لا تساهل بعد اليوم في مسألة وزن المحفظة المدرسية، هذا ما تنص عليه تعليمة وزارة التربية التي دعت مديريات التربية على المستوى الوطني بتجنيد كافة الإمكانات للتخفيف من ثقل المحافظ المدرسية وحثت الأولياء والمعلمين على ضرورة التقيد التام بهذه الإجراءات مهددة بمعاقبة المخالفين. ¯ وفي هذا الإطار، شرعت مديريات التربية في تطبيق مشروع الأدراج المدرسية للتخفيف من عبء نقل التلاميذ لكل مستلزمات الدراسة صباح مساء استجابة لتعليمة وزير التربية الذي أخذ مسألة تخفيف وزن المحفظة المدرسية بعين الاعتبار من خلال برنامج جديد أشرفت عليه لجنة متخصصة تضمن إلزام المعلمين بإتباع قائمة دراسية موحدة كتقليص عدد الكراسات وتحديد عدد الصفحات إلى جانب أن هناك بعض المدارس التي تحوي على خزائن خاصة تمكن التلاميذ من ترك أدواتهم المدرسية، لكن للأسف ليست كلها لأنه لو توفرت هذه الخزائن بالشكل الذي يفي بالغرض لما طرحت مسألة ثقل المحافظ مع كل دخول مدرسي، الأمر المعمول به في الخارج. في حين نادى احمد خالد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ بضرورة تقسيم الكتاب المدرسي إلى ثلاثة أجزاء وفقا للفصول الدراسية ونفس الشيء بالنسبة للكراريس، معتبرا أن مثل هذا الإجراء سيقلص بصفة آلية من ثقل المحفظة المدرسية. وفي نفس السياق، دعت نقابات التربية الوطنية إلى ضرورة إنجاز كتب مدرسية بأجزاء مع إعادة النظر في كيفية التوزيع اليومي للحصص. في انتظار التطبيق..المحافظ المجرورة حل مؤقت لم يجد أولياء التلاميذ من حل لمواجهة خطر المحافظ الثقيلة سوى اقتناء المحافظ المجرورة التي تحولت منذ سنوات إلى ظاهرة، بحيث تلاحظ أطفال المدارس يجرونها وراءهم كل صباح يستوقفونك بأصوات عجلاتها المحتكة بالإسفلت وحجمها يضاهي أحجام بعضهم، خاصة منهم تلاميذ السنوات الأولى للتعليم الابتدائي, تقول وريدة أم طفلة في السنة الثالثة من الطور الابتدائي: ''ابنتي نحيفة وضعيفة البنية، أما وزن محفظتها فيتجاوز نصف حجمها مما دفعني لأن أشتري لها محفظة بعجلات كما تناديها هي حتى لا تضطر لحمل الأثقال يوميا، أتذكر أن والدها كان مضطرا لتوصيلها وإعادتها يوميا بالسيارة قبل أن أتفطن لشراء المحفظة المجرورة بعد أن لاحظت أغلب زملائها يستعملونها، خاصة الإناث''. أما أم وليد البالغ من العمر 8 سنوات، فقالت:''لقد عانى ابني منذ سنتين من ضيق في الصدر و ألم مبرح كان يعتريه كلما حمل المحفظة الثقيلة التي يتجاوز وزنها 9 كيلوغرامات، واعتقدت في أول الأمر أنه يعاني من برد في الشعب الهوائية ولما أخذته للطبيب أوضح لي أنه لا يعاني مما اعتقدت، بل ثقل المحفظة يضغط على صدره ويؤذي رئته من الجهة التي يعلق فيها محفظته التي تزن 10 كيلوغرامات تقريبا.واضطررنا بعدها إلى اقتناء المحفظة المجرورة رغم رفضه للموضوع بحيث اعترض على الأمر بحجة أن الإناث فقط هن من يقمن بجر المحافظ، لكن مع إلحاحنا ومراقبتنا تعود على الأمر، لكنه ليس حلا دائما لذا نتمنى أن تتحقق وعود وزارة التربية في توفير الادراج في الأقسام ليرتاح التلاميذ والأولياء''. ويطالب محمد 48 سنة أحد أولياء التلاميذ وزارة التربية ومديرياتها بمتابعة تطبيق الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية في هذا الدخول المدرسي في شأن تخفيف الحقائب المدرسية، والتي كما يقول أثلجت صدور أغلب الأولياء، لكنه يطالب كغيره من الأولياء بالمتابعة الميدانية في تطبيق هذه الإجراءات التي يرجو أن تشمل كل المؤسسات التربوية. في حين أكدت سيدة أخرى أن بناتها في الطور الابتدائي يرين أن الحقائب المجرورة تحولت إلى موضة لا غنى عنها والكل يقبل على اقتنائها في الأعوام الأخيرة لأنها الأفضل والأريح أيضا بين التلاميذ الصغار. فيما يرى بعض أولياء الأمور أن تقليص حجم الكراريس والأدوات المدرسية من قبل وزارة التربية الوطنية ليس حلا للقضاء على مشكل المحفظة الثقيلة التي تتسبب في عواقب وخيمة على الأطفال المتمدرسين، باعتبار أن الكتب المدرسية حافظت عليها الوزارة والتلميذ مجبر على حملها، وهي التي تتسبب في ثقل المحفظة. أخصائيو الصحة يدقون ناقوس الخطر حذر البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث من خطورة ثقل المحافظ المدرسية، مشيرا إلى أن وزن المحافظ في بعض الأحيان يصل إلى نصف وزن التلميذ يقطع به أحيانا مسافات طويلة قد تصل إلى 5 كيلوغرامات أو أكثر، خاصة في الأرياف، وأضاف خياطي أن جيلا كاملا من أبناء الجزائر يهدده مرض ''السكوليوز'' الذي لا يتسبب فقط في اعوجاج العمود الفقري وآلامه، فالأخطر أنه يسبب ضيق القفص الصدري الذي يضغط على الرئة، كما يشوه أجساد التلاميذ لتسببه في ظهور الحدبه. وأضاف خياطي أن تلاميذ الطور الابتدائي أكثر عرضة للإصابة بداء ''السكوليوز'' بسبب المحفظة المدرسية الثقيلة التي تجعل العضلات تعمل بشكل أكثر قسوة، مما يؤدي الى إصابتها بالتوتر والإجهاد وجعل العنق والكتفين، والظهر أكثر عرضة للإصابة. وكشف خياطي أن المحافظ الثقيلة تعيق النمو الطبيعي للأطفال، مشيرا إلى وجود علاقة وطيدة بين حمل المحافظ الثقيلة والإصابة بالتواء العمود الفقري. وحذرت جمعية حماية المستهلك من خلال بيان لها منذ أيام من الأخطار الناجمة عن حمل التلاميذ لحقائب مدرسية ثقيلة، الأمر الذي يتسبب لهم في أضرار صحية على مستوى الظهر والرقبة أو فد يصل الأمر إلى الإصابة بإعاقة دائمة، وأضاف ذات البيان أن وزن الحقائب المدرسية من شأنه أن يؤثر سلبا على التحصيل العلمي للتلاميذ ومردودهم الدراسي وليس فقط على صحتهم. كما صنفت جمعية المستهلك حسب ما أورده بيانها الأضرار الصحية للحقائب المدرسية على أنواع، وذلك حسب الطريقة التي يحملها التلميذ إلى ثلاث من الحقائب التي تحمل على كتف واحدة والحقائب التي تحمل على الظهر أي على الكتفين معا. والحقائب التي تحمل باليد، معتبرة الحقيبة التي يضعها التلميذ على كتف واحد أكثرها ضرراً. بالنظر إلى كونها غير مستقرة عند وضعها على الظهر ويكون ثقلها على جانب واحد دون الآخر ما قد ينجر عنها آلام في الكتف واعوجاج في العمود الفقري، وعن النوع الثاني من الحقائب والتي يحملها التلميذ الكتفين فتجذب الطفل إلى الخلف فيضطر في كل مرة إلى الانحناء فينحني إلى الأمام ,وهو ما يسبب ضررا لعضلات الظهر و ارتخاء في عضلات البطن، وشد العضلات كلها على العمود الفقري مما يصيبه بالتقوس، مؤكدا أن استمرار حملها لفترات طويلة من الممكن أن يسبب له نوعاً من انزلاق العمود الفقري لتي يمكن أن تسبب له مشاكل في الظهر عند التقدم في السن.