كشف عبد الحميد تمار وزير الصناعة وترقية الاستثمارات عن تفاصيل الإستراتجية الصناعية التي عكفت الحكومة على إعدادها منذ قرابة 4 سنوات، حيث أكد قرار الدولة القاضي بتطوير المجالات الصناعية الكبرى كالميكانيك، الإلكترونيك، المعادن والكهرباء في ظل شراكة قائمة على تحويل محلي للتكنولوجيا، كما أشار إلى إمكانية تصنيع سيارات جزائرية خلال 10 أو 15 سنة قادمة بالنظر إلى القرارات التي اتخذت في هذا الشأن. قال عبد الحميد تمار خلال مشاركته أول أمس في الندوة التي نظمها قطاع الشؤون الاقتصادية والاجتماعية لحزب جبهة التحرير الوطني تحت عنوان »الصناعة والمؤسسة الاقتصادية« إنه من المستحيل الحديث عن إستراتيجية صناعية بالجزائر ومقارنتها بفترة السبعينات، وذلك بالنظر إلى اختلاف ظروف المرحلة الراهنة وعليه يجب أن ننسى فكرة الصناعة المصنعة والصناعة الخفيفة والصناعة الثقيلة، لأن المحيط تغير والعولمة ليست لحظة من التاريخ فقط، وإنما هي موجة جديدة حملت معها معطيات كثيرة لم تكن موجودة في السابق. وفي هذا السياق أكد تمار أن ملامح النظام الدولي كانت تتشكل في فترة كانت فيها الجزائر تعاني من أزمات داخلية بفعل الظروف الأمنية التي عرفتها في العشرية الفارطة، حيث ضيعت فرصة المشاركة في تلك المرحلة التي اغتنمتها عديد الدول من أجل التموقع، فمن غير المعقول إذن أن تقارن الجزائر بجيرانها يقول الوزير. وحسب التوضيحات التي قدمها وزير الصناعة، فإن عالم اليوم مختلف لأن هناك اندماج مالي شامل والمؤسسات الكبرى في العالم أصبحت تتنقل إلى كل الدول وتمنح فرص البحث والتنمية لهذه الدول التي تحل بها، ولذلك فإن مؤسساتنا لها فرص لم تكن متاحة لها فيما سبق ومن الخطأ أن نقول أن التحويل التكنولوجي يكون عن طريق استيراد بضائع وسلع جاهزة. تمار وفي حديثه عن واقع الصناعة الجزائرية لم يتردد في التأكيد أن الصناعة في الجزائر انطلقت وحققت نموا بنسبة 5.5 بالمائة في انتظار الوصول إلى نسبة 6 بالمائة في العام المقبل، وما يجب أن نعلمه هو أن صناعتنا مختلفة عن صناعة جيراننا لأنها صناعة ثقيلة، حيث نجد فيها الميكانيك، الكيمياء وهي مجالات لا تتحكم فيها الدول المجاورة للجزائر على حد تعبيره. ومن هذا المنطلق أوضح الوزير أن إشكالية الإستراتيجية الصناعية مطروحة منذ أكثر من 4 سنوات، وأن السؤال القائم هو حول نوعية الإستراتيجية الواجب انتهاجها للنهوض بالاقتصاد الوطني، ما هي القطاعات التي يجب تنميتها؟ في وقت نجد فيه أن 80 بالمائة من قطاع الصناعة تابع للدولة والرهان الحقيقي هو القطاعات التي تتحكم فيها الجزائر. إن الحديث عن الخواص -يقول تمار- يطرح إشكالا حول نوعية هؤلاء الخواص، باعتبار أن قلة قليلة من هؤلاء الخواص استطاعت أن تقيم صناعات كبيرة، ومن أجل ذلك يجب مساعدتهم للانطلاق في التصنيع عن طريق وضع برنامج يسمح بتأهيل هذه المؤسسات الخاصة. واستطرد موضحا أن الحكومة تسعى إلى خلق مؤسسات صناعية كبرى في مجال الأسمدة، مواد البناء، السيارات الصناعية، الصيدلة، الإلكترونيك وقطاع البناء بصفة عامة، وأكد أن الأساس الحقيقي للصناعة هو الميكانيك، الإلكترونيك، المعادن والكهرباء وعليه فقد قررت الدولة الاهتمام بهذه المجالات. وحسب تمار فإنه لن يكون بالإمكان تطوير هذه المجالات دون شراكة ولهذا فإن التحويل التكنولوجي لا يكون بشراء معدات وإنما بالاستفادة من التحويل التكنولوجي الذي يجب أن يكون من داخل الوطن. وفي هذه النقطة أكد تمار أن هناك قطاعات كبيرة ستدخل فيها الدولة بقوة مثل تطوير الميكانيك وكل هذه القطاعات ستتطور في إطارات سوق حية ولن نتمكن من العمل خارج الاتحاد الأوربي والمنظمة العالمية للتجارة وغيرها من المعطيات الدولية، لأن الرهان هو كيف نبني صناعتنا رغم كل هذه العوائق؟ ولم يغفل الوزير الحديث عن الإمكانيات المحلية للجزائر في مجال الصناعة، حيث أكد أن الجزائر بإمكانها تطوير الصناعة البحرية، مشيرا إلى وضع برنامج عسكري مدني وبرنامج مدني في هذا الإطار، بالإضافة إلى صناعة تكنولوجيات الإعلام والاتصال، أما فيما يتعلق بصناعة السيارات أكد المتحدث أنه بالرغم من نقص التقنية في هذا المجال، فإن الحكومة قررت وإنشاء صناعة يمكنها تصنيع سيارات جزائرية خلال 10 أو 15 سنة. وبهدف ضمان تطوير محكم لهذه الصناعة قال الوزير إن الجزائر تملك كل الإمكانيات لتطوير صناعتها من طاقة، أموال، إطارات وتكنولوجيا، في السابق كنا نظن أن الصناعة تكون ابتداء من العاصمة ولكن يجب الاهتمام بكل الولايات، يجب إشراك الجامعات ومراكز البحث، مراكز التكوين، كما يجب إصلاح المحيط العام للاقتصاد ، تطوير الإدارة واعتماد سياسة التجديد بالإضافة إلى توفير البنيات التحتية.