أكد التقرير الذي أعده البنك العالمي حول مستقبل الماء بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، أن أكبر خطر ستواجهه المنطقة العربية خلال العقود القليلة القادمة هو مسألة ندرة الماء ، سواء تلك المخصصة للشرب ، للسقي الفلاحي أو تلك الموجهة للنشاط الصناعي. وثيقة البنك العالمي أوضحت منذ البدء، بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ستشهد أخطر الأزمات في تاريخها تتمثل في حدوث نقص فظيع في الماء خلال العقدين القادمين ، إذا لم تقم المنطقة بتبني استراتيجية فعالة من الآن لمواجهة هذا الخطر، لأن « استهلاك نصف بلدان المنطقة من الماء ، يفوق حجم التساقطات السنوية من الأمطار،ثم أن كمية المياه المتوفرة لكل فرد بالمنطقة ستنخفض إلى النصف بعد عقدين من الآن ، وأكثر من هذا فإن 85% من المياه توجه للسقي». وأضافت الدراسة سالفة الذكر، بأن الوضع سيزداد تدهورا بسبب التغيرات المناخية المرتقبة على المستوى العالمي ، التي تفيد بتراجع تساقط الأمطار بنسبة تتراوح بين( 20 40 %) وزيادة في درجة حرارة الكرة الأرضية ،« وهو ما يعني زيادة في نسبة تبخر المياه ، وعليه ستضطر غالبية السكان بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى العيش بكمية زهيدة من الماء سواء تلك المخصصة للشرب أو الموجهة للسقي ،وانعكاسات ذلك على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على المنطقة برمتها». وبرأي المؤسسة المالية الدولية ، فإن قطاع الإنتاج الغذائي في المنطقة، « سيتعرض لأخطر الانعكاسات وأشدها بسبب ندرة المياه ، لأن 85% من المياه في المنطقة تستخدم في السقي، وأمام النمو الديمغرافي المتزايد للسكان و زيادة حاجياتهم من الماء ، فمن المتعذر في هذه الحالة تلبية الطلب على الماء إلا بتخفيض الماء الموجه للقطاع الزراعي ، وهو إجراء من الصعوبة بمكان اتخاذه على المستوى السياسي والمؤسساتي ». وواضح أن انخفاض الموارد المائية الباطنية والسطحية الضرورية للزراعة ، يعني أن المنطقة ستصبح أكثر تبعية للمواد الغذائية المستوردة من الخارج ، وهذا سيؤدي لا محالة إلى بروز مخاطر اقتصادية كبيرة ، فضلا عن التقلبات في أسعار المواد الغذائية المستوردة. و في هذا الإطار، كلنا يتذكر الاضطرابات الخطيرة التي شهدتها العديد من الدول النامية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البورصات العالمية ، حيث أطلق على هذه الاضطرابات «مظاهرات الجوع»، وهذا السيناريو مع الأسف الشديد لا يمكن استبعاده في السنوات القادمة في المنطقة العربية. وفي هذا الإطار وحسب تقديرات أصدرتها منظمة التغذية والزراعة ( الفاو) استندت على دراسة أعدتها وزارة الفلاحة الأمريكية ، قامت فيها هذه الأخيرة بتحليل انعكاسات الأزمة الاقتصادية على المجاعة في العالم ، أظهرت الوثيقة بأن "منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ، يعيش بها أكثر من 42 مليون شخص يعانون من المجاعة"، على غرار ما هو موجود بالدول التي تعاني من هذه الظاهرة المأساوية.