ساعة واحدة من الزمن كانت كافية لأن تضع حدا لسبعة أشهر من حالة الشغور في منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني بعدما التأم شمل اللجنة المركزية أمس الأول بفندق الأوراسي لتزكية عمار سعداني أمينا عاما جديدا للحزب العتيد. لم يمنع الجدل القانوني الذي أثير مساء الأربعاء الفارط حول انعقاد الدورة الطارئة للجنة المركزية الأعضاء وممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية من التوافد صباح الخميس على فندق الأوراسي بالعاصمة، ومن الوهلة الأولى وبالنظر إلى التعزيزات الأمنية في محيط الفندق يدرك المرء أهمية الحدث الجاري التحضير والترتيب له، كيف لا؟ وهو الموعد الذي طال انتظاره واستعصى على القائمين على تسيير الحزب العتيد الذهاب إليه. القاعة المخصصة لاحتضان الحدث كانت جاهزة منذ الثامنة صباحا كما حرصت بعض القيادات الأفلانية على التواجد فيها لمتابعة التحضيرات من جهة وللردّ على استفسارات الصحفيين من جهة أخرى لرفع الغموض واللبس اللذين أحاطا بظروف وحيثيات انعقاد هذه الدورة للجنة المركزية، وفيما انصب اهتمام الإعلاميين على من حضر ومن غاب من القيادات البارزة في الحزب العتيد لاسيّما أعضاء المكتب السياسي والوزراء والأمناء العامون السابقون، كان اهتمام المنظمين أكثر بعدد الحضور وهو ما بدا واضحا من الأحاديث الجانبية والاتصالات الهاتفية التي لا تنقطع بهدف معرفة ما يجري في المعسكر الآخر والذي تحصّن رموزه بالمقرّ المركزي بحيدرة وفي الوقت نفسه لاستعجال من هم في الطريق لأن الحضور إلى هذه الدورة وعلى خلاف ما سبقها من الدورات حاسم ومصيري فالمهم ليس النصاب فحسب وإنما جمع أكبر عدد ممكن من أعضاء اللجنة المركزية لإضفاء المصداقية والشرعية على ما سينبثق عنها خاصة عملية انتخاب أمين عام جديد للحزب الذي ظلّ دون رأس طيلة السبعة أشهر الماضية. كما حرص المنظمون على نسخ منطوق الحكم الصادر صباح الخميس عن المحكمة الإدارية لبئر مراد رايس والمتعلّق بالدعوى التي رفعها بعض أعضاء اللجنة المركزية ومنهم عبد الكريم عبادة وصالح قوجيل للطعن في رخصة تنظيم اللقاء التي منحتها ولاية الجزائر لأحمد بومهدي، وتوزيعه على الصحفيين للتأكيد على أن كل الشروط القانونية متوفرة لجمع أعضاء اللجنة المركزية. كلّ شيء أصبح جاهزا الأغلبية التحقت بالقاعة، كانت الساعة تشير إلى الساعة الحادية عشر وعشرون دقيقة عندما اعتلى أحمد بومهدي المنصة رفقة ليلى الطيب بصفتها العضو الأكبر سنا وعبد القادر زحالي بصفته الأصغر سنا للإعلان عن عدد الحاضرين شخصيا والحاضرين بالوكالة والغائبين بعذر، فقد بلغ عدد الحاضرين 271 عضوا مقابل 81 غابوا عن الحدث ليفتح المجال لرئيس ديوان الحج والعمرة الشيخ بربارة لتلاوة فاتحة الكتاب والتضرع إلى الله للم الشمل، ليعلن بعدها أحمد بومهدي رئيس مكتب الدورة عن جدول الأعمال الذي يتضمن نقطة واحدة وهي انتخاب أمين عام جديد، ليطلب من أعضاء اللجنة المصادقة على لجنة الترشيحات. دقائق قليلة لتعود لجنة الترشيحات إلى المنصة للإعلان عن مواد القانون الأساسي للحزب والنظام الداخلي التي تحدّ كيفية انتخاب الأمين العام، ليعلن بعدها رئيس اللجنة السعيد بن دعيدة عن فتح باب الترشيحات للمنصب، يتولى مدني حود ترشيح عمار سعداني فيما يختار مصطفى معزوزي، الذي ظل متمسكا بترشحه للمنصب إلى غاية الدقائق الأخيرة التي سبقت افتتاح الدورة، الصعود إلى المنبر للإدلاء ببعض الكلمات تبرّر قراره بالانسحاب من المنافسة، كلمات رافقتها دموع ذرفها المتحدث وهو يشدّد على ضرورة وحدة الصف والحفاظ على وحدة الدولة وخلص إلى القول إنه يساند انتخاب عمار سعداني للمنصب قبل أن يدعوه هذا الأخير للجلوس إلى جانبه، كلمات تفاعل معها الحاضرون بالتصفيق فيما اتجهت كاميرات الصحفيين صوب عمار سعداني باعتباره الأمين العام المقبل لحزب الأغلبية. رئيس لجنة الترشيحات يتدخل مرة أخرى ليسأل عن الراغبين في الترشح قبل رفع الجلسة لدقائق إلى حين إعداد لجنة الترشيحات المحضر، دقائق استغلها عديد من أعضاء اللجنة المركزية للتقرب من الأمين العام الجديد للتهنئة وتبادل بعض الكلمات. وبعد تراجع الراغبين في منافسة عمار سعداني على منصب الأمين العام وسحب ترشحهم على غرار السعيد بوحجة وعبد الحميد سي عفيف ثم الانسحاب العلني لمصطفى معزوزي، لم يعد مجديا اللجوء إلى الصندوقين الشفافين اللذين أعدّا سلفا ووضعا بالقرب من المنصة ليكونا تحت أعين الجميع صحفيين وحاضرين، لأن انتخاب الأمين العام سيكون بالتزكية، جميع الحاضرين في الدورة الاستثنائية للجنة المركزية للأفلان المنعقدة بالأوراسي رفعوا الأيدي لتزكية عمار سعداني ومنحه شرف تولي الأمانة العامة لحزب الأغلبية، منصب كانت عليه كثير من الأعين وأثار الطموح لتوليه كثير من الخلافات والتجاذبات قبل أن يعود في نهاية المطاف إلى الرئيس الأسبق للغرفة السفلى عمار سعداني. ساعة واحدة من عمر الدورة الطارئة للجنة المركزية كانت كافية لتنصيب عمار سعداني على رأس الأفلان خلفا لعبد العزيز بلخادم وليلتحق بقائمة عشرة أمناء آخرين تعاقبوا على قيادة الحزب العتيد منذ سنة .1962 مباشرة بعد توليه المنصب صعد سعداني وسط تصفيقات الحاضرين إلى المنصة لتوجيه كلمة بالمناسبة عبّر فيها عن أهمية الحدث الذي جمع فرقاء الحزب العتيد كما أكد حرصه على لم الشمل وتحقيق المصالحة في صفوف الحزب دون إقصاء أو تهميش لأن بيت الأفلان يسع الجميع مهما اختلفت الرؤى وتضاربت المصالح.