تسجل الجزائر سنويا 42 ألف حالة طلاق، مما ينجم عنها التفكك الأسري الذي يذهب ضحيته الأطفال، بموجب قرار الوالدين القاضي بالانفصال، فيخسرون بذلك البيت الآمن والحياة المستقرة والشخصية السوية التي تساعدهم في مواجهة مصاعب الحياة المستقبلية، لتظل معاناتهم لصيقة بهم حتى الكبر، بسبب ذنب لم يرتكبوه، ناهيك عن الحالة النفسية التي سيعيشونها، ليدفع الثمن بعدها براعم في عمر الزهور، وهؤلاء هم من يطلق عليهم» ضحايا الطلاق«. ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة التي طالت المجتمع الجزائري أجمعت »صوت الأحرار« أراء بعض المختصين في المجال وعادت بهذه التحليلات للاستفحال ظاهرة التفكك الأسري بالجزائر وأهم ما تفرزه من تأثيرات تعود على الأطفال بالدرجة الأولى وقد تغير مجرى حياتهم الطبيعية مع رصد أهم الحلول التي من شأنها أن تقلل من الظاهرة. عبد الرحمان عرعار، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل 42 ألف حالة طلاق سنويا في الجزائر والضحية الأولى هم الأطفال ¯ ماذا يمثل 1 جوان بالنسبة للأطفال ضحايا التفكك الأسري؟ ¯¯ أظن أنه نفس اليوم الذي يعيشه أطفال العالم، إلا أن الاختلاف الطفيف يكمن في كيفية تعايش الأطفال مع الصدمة جراء قرار الطلاق اتخذه الآباء دون مراعاة حالة الطفل و ما ينجر عنه من التفكك العائلي الذي تعيشه هذه الفئة، حيث يصبح الطفل في أحادية لأنه يعيش في ألم، كما من حق الأطفال العيش بين الطرفين، وللأسف الآليات لا توجد للسهر على الوقوف على مثل هذه الحالات، خاصة الأطفال الذين لا يتحرمون من النفقة، بسبب رفض الأب تقديمها لأنه بحجة أنه لا يعمل، وهنا تظهر مشكلة من ينفق عليهم؟ لتلجأ بعض الأمهات للحصول على القوت بممارسة طرق غير شرعية لكسب المال ومن هنا تتولد في مجتمعنا العديد من الآفات الاجتماعية. ¯ هل تتكفلون بمثل هذه الحالات على مستوى شبكة ندى؟ ¯¯ نعم نتكفل بحالات الأطفال ضحايا الطلاق من خلال مرافقتنا للأمهات والآباء ، حيث نشاركهم في كل الأنشطة الخاصة بالأطفال بما فيها الوساطة خاصة إذا كان حق الأطفال في قضية النفقة ،الزيارة، كراء البيت ، بالإضافة الى احتجاز بعض الآباء للوثائق الرسمية للأطفال كجواز السفرأوالدفترالعائلي، هنا نعمل كشبكة للدفاع عن حقوق الطفل في إعادة كسبهم لحقوقهم. ¯ هل اطلعتم عن حالات لضحايا الطلاق وكيف يمكن التكفل بهم؟ ¯¯ عالجت شبكة ندى عدة حالات للطلاق وأغلب الحالات تمتلث في طلب النفقة أو الزيادة فيها ، استرجاع الحضانة و المطالبة بإسقاطها، كما نقوم بتتبع المرأة المطلقة عن طريق تقديم استشارة قانونية لها ،كذلك مرافقتها في جميع مراحل الدعوى أمام قسم شؤون الأسرة، و في حال كانت الدعوى تتعلق بطلب النفقة أو بدل الإيجار أو تعديلهما نقوم بتحرير عريضة لها بعد الاطلاع على حكم الطلاق وجميع الوثائق الضرورية، إما إذا كان الأمر متعلق بطلب الحضانة أو حق الزيارة فإنه بالإضافة الى العريضة التي نحررها نرفقها بإرسالية باسم شبكتنا نطلع فيها قاضي شؤون الأسرة بوضع الأطفال وهذا بعد أن نتابعهم أمام أخصائيين نفسانيين متواجدين في الشبكة، في حين الأطفال ضحايا الطلاق الأسري نقوم بعرضهم على الأخصائيين النفسانيين المتواجدين بمقر شبكتنا في حال ما إذا ارتأينا أن الحالة تستدعي المتابعة و العلاج الدائم نقوم بإحالتهم على المستشفيات والمراكز الصحية القريبة من مقر سكناهم للتكفل بهم. ¯ هل لديكم أرقاما بخصوص الظاهرة؟ ¯¯ تسجل الجزائر سنويا 42ألف حالة طلاق بدون الخلع الذي عرف انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة، وللأسف نحن في 2013 و لا توجد مرافقة للأطفال في المجتمع وإقامة بحث نفسي وإجراء تحقيقات نفسية على الوالدين والطفل. ¯ ماهي الحلول التي تقدمونها لتقليل من الظاهرة التي تعود بالسلب بالدرجة الأولى على الطفل؟ ¯¯ لابد من اعادة النظر في بعض القوانين خاصة المتعلقة بالأسرة، وفي حالة الانفصال بين الزوجين مع ضرورة حصول الأطفال على بيت يأويهم، الى جانب تحديد قيمة النفقة ،وإعادة النظر في سن الزواج، فهناك فتيات تزوجن في سن 13 و14 سنة بسب الظروف الاجتماعية الصعبة. ----------- خياطي مصطفى، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة والبحث ''15 مركز يتكفل بالأطفال ضحايا التفكك الأسري في الجزائر'' كشف خياطي مصطفي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة والبحث »فورام« أن هذه الأخيرة تقوم بالتكفل بالعديد من الأطفال الذين كانوا ضحايا التفكك الأسري وأصبحوا يعانون من العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية، مؤكدا أنه يوجد على مستوى الوطني 15 مركزا يحوي على العديد من الأخصائيين النفسانيين، حيث يكون التكفل بسيكولوجي بالأطفال ضحايا الانفصال الأسري، بالإضافة إلى تقديم الهيئة العديد من الدورات واللقاءات بين علماء النفس، وكذا إقامة تربصات لعلماء النفس مرتين في الأسبوع، ويضيف» نعمل على تسطيرالكثيرمن البرامج والأنشطة الترفيهية التي يستفيد منها الأطفال ضحايا الانفصال من خلال إقامة العديد من الألعاب الترفيهية لهم«. وأكد محدثنا أن الانفصال يترك العديد من الآثار الوخيمة لدى الطفل خاصة إذا وقعت صدمات قبل المرافقة أي بين السن 9 و16 سنة، مما يتسبب في ظهور العديد من الآفات الاجتماعية التي تعود على المجتمع كبروز ظاهرة التسرب المدرسي وعدم التركيز في المدرسة، إلى جانب معاشرة رفقاء السوء، وهروبهم من المنزل وغيرها من المشاكل.الآثار الوخيمة لدى الطفل خاصة إذا وقعت صدمات قبل المرافقة أي بين السن 9 و16 سنة، مما يتسبب في ظهور العديد من الآفات الاجتماعية التي تعود على المجتمع كبروز ظاهرة التسرب المدرسي وعدم التركيز في المدرسة، إلى جانب معاشرة رفقاء السوء، وهروبهم من المنزل وغيرها من المشاكل. -------- الدكتورة بلميهوب كلثوم أستاذة بجامعة الجزائر2 ''الطفل يحتاج الى بيئة مستقرة لكي ينمو بطريقة سوية'' ¯اعتبرت الدكتورة بلميهوب كلثوم، عضو في جمعية »فورام«، وأستاذة بجامعة الجزائر ,2 أن الفاتح من شهر جوان للطفل فسحة أمل، إلا أنه قدر على بعض الأطفال أن لا ينعموا بأسرة مستقرة، حيث يعيش الطفل محروما من نعمة التقاء والديه تحت سقف واحد، مضيفة» هذا لا يعني أنه حكم عليه بالتعاسة مدى الحياة بل أن هذه الخبرة المؤلمة يمكن أن يقلل المجتمع من آثارها السلبية بتظافرالجهود كل في مكانه فالوالدان رغما طلاقهما واعيان بدورهما الوالدي فلا يحرمان الطفل من حبهما وحنانهما والمجتمع بكل مؤسساته يأخذ بيد هؤلاء الأطفال فقد يجد الطفل إشباعا لحاجاته النفسية في جمعية أو نادي أو في المدرسة فأول جوان هو تذكرة لكل هؤلاء بدورهم اتجاه الطفل بشكل عام والطفل المحروم من حنان والديه بشكل خاص. وبخصوص تأثير الطلاق على الأطفال، أكدت الدكتورة أن الأطفال يحتاجون الى بيئة آمنة لكي ينموا نموا سويا، حيث إذا شعرالأطفال بالصراع بين الوالدين فان الحاجة الى الأمن تختل وبالتالي ينشؤون غير مطمئنين، الى ماذا سيحمله لهم المستقبل فيعانون معاناة نفسية تجعلهم فريسة سهلة للاضطرابات النفسية التي أساسها عدم إشباع الحاجات النفسية الأولية للطفل وهي الحاجة الى الأمن والحاجة للانتماء والحب، والتقدير، فكيف تتحقق هذه الحاجات في ظل الصراع وفي ظل الطلاق الذي يجعل الوالدين تعيسين ففاقد الشيء لا يعطيه. وأضافت بلميهوب أن الطفل الذي يعيش في جو أسري مفكك يشعر بالغربة وبالوحدة النفسية وبعدم الاطمئنان، حيث يشعر أنه غير مرغوب فيه وفي بعض الحالات يشعر بالذنب ويحمل نفسه سبب معاناة والديه مما يجعله شارد الذهن غير قادر على التركيز مما يؤثر على مردوده الدراسي. -------- المختص في علم الاجتماع،عيادي سعيد:''العوز المادي والاقتصادي يعد من أكبر عوامل التفكك الأسري'' ¯ من جهته قال المختص في علم الاجتماع، سعيد عيادي، أنه من بين الأطفال ضحايا الطلاق يعيشون سوء حالة الانقطاع في الاتصال والتواصل مع أوليائهم ،بالإضافة الى وقوعهم في تبني سلوكيات أخلاقية منحرفة لتعويض عما افتقدوه بالانقطاع عن الآباء ، ضعفهم وعدم قدرتهم على الاندماج في السيرورة الاجتماعية اليومية وذلك لتسريبهم المتواصل. وقال المختص أنه لابد من إعادة النظر في الدور الذي تقوم به الهيئة الاجتماعية للتكفل بالطفولي مع البحث أساسا في إعطاء قضاة الصلح المزيد من الصلاحيات لتعطيل إصدارات الطلاق ، الخلع.، حيث يسعون خلال ذلك من منع الطرفين من اتخاد قرار فك العلاقة، مؤكدا على ضرورة توجه وزارة الأسرة والتضامن الاجتماعي للتكفل بالعائلات الفقيرة لأن العوز المادي والاقتصادي يعد من أكبر عوامل التفكك الأسري ، بالإضافة الى اطلاع وزارة الصحة كما كانت تفعل في السباق بتقديم برامج تحفيزية حول الثقافة الإنجابية لدى الأسر الفقيرة في الأحياء الشعبية ، حيث نلاحظ أن أغلب الأسر المنجبة في الأحياء الفقيرة التي لا تتمكن من ضمان الرعاية السليمة للأبناء، وكذا تفعيل الأخصائي البسيكولوجي على مستوى المؤسسات التربوية لإعطاء الرعاية الخاصة بالأطفال المتمدرسين والذين يعانون حالة انفصال بين الأبوين. ------- المختص في علم النفس سليم زرقاوي ''انفصال الوالدين يفقد الطفل الثقة والأمان'' ¯ أكد المختص في علم النفس، سليم زرقاوي أنه ليس في كل الأحوال ضغوط الحياة تؤدي إلى انتشار ظاهرة الطلاق، حيث نرى أن الكثير من الأزواج يعيشون بحبوحة مالية وترف وراحة نفسية يتخذون هذا القرار، حيث تعود الى أسباب أخرى على غرار الحياة الشخصين لكلا الزوجين على حد السواء منها الخيانة، عدم القناعة بالزوج وغيرها، مضيفا أنه قد ينتج عن التفكك الأسري أثار نفسية منها كعدم الشعور الطفل بالأمان و فقدان الثقة بنفسه ، الى جانب تراجع المستوي الدراسي يترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة و يبتعد عن الأسرة و البيت فيجعل الشارع مأوى له فتجده يتسول لسد حاجته و قد تدفع الطفل البريء إلى السرقة و إتباع رفقاء السوء و يتفنن بالقيام بأعمال غير الأخلاقية و يبدأ الطفل ملاذ و مصلحة أفراد المجتمع لاستغلاله بشتى الوسائل وأشار المختص إلى أن الطلاق يؤتر على التحصيل الدراسي بدرجة كبيرة فهو يؤدي إلي الشرود الذهني و عدم الانتباه، العدوانية مع الأستاذ أو الأستاذة، بالإضافة الى تراجع رهيب في المواد الدراسية، وكذا صعوبات في التعلم، عدم القيام بالواجبات المدرسية كل هذه الأعراض تؤدي إلي مغادرة مقاعد الدراسة في سن مبكرة و التسرب المدرسي. وقال زرقاوي أنه يجب أن يكون الخلاف بين الزوجين في إطار هادئ و محترم و لا يجب أن يتسرعوا في اتخاذ قرار الطلاق في لحظة غضب و تبقى مشاكلهم في السرية، داعيا كل الآباء و الأمهات في حال وصول الأمور إلي الحضيض عليهم بزيارة المختص في العلاج العائلي لأن ذلك قد يساعدهم في اتخاذ الطريق الأنسب و استمرار الحياة الزوجية.