تجتمع اليوم الحكومة بالاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل في لقاء ثلاثي رسمي يهدف إلى توحيد الرؤى حول ملفات اقتصادية كثيرا ما كانت محل خلاف بين هذه الأطراف أهمها دعم وترقية الإنتاج الوطني وتقليص فاتورة الاستيراد التي بلغت هذه السنة رقما غير مسبوق، إضافة إلى ملف القروض الاستهلاكية الذي تُرافع المركزية النقابية من أجل عودته وتوجيهه لدعم الإنتاج الوطني ناهيك عن المشاكل البيروقراطية التي يُعاني منها المستثمرون وغيرها..وما يُميز هذا اللقاء هو أنه يأتي في ظروف خاصة تمر بها الجزائر سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا. اللقاء الذي سيترأسه صبيحة اليوم بمقر إقامة جنان الميثاق الوزير الأول، عبد المالك سلال، بحضور بعض الوزراء إضافة إلى قيادة المركزية النقابية برئاسة الأمين العام عبد المجيد سيدي السعيد ورؤساء 8 منظمات لأرباب العمل ناهيك عن خبراء اقتصاديين تم دعوتهم لأول مرة في مثل هذه اللقاءات على رأسهم عبد الرحمن مبتول، يصفه بعض المُتتبعين بالهام جدا وبإمكانه أن ينتهي إلى الإعلان عن إجراءات قادرة على دفع قاطرة الاقتصاد الوطني الذي بقي يُعاني لسنوات بالرغم من الأموال الضخمة التي رُصدت في هذا المجال، مرجعين مؤشرات النجاح إلى سببين أساسيين، يتمثل الأول في التوجه الاقتصادي الجديد للحكومة وتغيير نظرتها السابقة نحو الإنتاج الوطني بعد تجربة أثبتت فشلها، أما الثاني فيتمثل في الظروف الحالية التي تمر بها الجزائر سياسيا سواء ما تعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة أو بما يحدث في مُحيطها الإقليمي وهو ما يدفعها إلى مراجعة عديد الملفات الاقتصادية. وستُركز هذه الثلاثية التي تُعقد تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي دعا مؤخرا الحكومة إلى التحضير الجيد لها، على دراسة عدة ملفات اقتصادية أهمها بعث قطاع الصناعة وترقية الإنتاج الوطني للتقليص من التبعية للمحروقات ومنه دعم المؤسسات الوطنية وتمكينها من توفير مناصب شغل جديدة والتقليص من فاتورة الاستيراد التي تتجه نحو تجاوز 60 مليار دولار سنويا إضافة إلى المشاكل البيروقراطية التي يُعاني منها المستثمرون سواء على مستوى العقار أو البنوك أو مختلف الإدارات الرسمية. ومن هذا المنطلق، كان الوزير الأول أكد في تصريحاته حديثة أن هذا اللقاء »سيعكف على دراسة إمكانية تطوير اقتصاد وطني مبني على وحدات صناعية مختلطة وطنية عمومية وخاصة وكذا وحدات صناعية مختلطة وطنية وأجنبية« وهي تصريحات تُبين التوجه الاقتصادي الجديد للحكومة التي تبحث جاهدة على توحيد الرؤى حول هذا المسار وهو ما أشار إليه سلال بالقول »هدفنا يتمثل في الوصول إلى ميثاق بين الشركاء مهما كانت الظروف«. وفي الوقت الذي بدا فيه بعض المتتبعين متفائلين حول النتائج التي سينتهي إليها هذا اللقاء بدا البعض الآخر متشائما بالنظر إلى الظروف التي تُحيط بالأطراف الثلاثة فمنظمات أرباب العمل لا تزال تعيش منذ عدة سنوات في خلافات فيما بينها وهو ما طفا بشكل علني مؤخرا بعد انسحاب منتدى رؤساء المؤسسات من التنظيم الجديد الذي يُسمى »تنسيقية الباترونا« بسبب »مرض الزعامة« ناهيك مشاركة الاتحاد العام للعمال الجزائريين في هذا اللقاء بالرغم من انقضاء عهدته القانونية منذ شهر أفريل الماضي علما أن التململ داخل هذا التنظيم النقابي قد بدأ منذ أشهر بسبب التأجيل الذي طال المؤتمر، إضافة إلى الظروف الحالية للحكومة التي تهدف بكل ما أوتيت من قوة إلى تهدئة الأوضاع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي تحضيرا للرئاسيات المقبلة..وهي كلها أسباب ستُؤثر سلبا برأي هؤلاء على هذا اللقاء. ومن الجانب التقني، سيشهد هذا اللقاء رفع اقتراحات كل طرف، بحيث يُرتقب أن يتدخل الوزير الأول عبد المالك سلال بعدها يتدخل الأمين العام عبد المجيد سيدي السعيد كعادته في كلمة يُضمنها اقتراحات الطرف الاجتماعي ليقرأ التصريح الرسمي لتنسيقية »الباترونا« رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين، عبد الوهاب رحيم، فيما يُسمح بعد ذلك لكل رئيس منظمة داخل التنسيقية بالتدخل لمدة عشر دقائق لتقديم رؤية التنسيقية حول ملف مُعين، إضافة إلى منح كلمة لمنتدى رؤساء المؤسسات برئاسة رضا حمياني بعيدا عن التنسيقية.