وأضاف هيكل، في حوار أجراه مع الإعلامية لميس الحديدي من فضائية »سي بي سي« المصرية، أن الوضع في مصر بالغ الخطورة وأن مرسي قلق فعلا من تظاهرات »30 يونيو«، كما أنه ونظامه لا يملكان حرية إنشاء سياسات وقوة تحويلها إلى قرارات وإقناع الناس بالفعل وليس بالأقوال، مؤكدا أن الجيش لا يمكن إقصاؤه بعيدا عن الوضع العام، كما أن التلويح بالمحاكمات العسكرية لا يناسب الوقت الحالي، لأن الجيش المصري لم يعد جيش الملك أو الإمبراطور.. وفيما يلي نص الحوار بتصرّف. كيف شاهدت الخطاب الأخير للرئيس محمد مرسي ؟ ● لديّ ملاحظات على شكل الخطاب، لابد أن يكون هذا الموعد محدّدا ولا يتم تأجيله إلا لظروف استثنائية، وأن تستطيع وسائل الإعلام وأوّلاها الصحافة أن تلحق بهذا الموعد عند النشر. الطبعة الأولى وبعض الطبعات الثانية لم تستطع أن تنشر شيئا من هذا الحوار أو تعلق عليه، الرئيس الأمريكي يلقى خطبه الساعة 12 ظهراً لكي تستطيع الصحف أن تعلق على الخطاب، البلد على أعصابها، وتم تأجيل هذا الخطاب ثلاث مرات، دخلت مكتبي صباح الخميس، وجمعت بعض النقاط، وجدت على مكتبي جريدة تصدر فى جنوب إفريقيا، عنوانها يقول »مصر وسوريا تموتان«، أحسست بانقباض شديد عندما شاهدت هذا العنوان فى ضوء ما تذكرته من خطاب الرئيس، العالم يقلق علينا بهذه الطريق، واطلعت على جريدة »الحرية والعدالة« فوجدت عنوانها »إعلان الحرب على محطات الثورة المضادة«، أحسست أننا أمام مشهد »عبثي«، الرئيس يعطي لهذه المحطات كثيراً جداً من اهتمامه، أنا شخصياً شُتمت بما يكفى مجلدات ولم أرد، النظام يعمل منذ سنة، كنت أتصور أن الرئيس سيعلن الحرب من أجل استعادة الحياة والنبض واللحاق بما فات، أدرك جيداً أن جزءاً كبيراً من المشكلات ليس من صنعه، لكنك بما فعلت زودت المشكلة، اليوم الذي سبق الخطاب به كمية كبيرة من التسريبات والشائعات، وأعتقد أنها مقصودة، هذا الاجتماع مقصود به تبشير بأمل، مما راعني في الخطاب أنه تحدث عن أسماء بالتحديد، وهذا لا يحدث ولا يجوز، هناك فرق بين أن أستمع لرئيس حزب ورئيس الدولة، في حضور بعض المؤسسات الشرعية بالدولة، الرئيس بإمكانه التكلم عما يفعله خصومه كرئيس حزب، وأنا واحد من الناس الذين كانوا كثيراً ما ينصفون الرئيس، قلت إنه لابد أن يجد هذا التيار لنفسه مكاناً شرعياً في الحياة السياسية، لكن إذا تكلم كرئيس دولة لابد أن تكون له حسابات. هل هذا خطاب رئيس قلق من »30 يونيو«؟ ● أعتقد فعلاً أنه قلق لأنه لا يرى الحقيقة سواء من 30 يونيو أو غيره، النظام الذي يملك حرية إنشاء سياسات وقوة تحويلها إلى قرارات وإقناع الناس بالفعل وليس بأقوال على طريقة »لا تقل لي شيئاً ولكن دعني أرى«، الحزب الحاكم عادة لا يبدأ بمظاهرات بل يصدر قرارات تعجب الناس أو لا تعجبهم، ومن ثم ينظم المعارضون مظاهرات وهى بديل مدني للجيوش فى حالة الحرب، هي »جيوش السياسة«، حشد الجماهير وكلام المنصة في المظاهرة لا علاقة له بالناس كما أنهم فى سهرة أو دوار، والناس تقف فى الشارع لا علاقة لها إلا أنها فقط مجرد حشد، أردوغان فؤجئ بمظاهرات هي غضبة وليست ثورة، عمل اجتماعا حاشدا لكي يشرح موقفه، من يملك القرار يتحدث أولاً. الرئيس لوح باستخدام المحاكمات العسكرية لمن يسيء إليه.. كيف رأيت ذلك؟ ● الحديث كله سيئ الحظ، القوات المسلحة في العصر الحديث، لم نعد أمام جيش الملك أو الأمير أو الإمبراطور، نحن أمام جيش المواطنين، قيادة وضباطا محترفين، لا نقدر أن نعزل الجيش عن العمل العام، الجيوش أصبحت جزءاً من تخطيط السياسات لأن الأمن القومي أصبح متصلاً، نحن أمام حروب اقتصادية ونفسية واجتماعية وضد الإرهاب، هذا اقتضى أن تكون كل الجيوش فى العالم أن تكون قريبة من العمل العام وموقع اتخاذ القرار، وهنا أقصد موقع الدولة وليس موقع الحزب. كيف قرأت تصريحات الفريق أول السيسي الأخيرة؟ ● أعتبرها موفقة، ولم أكن متحمساً عندما طرحت القوات المسلحة فى مرة سابقة أن تتولى حواراً للقوى الوطنية، لكن فى هذه المرة وهذا البلد على حافة الهاوية ويدفع إلى المجهول الذي من الممكن أن يؤدى إلى حرب أهلية، وهو ما دعا السيسي إلى إصدار هذا البيان، وهدفه أن الجيش يطلب من الأمة إلى يتولى الدفاع عنها بتماسك الأمة، السيسي صاح بضرورة وجود أرضية سياسية، السيسي وجه كلامه لكل الأطراف بأن البلد يقف فى عراء التاريخ، والسيسي لم يقل كلمة »الشرعية«، مبارك كان موجودا فى الرئاسة عندما قامت الثورة وكان يستطيع أن يدعى أنه شرعي ولكن موقف الجيش كان أن موقع الشرعية انتقل من مكانه وهنا قال قف، وهذا لا يعنى أن الجيش لا يعترف بشرعية الرئيس، الوضع بالغ الخطورة. هل التحول في الوضع على الأرض غيّر موقف القوات المسلحة؟ ● الجيش عندما تحول من جيش الملك إلى جيش الشعب أصبح هناك تحول في »الولاء لمن؟« بمعنى أن الرئيس له شرعية أن يقول طالما أنه يعبر، وشرعية أن يأمر طالما أنه يمثل، فإذا أحس أن التمثيل فى خطر وأن التعبير ليس واضحاً أعتقد أن الجيش دق جرس إنذار وأضاء مصباحا أحمر »أرجوكم توقفوا« كلنا على حافة خطرة وهذا البلد لا يستطيع أن يواصل تماسكه الوطني، أنا شاهدت الجيش فى مراحل كثيرة جداً، الجيش ابن الوطنية المصرية وأبوها وقت الأزمات، لابد أن تتدخل قوى الدولة من فكر ومؤسسات وقانون ويبدأ حوار عاجل تحت رعاية معينة مثل الأزهر والكنيسة والقوات المسلحة وبشكل ما القضاء، لا يجب أن أقصى التيار الإسلامي، إذا تبين إجماع القوى المكونة للدولة وكانت الدولة في خطر، نحن أمام حيرة رجل يجب أن يكون لديه مستشارين أفضل من هذا بكثير ومعلومات وعلم أكثر من هذا في المجال الإنساني. ما رأيك في قرارات الرئيس التي ذكرها في خطابه؟ ● الموجود هو أشبه بغارة على سلطة الدولة واحتلال مواقعها، لابد أن يفهموا أنهم جاءوا عن طريق ثورة لم يكونوا هم صناعها بل شاركوا فيها متأخراً، نحن أمام جماعة تحتاج أن تجلس وتفكر، الرئيس يتحدث عن الدستور وإذا قرأنا كتاب الدكتور وحيد عبد المجيد أزمة »دستور 2012«، الذي كان عضواً بالجمعية التأسيسية للدستور، سنفهم كثيراً مما حدث فى الدستور، الرئيس تحدث عن تعديل الدستور بعد 6 أشهر من إقراره، ما هذا الدستور !!. هل تعتقد أن لجنة المصالحة ستفلح؟ ● يجب على الإخوان، وهنا أقصد الدكتور محمد بديع المرشد العام، عندما يكون عندنا مصدراً للوحي ولديه السلطة ويوحي ولا يظهر، هذا كلام مخالف لمنطق الدولة الحديثة والشفافية، لابد أن يخرج أمام الناس لكي يحاسب ويشرح، نحن أمام دستور لا أوافق عليه وتطلب منى كمعارضة أن أوافق على المشاركة في الحكومة، أليس غريباً أن الكبار من رجال حزبه لم يوافقوا على المشاركة، لو عرض على من كان مرشحاً قبل مرسي عن جماعة الإخوان المسلمين أن يتولى منصباً أعتقد أنه لن يوافق، لأنه يريد القوة من وراء الظل ويحكموا دون أن يحاسبوا، تتحدث عن منير فخري عبد النور، أنه رفض أن يكمل وسط جماعة النبرة الدينية فيها عالية جداً وأنت لا تعرف شيئاً، وما تسمعه يخيف وما تراه يقلق. كيف ترى ''30 يونيو''؟ ● لا يزال رهاني على الشباب، ومستقبل أي بلد فى الدنيا مرهون بشبابه، وفى مثل هذه الظروف لم أكن أقابل لا »تمرد« ولا شباب »25 يناير« أبداً، لكني لا أريد أن أكون طرفاً فى اللعبة، ولكنى رأيتهم لأنني أحس أن المستقبل مرهون بهؤلاء الشباب، وعندهم مهمة فى منتهى الصعوبة، وأهمية 30 يونيو تتمثل في تحرير طاقة هذا البلد، أن هذا البلد لا يرتهم لا لماضي ولا تصفية حسابات ولا برامج ضيقة الأفق وبعيدة عن العصر، هذا الشاب يتظاهر لكي يؤكد أن مستقبل البلد عنده وليس أي شخص آخر، وأنه قوة لابد أن يحسب حسابها فى كل التعاملات، أنا أحترم هؤلاء الشباب وظواهر التجدد لديهم، ميدان التحرير في »ثورة 52 يناير« تم بيعه مليون مرة بواسطة سماسرة، لكن أنا أمام حركة شباب نقى ومسنودة بجموع شعبية أكثر مما كانوا فى ميدان التحرير، ولابد أن تظهر قوتهم في صيحة مستقبل »كفاية كده بالراحة علينا«، وأن يعلو إرادتهم في التغيير، شباب »تمرد« لديهم تصور لمرحلة ما بعد مرسي، وأنا قلت لهم من الصعب تحقيقها بهذا الشكل، لدينا مياه متراكمة كثيرة خلف السد العالي ولكنها تحتاج لتوربينات لتوليد الكهرباء، وهم لا يملكونها، فهم يحتاجون لمن يقود وينظم فعلهم، أكبر مشكلة فى السياسة »كيف تحول تيار عام إلى سياسي«، كل الناس لديها أفكار، قوة المجموعة في »25 يناير« توقفت لأن الناس احتارت في الأطراف، لكن الآن هناك هدف أن هذا البلد لا يموت وسيجد وسيلة التغيير، وهى تجيء بواسطة قيادة سياسية تبرز لكي تستطيع أن تحول هذا إلى طاقة وقرارات، أريد من كل القوى المؤثرة بداية من القوات المسلحة وحتى الأزهر والكنيسة والقضاء والفكر أن نجد طريقة لبحث مستقبل هذا البلد، لا نريد أن نرى البلد في فتنة، أنا أرى للأسف الشديد أن التيار الإسلامي ليس مستعداً للعصر أو الزمن الحالي، لكنه يجب أن يشارك فى أي حوار وطني، شباب التيار الإسلامي يدركون جيداً المأزق الذي تدخل فيه البلد، مرسي تحدث فيي خطابه عن الاستقطاب وللأسف خطابه كله استقطاب. هل يمكن لحشد ''30 يونيو'' أن يحرر إرادة وطن؟ ● هناك فرق بين أن »يحرر« و»يعلن«، أريد من الشباب أن يعلن إرادة الوطن وهذا يكفي، نحن أمام بلد يندفع إلى كارثة والجيش قال توقفوا، لابد أن يقولوا أن البد له مستقبل أيام أخرى. كيف سيواجه الشباب هذا النظام إذا استمر عدة أيام في الشارع؟ ● كما قلت نريد إعلان الإرادة بمشاركة كل قوى الشعب الذين شاهدوا ما حدث فى السنة الماضية من تخبط واللاسياسة ولكن بطريقة سلمية، أنا شخصيا خدعت وتصورت أن هناك برامج ولكن هذا لم يحدث، أنا أخاف من العنف، لا يجب على أحد أن يتصور أن مطامعه هي مستقبل وطن، أريد من المرشد العام أن يتحدث، كهنوت الاختباء لابد أن تنكشف عنه كل الأستار وأن نرى الجميع، بعض أعضاء مكتب الإرشاد أخبروني أنهم أخطأوا في الاقتراب من السلطة، وأنا تصورت أن الرئيس سيقول فى خطابه إنه أخطأ فى الإقدام على السلطة لكننا فوجئنا به يقول إن المشكلة فى الإعلام. هل »30 يونيو« تهدد مرسي أم تهدد »الإخوان«؟ ● أتمنى أن يفهم كل الأطراف أن المهدد الوحيد هو هذا الوطن، وأننا في حاجة إلى مسلك آخر، وأن الوطن باق، هناك قوة هذا الشباب وقوة القوات المسلحة وقوة العنصر الخارجي، وجزء من إعلان الإرادة أن تقول لكل الأطراف ودون استثناء أن هذا وطن مصمم على البقاء والحياة والتقدم.