على الرغم من مضي شهر على مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، لا أحد يعرف من المسؤول عن قتل المئات من المصريين بحسب الإحصاءات الرسمية والآلاف بحسب التحالف الوطني لدعم الشرعية. وتجاهلت الحكومة المصرية المطالبات الحقوقية المحلية والدولية بفتح تحقيق في أحداث المجزرتين، بل إن وزارة الداخلية المصرية نفت في أكثر من بيان لها أن تكون قد أطلقت الرصاص الحي على أيٍّ من المتظاهرين، مشيرة إلى أنها لم تستخدم سوى الغاز المسيل للدموع أثناء عملية الفض، وهو الحديث ذاته الذي أكده الوزير محمد إبراهيم في أكثر من لقاء مع وسائل إعلام وفضائيات مصرية. وكان رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي ومصطفى حجازي -المستشار السياسي للرئيس المؤقت عدلي منصور- قد أكدا عزم الدولة فتح تحقيق شامل وشفاف للوقوف على حقيقة وقوع تجاوزات بحق المعتصمين أثناء عملية الفض. ومع ذلك فإنه لا الحكومة ولا النيابة العامة خطت خطوة واحدة في هذا الصدد، رغم خطواتهما المتلاحقة والمتسارعة في تعقب معارضي الانقلاب وتوجيه التهم إليهم. من جهته رفض المحامي والحقوقي منتصر الزيات كل ما يصدر من بيانات عن وزارة الداخلية جملة وتفصيلا فيما يتعلق بعدم استخدام الرصاص الحي ضد المعتصمين، وأكد أن تقارير الطب الشرعي الخاصة بعدد كبير من ضحايا المجزرة أثبتت أن سبب الوفاة يرجع إلى إصابات مباشرة بالرصاص الحي في الرأس والرقبة والصدر وهو ما يشير إلى وجود أجهزة متخصصة وراء عمليات القتل. وأوضح الزيات للجزيرة نت أن ما حدث في فض الاعتصامين، وأمام دار الحرس الجمهوري والمنصة وكذلك ما حدث في رمسيس يدخل في نطاق القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد من الناحية القانونية، مضيفًا أن المسؤول الأول عنه هو الرئيس المؤقت للبلاد ثم رئيس الوزراء ووزيرا الدفاع عبد الفتاح السيسي والداخلية والمسؤولون من قيادات الأفرع التي أعطت الأوامر بتنفيذ هذه المجازر كقائد الحرس الجمهوري ومساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي. وعن عدم فتح تحقيق فيما تعرض له معارضو انقلاب الثالث من جويلية من قتل على يد الأجهزة الأمنية ومحاولة التعتيم على ما وقع بحقهم من اعتداءات وصفتها منظمات حقوقية دولية ومحلية بالفتاكة، قال الزيات إن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم أي بمرور السنوات، مؤكدًا أن كل من شارك أو خطط أو حرض على ارتكاب هذه المجازر بحق المصريين سينال عقابه إن عاجلا أو آجلا.إلا أن نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان -مركز حقوقي شبه رسمي- عبد الغفار شكر قال إن المجلس شكل أربع لجان لتقصي الحقائق في حوادث جسيمة أعقبت الثلاثين من جوان ومن بينها فض اعتصامي رابعة والنهضة.وأضاف أن المجلس سيقدم التقارير النهائية لهذه اللجان إلى النيابة العامة وأجهزة الدولة، وسيقوم كذلك بعرضها على المواطنين عبر وسائل الإعلام. وأشار إلى أنه في حال تجاهل السلطات لهذه التقارير سيعمل المجلس على فضحها أمام العالم كله.يشار إلى أن الرابع عشر من أوت الماضي شهد مجزرة تمثلت في قيام قوات الشرطة مدعومة بقوات من الجيش والعمليات الخاصة بفض اعتصام رابعة العدوية والنهضة بعد مرور 48 يوما على الاعتصامين اللذين طالب المعتصمون فيهما بعودة الشرعية ممثلة في عودة الرئيس المعزول محمد مرسي وعودة الدستور والبرلمان المنتخب ومحاكمة قادة الانقلاب العسكري .