خففت الخارجية الأمريكية لهجتها حول ممارسة الحرية الدينية في الجزائر، وأكدت كتابة الدولة الأمريكية في تقريرها السنوي حول الحريات الدينية أن الدستور الجزائري يضمن الحريات الدينية وأن قوانين البلد تسمح لغير المسلمين بممارسة ديانتهم بكل حرية، محصية قرابة 70 ألف مسيحي. جاء التقرير الدولي السنوي حول الحرية الدينية في الجزائر لكتابة الدولة الأمريكية ، أول أمس، معتدلا عكس التقارير السابقة، وأوضح أن الأمر 0306 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2008 »يضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية في إطار احترام أحكام الدستور وأحكام الأمر والقوانين والتنظيمات الأخرى واحترام النظام العام والآداب العامة وحقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية«، مضيفا أن هذا الأمر »يحظر استعمال الانتماء الديني كأساس لتمييز ضد أي شخص أوجماعة ويضمن حماية الدولة لغير المسلمين والتسامح والاحترام بين مختلف الديانات«. وإن » لاحظت بعض القيود الدينية أحيانا«، سجلت كتابة الدولة الأمريكية مع ذلك أن »مسؤولي الحكومة الجزائرية يؤكدون أن الأمر يطبق على غير المسلمين نفس الواجبات المفروضة على المسلمين ومنها تلك القاضية بأن الشعائر الدينية يجب أن تمثل للقانون واحترام النظام العام والآداب وحقوق الآخرين وحريات الأساسية، وأوضحت أن المسؤولين الجزائريين سجلوا أن التبشير الممارس من طرف غير المسلمين يشكل في الجزائر مخالفة جزائية تؤدي إلى عقوبة بغرامة بمليون دينار وخمس سنوات سجن، مشيرة إلى أن الحكومة لا تطبق تلقائيا العقوبات. وعلى صعيد آخر، قالت كتابة الدولة أن المجتمع الجزائري »يتحلى عموما بالتسامح« إزاء الأجانب الذين يمارسون ديانات أخرى غير الإسلام، مذكرة بأن 99 بالمائة من السكان البالغ عددهم 1ر37 مليون نسمة هم مسلمون سنيون وأقل من 1 بالمائة هم مسيحيون أو يهود. وأحصى التقرير مابين 30 ألف إلى 70 ألف مسيحي في الجزائر موزعين على عنابة، العاصمة،ووهران، في حين قدرت عدد الأقباط الصربيين بألف إلى ألف و500 شخص. وفيما يتعلق بالمسيحية، صنفت كتابة الدولة الأمريكية الإنجيليين من بينهم »سبتيي مجيئيوا اليوم السابع« كأكبر عدد المسيحيين في الجزائر متبوعين بالمنهجيين وأعضاء آخرين من العقائد البروتيستانتية ثم الكاتوليك الرومان، موضحة أن جزءا كبيرا من المقيمين الأجانب من المسيحيين والذي يصعب تحديد عددهم هم طلبة أومهاجرين غير شرعيين قدموا من إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الذين يسعون إلى الالتحاق بأوروبا. وعن اعتناق الديانات، اعتمدت كتابة الدولة الأمريكية على إحصائيات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف التي أعلنت عن إشهار 150 أجنبيا إسلامهم سنة 2011 مقابل اعتناق 50 جزائريا للديانة المسيحية. وذكر التقرير الأمريكي بأن القانون الجزائري يفرض على المجموعات الدينية تقديم طلب اعتمادها لدى الحكومة قبل ممارسة أي نشاط ديني، وأوضح أن اللجنة الجزائرية للمصالح الدينية لغير المسلمين »تسهل مسار التسجيل لصالح كل المجموعات غير المسلمة«، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الدينية الجزائرية أعطت توجيهات إلى الهيئات والأجهزة التي تشكل هذه اللجنة لمطالبة ممثليها »بتطبيق الأمر بشكل عادل ومنع كل تلاعب تمليه اعتقادات الموظفين« العاملين بهذه الهيئة، ناهيك عن السماح للأشخاص أوالمجموعات الدينية التي ترى أنها لم تحظ بتعامل منصف من قبل وزارة الشؤون الدينية تقديم طعونا للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، مضيفا أنه »نادرا ما تم استعمال« وسيلة الطعون من قبل المجموعات الدينية. وأكد تقرير كتابة الدولة الأمريكية أنه رغم عدم حصول الكنائس الانغليكانية وغيرها من الكنائس البروتيستانتية على اعتمادها بعد إيداع ملفاتها إلا أنها »لم تسجل أي تدخل من الحكومة في خدماتها الدينية، مشيرا نقلا عن مسؤولين بوزارة الشؤون الدينية أن هذا التأخر راجع إلى المسار الإداري إلى جانب مسائل تنظيم داخلية لبعض الجماعات الدينية. وبشأن مسألة المعابد، ذكرت كتابة الدولة أن »القانون الجزائري ينص على وجوب تسجيل كل الهياكل الموجهة للصلاة الجماعية غير الإسلامية لدى الدولة وأن كل تغيير في هذه الهياكل يجب أن يحظى بموافقة مسبقة من قبل الحكومة مع وجوب القيام بالصلوات الجماعية في هياكل معتمدة موجهة حصريا لهذا الغرض«، وأشارت إلى أن المرسوم التنفيذي المؤرخ سنة 2007 يوضح كيفيات وشروط ممارسة الشعائر الدينية غير الإسلامية، مؤكدة أن الحكومة الجزائرية تسمح »لجماعات التبشير بالقيام بأعمال إنسانية شريطة أن لا تقوم بنشر دياناتها«. وفي السياق ذاته، أوضح التقرير الأمريكي أنه حتى وإن كان استيراد الكتب الدينية غير الإسلامية يشترط فيه الحصول على موافقة الحكومة فإنه »قانوني بالنسبة للمواطنين والأجانب أن يجلبوا من الخارج نصوصا دينية غير إسلامية مثل كتاب الإنجيل بغرض الاستعمال الشخصي«، وأشار إلى أنه كانت للسفير الأمريكي في الجزائر ومعاونيه محادثات حول حرية الديانة مع مسؤولين في الحكومة الجزائرية كما أنهم قابلوا معلمين ومختصين جزائريين في الدراسات الإسلامية، مذكرا باللقاءات التي جمعت مسؤولي السفارة الأمريكية بأئمة وأعيان دينيين وممثلي الجاليتين المسيحية واليهودية، إلى جانب تنظيم موائد الإفطار بالسفارة الأمريكية لعلماء المسلمين وممثلي بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي.