تعد قرية »أس أو أس» درارية للأطفال من أنجح المؤسسات و المراكز المتخصصة التي تعنى بالطفولة في خطر أو المسعفة بدون منازع و بشهادة العام و الخاص ، أثبتت منذ سنة 1992 تاريخ افتتاحها أنها العائلة الوحيدة البديلة على المدى القصير أو البعيد لمن لا عائلة لهم أو للذين يعاني أوليائهم من مشاكل مؤقتة يوضعون بأمر من قاضي الأحداث في انتظار ترتيب هؤلاء أمورهم الصحية أو المادية و تمكينهم من خلق مجددا أجواء عائلية تسمح باستقبال أبنائهم بأمر دائما من الواصي الوحيد عليهم قاضي الأحداث. و رفض مسيرو القرية أي شكل من أشكال المقارنة بين أطفالهم و أقرانهم الذين يعيشون في مراكز الطفولة المسعفة و البالغ عددها 24 مركزا عبر التراب الوطني مشيرين أن المقارنة يجب أن تتم بين هذه الفئة و غيرها من أطفال الجزائر لأنهم عملوا منذ 20 سنة على استحداث و إتباع أحدث الطرق الجديدة في مجال التكفل بهذه الفئة في جو عائلي بحث بعيدا عن التسيير التقليدي لدار الأيتام و ما يدور من سلوكات و تجاوزات خلف أسوارها في حق البراءة التي لا ذنب لها ... ربما لكل هذا و لأشياء جميلة أخرى تصنع يوميا في حق الأطفال أصبحت و لا تزال قرية الأطفال بدرارية محج و مقصد الكثير من الشخصيات و المشاهير في عالم الكرة المستديرة أو في مجال الفن أصبحوا من فينة لأخرى يتقاسمون سويعات مع أطفال القرية ولا يبخلون بالهبات و المساعدات المادية التي ساهمت في رفع هذه القرية إلى مصاف القرى العالمية من حيث طريقة التكفل و النتائج المتحصل عليها في مختلف المجالات. نجاح بنسبة مائة في المائة لأربع سنوات على التوالي هم 200طفلا تتراوح أعمارهم من 0 إلى 26 سنة يعيشون حياة طبيعية عادية في بيوت عائلية مع أخوة و أمهات بديلات يترددن بكل حرية على مدارس عادية خارج أسوار القرية محققين نتائج جد ايجابية في مشوارهم الدراسي بفضل دعم و مساندة من طاقم القرية الذي يحرص كل الحرص على تخصيص ميزانية إضافية لتدارك النقائص المسجلة في نتائج الدراسية لأي طفل في أي مادة كانت أساسية أو ثانوية دون تركيز كل الاهتمام على أقسام الامتحانات النهائية رغم أن تلاميذ هذه الأخيرة حققوا نتائج فاقت منذ أربع سنوات على التوالي كل التوقعات إذ لم تسجل أي حالة رسوب تذكر في كل من امتحانات التعليم الابتدائي و المتوسط والبكالوريا ، و بلغت نسبة النجاح لدى المترشحين مائة بالمائة في مختلف الأطوار الثلاثة، و لكن يبقى حرص مسئولي القرية كبيرا من أن لا أحد و لا أي مكان يمكن أن يعوض الأسرة البيولوجية لذلك نجح طاقمها بفضل جهوده الجبارة في إعادة 64 في المائة من الأطفال الذين استقبلتهم القرية إلى أسرهم البيولوجية أو إلى أحضان العائلة الكبيرة ومرافقتهم مرافقة نفسانية لتتم عملية تحويلهم من الأسرة بديلة إلى أحضان عائلتهم بيولوجية باستعداد و تحضير يدوم في بعض الحالات سنة و نصف على أقل تقدير حتى لا يتضرر الطفل من عودته المفاجئة إلى حضن أم جديدة و إخوة جدد أو إلى أحضان العائلة الكبرى سواء كانت خالة أو عم أو جد إيمانا من طاقم الجمعية أن قرية«أس أو أس «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعوض الأسرة الحقيقية في حال وجود هذه الأخيرة، وتبقى المتابعة لأحوال الطفل بعد عودته إلى أسرته البيولوجية مستمرة لا تنقطع بأي شكل من الأشكال و قد تتعدد أوجه المساعدة و المرافقة المقدمة للطفل و عائلتها في حال تسجيل مشاكل من أي نوع مادية كانت أو معنوية حتى لا تضيع القرية عمل و جهد طاقم بشري استثمر الجهد و الإمكانيات العديد من السنوات لخلق طفل متوازن بعيدا عن أي اضطرابات يمكن أن تتركها صراعات الكبار فيهم. و ارجع المكلف بالإعلام على مستوى قرية درارية أمين بوزهري نجاح مهمة الطاقم في التكفل بالأطفال على أحسن وجه إلى صغر سن الأطفال الذين يوضعون بأمر من قاض الأحداث تحت وصاية القرية ،حيث يتعود هؤلاء الذين يوضعون بالقرية وعمرهم لا يتجاوز السنة و النصف على الأم البديلة التي تكون دوما و باستمرار حاضرة في حياة هؤلاء تحرص كأي أم على مواعيد تلقيحهم في وقتها تحملهم إلى اقرب عيادة للأمومة والطفولة للتطعيم و لا تتردد في اصطحابهم لزيارة الطبيب خارج القرية عند تعرضهم لأي وعكة صحية ، و لا تفوت يوم التحاقهم لأول مرة بالمدرسة مهما كان الأمر، لتتوطد بين الأم البديلة و الطفل و الإخوة الذين يعيشون في بيت واحد رفقة الخالة التي تساعد الأم علاقة جد حميمية تسودها المحبة ولاحترام و التضامن فيما بينهم مما يجعل القطيعة وعودة الطفل في حال العثور على عائلته البيولوجية أمرا صعبا ما لم يسبقه تحضيرات نفسية مكثفة. فالأطفال الأوائل الذين استقبلتهم القرية مباشرة بعد تدشينها كبروا و تزوجوا لكنهم لازالوا لحد الآن يزورون أمهاتهم اللائي سهرن على تربيتهم و ضحين بحياتهن الشخصية مقابل اسعادهم و محاولة خلق أجواء عائلية دافئة تقترب من أجواء الأسرة الحقيقية ليصل الكثير من هؤلاء إلى مقاعد الجامعة و يصلوا إلى وظائف هامة بفضل تفاني الأم البديلة و من وراءها طاقم بأكمله الذي ظل يرافقه مرافقة شبه كلية من مأكل وملبس و مسكن حتى استقراره اجتماعيا ومهنيا و ماديا شعار القرية التي تعتمد اعتمادا كليا على نمط التكفل العائلي أن الأسرة لا تتخلى أبدا عن أولادها، فكيف للقرية أن ترمي بهم بمجرد بلوغهم سن الرشد؟ و كشف ذات المتحدث أن كل الأطفال الموجودين بالقرية و البالغ عددهم 200 طفلا موزعين إما على روضة الأطفال الموجودة بداخل القرية أو بالمدارس خارج القرية بمختلف أطوارها الثلاثة أو بالجامعة أو بمراكز التكوين المهني في حال توقف مسارهم الدراسي أو التحقوا بالحياة العملية بعد انتهاء مسارهم الدراسي، لتتلخص عملية التكفل بهؤلاء في ثلاث مراحل عمرية تقسم في نمط قرى العالمية للطفولة من 0 إلى 15 سنة يقيم فيها الطفل رفقة أم و خالة و إخوة من الجنسين في بيت عائلي إذ يوجد 14 بيتا عائليا، ليتم بعد سن ال15 التفريق بين الذكور و الإناث بوضع كل مجموعة في بيت مؤطر رفقة الأخت الكبرى بالنسبة للإناث و الأخ الأكبر بالنسبة للذكور على مستوى القرية أو خارجها بدرارية أو ضواحيها و يوجد بيتين مؤطرين داخل القرية و اثنين خارجها تكفلت إدارة القرية باستئجارهما لمن هم فوق ال15 حتى ال18 لينتقل من هم اكبر سنا للعيش في بيت حر يجمع ما بين 2 إلى 3 شباب يكونون إما جامعيين أو يزاولون تكوينا في احد المعاهد خارج القرية تحت إشراف المربي يتحصلون على ميزانية من إدارة القرية يسيرونها وفق ما تعلموه من الأخ الأكبر . و نوه أمين بوزهر بتزايد عدد المحسنين الذين لا يبخلون على أطفال القرية بمختلف الهبات والتبرعات التي تساهم بنسبة 67 في المائة في تسيير ميزانية القرية، خيرون يسارعون عند استلامهم لرواتبهم الشهرية في اقتطاع جزء رمزي ليساهموا به إيمانا منهم أن مثل هذا التضامن و التكافل الاجتماعي من شانه أن يساعد هؤلاء الأطفال في الحصول على تكفل عائلي جيد و استدل بكلامه على احد المحسنين الأوفياء البسطاء و الذي تعود أن يأتي كل نهاية شهر من باب الوادي إلى درارية بواسطة النقل الحضري ليسلم مساهمته الرمزية شأنه شأن الكثيرين الذين أعطوا من خلال التفاتتهم الخيرية هذه أحسن مثال في التضامن الاجتماعي ،حالهم حال الجيران الذين يسكنون قرب القرية و الذين يسارعون في الأعياد و المناسبات إلى مشاركة الأطفال فرحتهم، فلم يعد يفاجئنا جيراننا ، أضاف محدثنا ،كل عيد أضحى و هم يأتون مباشرة بعد صلاة العيد لنحر الاضحيات معنا في جو جميل تقشعر له الأبدان، مثل هذا التضامن جعل أطفال القرية يعيشون حياة هنيئة لا ينقصهم شيئا بفضل تضافر جهود الجميع. مركز صحي للأمن تحت تصرف أطفال القرية تمويل الدولة لهذه القرية باستثناء مبلغ ال3000دج التي تسلم للمتمدرسين المعوزين عند الدخول المدرسي كغيرهم من العائلات المعوزة تبقى محتشمة في جانبها المادي، لكن تتعدد أوجه المساعدات والتسهيلات المقدمة من مختلف مؤسساتها اعترف لنا بوزهري و التي ساهمت كثيرا في التقليص من بعض النفقات التي كانت تثقل الميزانية المخصصة لكل عائلة من خلال مبادرة المديرية العامة للأمن الوطني على سبيل المثال لا الحصر التي فتحت أبواب مركزها الصحي على مستوى واد الرمان أمام أطفال القرية سواء في شكل فحوصات أو متابعة صحية و أشعة و سكانير و عمليات جراحية تجرى لبعض الأطفال المرضى على مستوى مستشفى» لي غليسين « مبادرة ساهمت في تقليص فاتورة التغطية الصحية إلى جانب المساعدات المقدمة من طرف فرقة حماية الأحداث التابعة للدرك الوطني و مساهمة وزارة الشباب و الرياضة التي تسمح من خلال المخيمات الصيفية التي تنظمها كل صائفة لفائدة أطفال القرية للأمهات الاستفادة من عطلتهن الشهرية لتخلد لقليل من الراحة بعد 11 شهرا من العمل بدون انقطاع و تمكينهن من قضاء حوائجهن الإدارية و العائلية العالقة. أطفال يعشون في مستوى أقرانهم و اعترف ذات المتحدث بثقل مسؤولية الأم البديلة و البالغ عددهن 14 أما - بمعدل أم لكل بيت - تتكفل كل واحدة منهن بحوالي 8 إلى 9 أطفال في البيت الواحد بمساعدة خالة و تضطر في الكثير من الأوقات إلى الاستماع إلى تسعة أصوات و شكاوي تصدر من تسع شخصيات مختلفة في أن واحد و تحاول قدر المستطاع خلق جو من الانسجام و التآخي و التراحم بين هؤلاء و تتابع مسار كل واحد منهم سواء الدراسي أو التكويني و تحرص على نجاحه مهما كلفها الأمر ، و تسعى جاهدة لتسيير ميزانية البيت على أحسن وجه دون الإخلال بأي جانب من الجوانب سواء الغذائي أو الصحي و حتى الترفيهي بمراقبة مستمرة من مدير القرية و تعمل أغلبهن بذكاء و حكمة شديدين على الادخار من ميزانية الشهر التي تسلمها لها إدارة القرية للاحتفال بعيد ميلاد احدهم في أجواء عائلية بهيجة على سبيل المثال لا الحصر حتى لا يشعر هؤلاء بشيء من النقص و هم يحرمون مما يتمتع به أقرانهم في الدراسة. »نحتاج لكل أشكال الدعم و المساعدة التي يقدمه لنا العديد من المحسنين منذ تاريخ تدشين القرية سنة 1992 ، قال بوزهري، لكن نرفض كل ما يمكن أن يضر بالطفل من العاب عنف أو أشياء قد يقدمها بعض المحسنين تعود الأطفال على حياة الترف والبذخ ليس في مستوى إدارة القرية توفيرها لأطفالها على مدار السنة ،لكن نحرص كل الحرص أن يكون لأطفالنا ما لأقرانهم الذين يعيشون رفقة أسرهم من مستوى معيشي لائق بعيدا عن أي شكل من أشكال المقارنة بفئة الأطفال التي تعيش في مراكز الدولة فعلى سبيل المثال لا الحصر قبل سنوات دعا رئيس الجمهورية إلى تجهيز كل بيت جزائري بحاسوب وانطلاقنا من أننا مجموعة من العائلات عملنا ما في وسعنا وبمساعدة المحسنين على تجهيز 14 بيتا ب 14 حاسوبا عملية تنقلنا إلى مصاف ومستوى العائلة الجزائرية لان من حق أطفالنا أيضا أن يعيشوا سعداء.