعلى الرغم من الإصلاحات المالية التي باشرنها الجزائر في مجال تحديث البنوك إلا أنها لازالت تتعامل ببطء لا سيما في مجال التحويلات المالية، بالإضافة إلى هذا نجد أن كثيرا من المتعاملين الاقتصاديين يتهربون من الجباية من خلال عدم كشفهم لإمكانياتهم المالية الحقيقية لدى مصالح الضرائب ،كما أن معظم الجزائريين لا يملكون ثقافة إدخار أموالهم في البنوك وذلك راجع إلى غياب الثقة بين المواطن والمؤسسات المصرفية ،ونجد هناك أيضا مايسمى بالتجارة غير المسجلة والتي تتحكم فيها لوبيات توظف قرابة 40 بالمائة من الأموال خارج نطاقها القانوني ،كما نجد من العوامل المتسببة في انتشار هذه الأسواق مستوى الصرف فالبنك المركزي يراقب الدينار بصفة ذكية وهذه الرقابة لم تترك الدينار ينزل ويمكن أن نعتبر أن هذه السياسة ممتازة. *كيف يمكن النهوض بالعملة الجزائرية ورفعها إلى مستويات أفضل بالمقارنة بما هي عليه الآن خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية ؟ **يمكن القول أن البنك المركزي الجزائري ينتهج سياسة حكيمة في مراقبته للدينار فهو يحافظ على مستواه ،لكن هذا لا يكفي لان قيمة الدينار مرتبطة بمستوى الصناعة فكلما كانت الصناعة قوية يكون مستوى الدينار أفضل ،وهذا ما يساعد على التقليل من وجود الأسواق الموازية للعملة الصعبة وطالما أن الصناعة لا تمثل إلا 1 بالمائة من الاقتصاد الوطني فان ذلك لا يساعد على النهوض بالعملة الوطنية. *في رأيكم ما هي الانعكاسات التي تخلفها الأسواق الموازية للعملة الصعبة على الاقتصاد الوطني ؟ **أكيد أن هناك انعكاسات سلبية تؤثر على الاقتصاد الوطني بدرجة كبيرة، إلى جانب بعض الآثار الايجابية فالأثر السلبي يتمثل وجود 40 بالمائة من الامكنيات المالية لا تدخل في تحقيق التنمية للبلد لان هذا الكم الهائل من الأموال هو خارج مراقبة البنوك وتتحكم فيه لوبيات تستعملها في التجارة الموسمية أو تجارة الفرص مثل الأعياد والمناسبات الأخرى، أضف إلى ذلك غياب رقابة الدولة للأموال المستعملة فهو يخلق مشاكل أمنية كما نسجل رأي الدين في ذلك إذ يعتبر تخزين الأموال لايجوز شرعا ،ويمكن حصر الانعكاس الايجابي لهذه الأسواق في توفير يد عاملة فهي تشغل عشرات الآلاف من الشباب البطال،كما أنها لا تكدس بل تستغل في تنشيط التجارة. *بصفتكم خبيرا ماليا هل تعتقدون بوجود حلول للقضاء على هذه الظاهرة؟ وما العمل لتحصين الاقتصاد الوطني وتقليل الخسائر التي يتكبدها جراء انتشار الأسواق السوداء ؟ **يجب إشراك كل الأطراف في هذه العملية فعلى البنوك أن تسرّع في وتيرة تحسين وتحديث خدماتها لكي تكسب ثقة المواطن والزبون بدرجة أولى،وكذا الاستفادة من خدمات أفضل في هذا المجال ،إلى جانب هذا يجب إصلاح السياسة الجبائية فالمواطن الجزائري عادة ينفر أو بالأحرى يخاف من الجباية ،والعنصر الأهم في هذا كله هو الأخذ بيد هؤلاء الشباب الذين ينشطون هذه الأسواق وإعطائهم قروض لإقامة مشاريع واستثمارات بدل معاقبتهم ومصادرة أموالهم.