اتسمت يوميات الشعب الجزائري مع الاحتلال الفرنسي بأبشع أنواع الإبادة وارتكاب مختلف الجرائم ضد الإنسانية ، وسجلّه حافل بالمجازر الرهيبة التي لا تسقط بالتقادم، خاصة وأنها فاقت ما قام به النازيون والفاشيون والصهاينة. وقد برزت هذه العمليات الإجرامية أكثر وعرفت قمّة دمويتها إبّان الثورة التحريرية، حيث أصيب الفرنسي بهستيريا أفقدته صوابه إن كان له صواب وهو يرقب فردوس الجزائر يذهب من بين يديه ويعود إلى أصحابه الشرعيين، فارتكب العديد من المذابح في حق الشعب الأعزل، سعيا منه لثنيه عن ثورته ومقاومته، ومحاولا بتر الصلة بينه وبين ممثلي الشعب الحقيقيين. ولعل من أبرز عمليات القتل الجماعي والعشوائي وترويع الآمنين ونشر الهلع بينهم، ما حدث في مدينة سيدي عقبة ( بولاية بسكرة حاليا ) عقب العملية الفدائية النوعية التي استهدفت النقيب الفرنسي لابارق في 5 ديسمبر 1956 والتي أردته قتيلا، بعدما تجلى عداؤه الشديد للثورة وعنصريته المقيتة للسكان والتفنّن في تعذيب أبنائهم والتنكيل بهم. وقد كان ردّ فعل الإدارة العسكرية للاحتلال عنيفا عقب مقتل هذا النقيب السّفاح، تمثل أساسا في استباحة مدينة الصحابي عقبة بن نافع الفهري وارتكاب مقتلة عظيمة في حق أبنائها ونشر الرعب في أوساطهم، وقد عاش أبناؤها أياما عصيبة وحالكة الظلام. ولأن هذه الحادثة كادت أن تضيع في متاهات الزّمن وأن تتلاشى من المخيّلة بعد مرور سبعة وخمسين عاما عليها، وإسهاما منا في تدوين تاريخنا الوطني، فقد توجهنا بالسؤال عنها وعن حيثياتها ونتائجها إلى الشيخ التواتي بن مبارك العقبي، من مواليد عام ,1931 وإمام سابق بمسجد عقبة بن نافع ومؤلف كتاب تشنيف المسامع بترجمة الصحابي عقبة بن نافع والجامع الذي طبع عام 201 ، كما أنه قام بجمع الأعمال النثرية والشعرية لأستاذه العلامة الشيخ عبد المجيد حبّة وغيرها من التآليف... فأرسل إلينا رسالة ضمّنها شهادته الحيّة حول هذه الحادثة كما عاشها. ولأهميتها ارتأينا نشرها في هذا المنبر الإعلامي.