يفتح غدا المجلس الشعبي الوطني، في ملتقى دولي، النقاش حول الإصلاحات السياسية في الجزائر، بمشاركة برلمانيين جزائريين وأجانب، لتقييم مسار المبادرة التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أفريل 2011 وما تحقق من أهدافها وفيما إذا كانت خطوة الإصلاح السياسي والتغيير الهادئ جنّب الجزائر سيناريو ما سمّي »الربيع العربي« . تأتي مبادرة المجلس الشعبي الوطني لتقييم مشروع الإصلاحات السياسية والجزائر على وشك استكمال المسار بتنصيب لجنة خبراء لتعديل الدستور الساري قبل أسابيع برئاسة الدكتور عزوز كردون، ومعلوم أن الرئيس بوتفليقة جعل من تعديل الدستور المحطة الأخيرة للإصلاحات السياسية، كما تأتي المبادرة في ظرف سياسي يميّزه الترقب من قبل الطبقة السياسية خاصة مع بداية العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي المرتقب بعد أقل من 10 أشهر من جهة وغياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي من وجهة أخرى لوجوده بباريس في فترة نقاهة بعد الوعكة الصحية الأخيرة التي تعرّض لها. ومن المنتظر أن يناقش المشاركون في الملتقى الدولي الذي سيحضره برلمانيون من دول صديقة نموذج الجزائر في التغيير الهادئ أو التغيير من الداخل الذي بادر به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد الحراك السياسي الذي عصف بالمنطقة العربية وأطاح بأكثر من نظام عربي، حيث أعلن آنذاك رئيس الجمهورية في خطابه عشية اليوم الوطني للعلم عن مشروع طموح للإصلاح السياسي بمراجعة أهم التشريعات في البلاد على غرار قوانين الانتخابات والإعلام والأحزاب والجمعيات وكذا المبادرة بمشروع قانون لتعزيز وترقية المشاركة السياسية للمرأة يتضمن نظام الكوطة للنساء في المجالس المنتخبة وهي مشاريع القوانين التي ناقشها وأعاد صياغتها نواب العهدة التشريعية الفارطة. ولعلّ السؤال الجوهري الذي سيبحث له المشاركون عن إجابة خلال الملتقى هو فيما إذا كان مشروع الإصلاحات السياسية قد جنبّ الجزائر بشكل نهائي سيناريو ما سمي اصطلاحا »الربيع العربي« والذي أدخل أكثر من دولة في دوامة العنف واللاستقرار خاصة بعد نجاح الجزائر في تنظيم استحقاقين انتخابيين متتاليين في ماي ونوفمبر .2012 وسيحظى موضوع تعديل الدستور بأهمية خاصة في الملتقى بوصفه الخطوة التي أراد الرئيس بوتفليقة أن تكون تتويجا لمسار الإصلاحات السياسية يحدّد من خلالها خيارات الجزائر في منظومة الحكم كما يعيد من خلالها النظر في منظومة الحقوق والحرّيات الأساسية وسدّ الثغرات في الدستور الساري لتأمين الجزائر وتحصينها مستقبلا من الهزّات السياسية. كما سيجد نواب الأغلبية البرلمانية أنفسهم في موقف المدافع عن مشروع الإصلاحات السياسية باعتبار أن المعارضة اتهمتهم بإفراغ مبادرة الرئيس بوتفليقة من مضمونها وتفصيل مشاريع القوانين على مقاسهم وبما يخدم مصالحهم. وتجدر الإشارة إلى أن مشروع الإصلاحات السياسية الذي بادر به الرئيس بوتفليقة سمح بإعادة تشكيل الخارطة السياسية في الجزائر من خلال اعتماد أحزاب سياسية جديدة بعد مراجعة قانون الأحزاب كما سمح للنساء بتمثيل وصل إلى 30 بالمائة في المجالس المنتخبة مما مكن الجزائر من افتكاك مراتب متقدّمة عربيا ودوليا من حيث المشاركة السياسية للمرأة.