ما من فتاة إلاّ وتعجب بأبيها، ولأنها كذلك كانت تتمنّى على الله أن يكون فارس أحلامها شبيها بوالدها لأنه أروع رجل في العالم.. ولأن فارس أحلامها لم يكن مثل أبيها ولو حرص..أصيبت بنكسة في شعورها وخالجها إحساس باليأس جعل سماء حياتها ملبّدة بغمامات الحزن المالح.. زوجها لم يفهم ما يحدث لها..حملها معه إلى تونس وقضيا وقتا في مدينة نابل وبالقرب من شاطئ »الكرم« الساحر.. لم يكن كل ما بذل زوجها ليُديم الفرح في صدرها..هناك بين الفينة والأخرى يأفل بريق عينيها وتفتر ابتساماتها.. ماذا ينقصنا حتى لا نفرح في هذي الحياة؟ سؤال استحت أن تواجه به زوجها وهو الذي يبذل وسعه لإسعادها.. غادرا تونس وانتهت أيام العسل ولياليه..عادت هي إلى مسكنها الزوجي بإحدى المدن الداخلية بينما رجع زوجها إلى عمله.. مرت الأيام كئيبة عليها..فهي تقضي الأيام تعدّها عدّا..تُحصي أنفاسها وأدوارها..أمسها يشبه يومها وغدها لا تعرف كيف سيكون.. تذكّرت حياتها الأولى..المولد ومرتع الصبا..الأمكنة والأصدقاء والذكريات.. تذكّرت أمّها التي رحلت قبل عام..مثُل أمامها الماضي الذي لا يعود.. حبست دمعة في الأحداق وتناولت ورقة وكتبت إليه تقول باعتراف نازف: »لماذا لا نشعر بالسعادة الحقيقية، ولماذا نملك أشياء كثيرة ولا نشعر بقيمتها.. أجبني..لماذا حياتنا مملة وبلا وهج مثل حياة غيرنا يا أبي«؟ ولأن أباها كان أروع رجل في العالم.. فهو روائي كبير ذائع الصيت، رفع قلمه وكتب هذه العبارة: »العالم لم يعد طفلا كما كان يا ابنتي، فقدنا الإحساس به منذ أن فقدنا من نحب.. حياتنا مملّة لأننا نحيا جميعا بلا إلهام..« ! أما بعد: أكتبوا صمتكم، ففي الوقت وقت للحياة..