رغم حملات التوعية الواسعة التي تطلقها وزارة الصحة على لسان الأخصائيين بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين، إلا أن عدد المدخنين الجزائريين إناثا وذكورا في تزايد مستمر وعدد ضحايا التدخين أكبر، فالتبغ يقتل 15 ألف جزائري سنويا أي ما يعادل 40 حالة يوميا. علما أن الجزائريين ينفقون سنويا ما يفوق 50 ألف مليار سنتيم على التبغ و30 بالمائة منهم نساء. لم يعد أحد منا يجهل مخاطر التدخين وتأثيره السلبي على الصحة مهما كان عدد السجائر المستهلكة، لأن النتيجة واحدة للأسف ومأساوية في الكثير من الأحيان تضطر المدخنين للتخلي نهائيا عن سموم التبغ التي ينفثونها في أجسامهم طوعا أو كراهية. حميد 43 سنة من كبار المدخنين يحرق يوميا علبة كاملة من السجائر وأحيانا أكثر فالأمر مزاج بالنسبة إليه ويتوقف على الحالة النفسية التي يكون فيها، شعر حميد منذ فترة بوعكة بآلام في صدره وتنميل في ذراعه الأيسر، تكرر ذلك لعدة مرات قبل أن يضطر لأن يقصد طبيبا وجهه مباشرة إلى أخصائي في القلب واتضح أنه يعاني من بوادر أزمة قلبية يقول حميد:س اضطررت في الأخير للتخلي عن التدخين مرغما وليتني فعلت ذلك قبل أن أبتلى بالمرض.س أما سهيل الذي لا يتجاوز عمره ال44 عاما، فقد تعرض إلى مرض معقد في المعدة ولم يتصور أبدا أن للتدخين دخل في الموضوع:س اعتقدت أن الأكل الخفيف خارج البيت هو السبب فالتزمت بالأكل البيتي لكن لا شيئ تغير فقد كانت حالتي تسوء من يوم لآخر وكم كان اندهاشي بالغا حينما أخبرني الطبيب أن ما أعاني منه بسبب التدخين وطلب مني التخلي عنه حلا ففعلت وفعلا بعد فترة وجيزة شفيت واضطررت لمواجهة الصداع وسوء المزاج الناجم عن ترك السجائر وتجاوزت الأمر أخيرا. أما سعاد 34 سنة فقد اضطرت للتخلي عن السجائر هي الأخرى بعد حملها بطفلها الأول حيث نصحتها الأخصائية النسائية التي كانت تتابع عندها، ففعلت ذلك لأجل عيون مولودها كما قالت:سكسبت الكثير بعد أن تخليت عن السجائر، تخلصت أولا من الحرج الاجتماعي الذي تشعر به كل أنثى في مجتمع يرفض تدخين النساء كما أنجبت طفلا سليما ولله الحمد و استعدت إشراقتي أيضا وبشرتي الصافية التي لم أعد أرها منذ مدة وحتى شهيتي للأكل. كشف رئيس المنظمة الوطنية لجمعيات رعاية الشباب عن مشروع الإسعاف المدرسي الذي تقوم به فرقة مختصة تقوم بزيارة المدارس و الجامعات للتحسيس بمخاطر المخدرات وتوخي الوقاية قبل العلاج و بضرورة الكف عن تعاطي التدخين في حال وقع التلاميذ فريسة لإدمان التبغ، ومتابعة الحالات في المركز الوقائي و العلاج النفسي المتواجد بالمحمدية أين يتواجد به طاقم طبي مختص في تخليص المدخنين من آثار التبغ من خلال منقوع فعال يتمثل في شاي يحتوي على اثني عشر عشبة، منها عشبة ز الفالاريا ز المعروفة في مجال مكافحة التدخين. وسلط عبد الكريم عبيدات الضوء على البرنامج السنوي للجمعية عشية إحياء اليوم العالمي لمكافحة التدخين والذي يشمل بالدرجة الأولى الوقاية من وقوع الشباب فريسة لإدمان التبغ قبل مكافحته، البرنامج سطر بالتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني، ويستهدف أبناء المدارس و الطلاب ذكورا كانوا أو إناث. و قصد الحد من الظاهرة أضاف عبيدات زلابد من الاعتماد على أشرطة وثائقية لا تتجاوز مدة عرضها العشر دقائق تظهر تقنيات بيداغوجية أوروبية من خلال تجسيد مضار التدخين على الإنسان الآلي ، أين يتم إظهار سليبات التدخين التي تعود بالسلب على الصحة و مدى تأثيرها على منطقة الرئة و الحنجرة والمخ الذي تتوزع فيه مادة النيكوتين.ويضيف عبيدات أن مثل هذا الإشهار المضاد له كبير التأثير على نفسية المدخنين. و فيما يخص الحلول المقترحة للحد من الآفة التي باتت تعرف انتشارا واسعا من سنة لأخرى، نصح عبيدات بضرورة تدخل وزارة التربية ووزارة الشباب و الرياضة و حتى وزارة التكوين المهني و البحث العلمي ، من خلال وضع برنامج وقائي خاص يستهدف فئة الشباب بصفة خاصة. اتفاقية حظر التدخين في الأماكن العمومية حبر على ورق اختارت منظمة الصحة العالمية كشعار لها بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة التدخين 2013 زحظر الإعلان عن التبغ والترويج لهس وأشار بيان لها إلى أن وباء التبغ العالمي يودي سنويا بأكثر من 6 ملايين مدخن ويقتل أكثر من 600 ألف شخص من غير المدخنين أي بسبب التدخين السلبي. هذا الأخير الذي لا يفتأ يحصد ضحايا أبرياء بسبب عدم تطبيق اتفاقية حظر التدخين في الأماكن العمومية رغم إمضاء أغلب الدول على اتفاقية الحظر و منها الجزائر. حيث بقيت الاتفاقية مجرد حبر على ورق على غرار القانون التنفيذي رقم 01 285 الصادر في 24 سبتمبر 2001 والمحدد للأماكن العمومية التي يمنع بها التدخين، إلا أن الصرامة تنعدم في تطبيقه ودليل ذلك انتشار التدخين على مستوى مختلف الأماكن العمومية دون أي رادع. ويبقى الحل حسب البروفيسور سليم نافثي رئيس مصلحة الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا كامنا في تطبيق القوانين بسياسة الردع وسنّ العقوبات والغرامات المالية لكل من يخالف القانون ويدخن في الأماكن العمومية ويضر بصحة المواطنين، تماما مثل التطبيق الصارم لقانون المرور وإرغام المواطن على دفع غرامات مالية وإلا فلن يفكر أحد في تطبيق قانون الحظر. 70 بالمائة من المدخنين دون 40 سنة وفقا لتقديرات وزارة الصحة، فإن الأسر الجزائرية تخصص ما نسبته 10 بالمائة من نفقاتها لاستهلاك التبغ، كما أن 70 بالمائة من المدخنين لا يتجاوزون 40 سنة، وأن 10 بالمائة من المستهلكين للتبغ من النساء. ويظل التبغ من بين المنتجات التي تجني منها الدولة عائدات جبائية مرتفعة. ولمواجهة هذا الخطر تنظم وزارة الصحة حملات دورية لتوعية المواطنين، خاصة الشباب في المؤسسات التعليمية وفي النوادي والأحياء وأماكن العمل تبين أخطار التدخين على الصحة العمومية، وتنبههم لتكلفة معالجة المرضى بسبب التدخين، كما تساهم وزارة الشؤون الدينية بحملة تحسيسية واسعة حول التدخين وأضراره على صحة الإنسان والمحيط، حيث تعرف كل مساجد البلاد وجميع المؤسسات الدينية أنشطة ودروسا توجيهية وصلت إلى حد تحريم التدخين والتبغ تحريما قاطعا لما يترتب عنه من آثار وخيمة على صحة المدخن ومحيطه على حد سواء. لكن ورغم كل حملات التوعية لا يزال التدخين يوقع في شباك إدمانه فئات أخرى أكثر فأكثر على غرار الأطفال والنساء. إذ تشير الإحصائيات أن 30 بالمائة من تلاميذ المدارس يدخنون ولو مناسباتيا فيم تقبل 6 بالمائة من الجزائريات على التدخين متخطيات بذلك الحواجز الاجتماعية الرافضة للمرأة المدخنة في مجتمعنا،خاصة بعد أن انتشرت الشيشة في صالونات الشاي وبعض المطاعم بالعاصمة بنكهات أنثوية مغرية للبعض ممن أدمنوها وفي حسبانهم أنها أقل ضررا من السجائر في حين أن جلسة شيشة واحدة تعادل 5 علب سجائر مجتمعة. التدخين أخطر آفة تهدد الصحة العمومية أظهرت نتائج الاستطلاعات التي أجريت بمنطقة الشرق الأوسط حول آراء الأطباء عن التدخين والإقلاع عنه، بأن هذه العادة السيئة تمثل خطورة على المدى البعيد في الجزائر أكثر من بعض العوامل الأخرى مثل السمنة والعزوف عن ممارسة التمارين وتناول الكحول أو الإدمان على المخدرات، فالتدخين يلحق الضرر بكل عضو من أعضاء جسم الإنسان ويتسبب في أمراض قاتلة منها السكتة القلبية والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والجلطات الدماغية. وحسب البروفيسور سليم نافثي يتم تسجيل قرابة 4000 حالة إصابة بسرطان الرئة بين الرجال المدخنين، كما يتسبب في حوالي 7 آلاف إصابة بانسداد أوعية وشرايين القلب. كما ترتفع حالات الموت المفاجئ في أوساط المدخنين خاصة بعد عمر الخمسين. ولعل أسوء ما تواجهه الجزائر هو غياب أي إحصائيات جديدة ودقيقة تُوضح العدد الحقيقي للمدخنين والمدخنات من كافة الأعمار، بعد أن اتسعت دائرة المدخنين لتشمل شرائح أخرى من المجتمع كالنساء والأطفال، ويرجع ذلك إلى انعدام وجود برنامج وطني واضح وسياسة هادفة لمكافحة التدخين بالجزائر، وهو ما عرضها للتوبيخ أكثر من مرة من قبل لجنة التدخين التابعة لمنظمة الصحة العالمية بعد أن أحجمت عن إرسال تقاريرها السنوية عن وضعية التدخين بالجزائر.