وزير الثقافة والفنون يطمئن على الحالة الصحية للفنان القدير حمزة فغولي    مجلس حقوق الانسان: الجزائر تطالب بالإنهاء "الفوري" للعدوان الصهيوني على قطاع غزة    ثورة التحرير الوطنية : "جزائريون وقرى بأكملها أحرقوا بالنابالم على يد الجيش الفرنسي" (ستورا)    البطولة العربية لألعاب القوى : قرابة 90 عداء سيمثلون الجزائر في الطبعة ال24    بداري يشرف على إطلاق ثلاث منصات رقمية    خطّ السكة الحديدية الرابط بين قصر البخاري وبوغزول    جامعيون يتسابقون على فعل الخير في رمضان    نداء عاجل للعرب والمسلمين    ورقلة: ضرورة وضع ''إستراتجية تشاركية'' للحد من انتشار الجراد الصحراوي    سونلغاز: عجال يبحث سبل تعزيز التعاون مع سفير جنوب إفريقيا    إحياء ليلة القدر: تكريم المتفوقين في مسابقات حفظ القرآن الكريم بتلمسان وتيارت    صياغة قانون تجريم الاستعمار: تعيين نواب من العهدات التشريعية السابقة في اللجنة الخاصة    وزير المالية يعاين عدة هياكل خدماتية بميناء مستغانم    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    وزارة التربية الوطنية تكشف عن رزنامة امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا دورة 2025    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا الى 50183 شهيدا و113828 مصابا    النيجر: انطلاق الحفل الرسمي لتنفيذ قرارات الجلسات الوطنية لإعادة التأسيس    رخروخ يستقبل نوابا من المجلس الشعبي الوطني عن ولايتي تمنراست وعين قزام    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شوال السبت القادم    الإذاعة الوطنية تنظم يوم الخميس الطبعة الثالثة من مبادرة "نحن أطفال الغد" لفائدة الأطفال المصابين بالسرطان    عرض الفيلم التاريخي "زيغود يوسف" بأوبرا الجزائر    الجزائر وتنزانيا: شراكة متينة تعزز أواصر الصداقة والتعاون    الجزائر-الموزمبيق (5-1)- وليد صادي : "فوز المنتخب الوطني هو رسالة واضحة للمشككين"    نعم، لاستراتيجية فعالة تحقق أهداف تطوير كرة القدم الوطنية    طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري    اجتماع بخصوص الجامعية للنقل    زروقي يستقبل شايب    الجزائر تندد    الجزائر لن تخضع لأيّ محاولات ابتزاز    هذا موعد معرض الجزائر    مرّاد يشيد بجهود أجهزة الأمن    اللحمة الوطنية درع الجزائر    نحو تصنيف الفضاء كموقع عمومي    والي تلمسان يشارك الحماية المدنية وجبة الإفطار    قالمة..تكريم 6 فتيات حافظات للقرآن الكريم بعمرة للبقاع المقدسة    تهيئة 10 مناطق نشاط ب 1.4 مليار دينار    أطماع المغرب في نهب ثروات الصحراء الغربية وراء إدامة احتلالها    ماجر: وفاة مناد صدمتني وعلاقتي به كانت قوية    ترقية التعاون والشراكة مع بلجيكا في مجال الصحة    "ألنفط" تمنح تأهيلا أوليا ل"مازارين إينرجي"    الروائع بكل تفاصيلها وسياقات إنتاجاتها    توتنهام يصّر على استقدام آيت نوري هذا الصيف    الدعاء في ليلة القدر    مفاجأة مدوية حول إصابة أنيس حاج موسى    المعتمرون ملزمون بالإجراءات التنظيمية    برايك يتباحث مع السفير السعودي حول سبل تكثيف الجهود المشتركة خدمة للحجاج والمعتمرين الجزائريين    كرة القدم: رئيس الاتحادية يدعو جميع الفاعلين للانخراط في مشروع تطوير كرة القدم الوطنية    وزير الصحة يناقش توسيع آفاق التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان    مؤسسة بريد الجزائر تصدر طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير    القرار يعكس التزام رئيس الجمهورية بوعوده تجاه الأسرة التربوية "    فوزوا يا رجال.. لنقترب من المونديال    غزة تُباد..    مرّاد: المشاريع هدفها خدمة المواطن    كوميديا سوداء تعكس واقع الشباب والمسؤولية    تجارب الحياة وابتسامة لا يقهرها المرض    هؤلاء حرّم الله أجسادهم على النار    حج 2025: المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    









انطباعات روائية


1
من الهواجس التي تناولتها مع الروائي رشيد بوجدرة على العشاء في بيته، ليلة الخميس الماضي: لماذا لا نملك رواية بوليسية محترفة، رغم أن الجزائر باتت مشهدا ثريا بالجريمة في المجالات جميعها ثراءً متراكما؟ كان ملمّا بما يُكتَبُ في هذه الحساسية، خاصّة في الدول الاسكندينافية.
ما معنى أن يذهب إنسان إلى الرواية؟ بغضّ النظر عن كونه شاعرا أو طبّالا أو حارسَ غاباتٍ، هذه تفاصيلُ لا يدرك الحمقى ومتسولو النصوص أنها روافدُ روائية عند من خصّتهم الكتابة بأسرارها.
أنا قلت لرشيد إن الرواية هي حياة المرآة، وهو قال إنها مرآة الحياة، اختلفنا، واختلاف الكتاب الجزائريين ليس رحمة، ثم التقينا في ضرورة أن يكون الكاتب حرا. لا يصادر كاتب حقَّ كاتب إلا إذا كان خائفا على مصيره، ثم هل يستطيع؟ نعم يستطيع إذا كان الطرف الثاني هشّا.
كنا محلّقين بين الأرض والسماء، ولم نتجاوز هذا المقام. على الكاتب ألا يفقد صلته بالأرض مهما كانت المبررات، تماما مثلما لم يفقد صلتَه بالسماء ملاكُ، هل صادفتم يوما ملاكا يتسكّع في الأرض؟
يعلم رشيد بوجدرة أنني قرأت رواياته المكتوبة بالعربية والمترجمة إليها جميعَها، إلى درجة أنه ينسى بعض تفاصيلها ولا أنسى، وقد فكّر عميقا حين قلت له: هل تدري لماذا يا رشيد؟ لأنني أعي ما معنى أن أعيش في زمن عاش فيه أمثالك. أنا أقدّر لحظتي، وأنت شطر منها، والكاتب الذي يلغي شطرا من لحظته، مهما كانت طبيعة هذا الشطر فقد ألغى نفسَه.
ما أروع رشيد وهو يشرب هههههههههه، ما أروعه وهو يمارس نميمته البناءة. حدّثني كيف عرف زوجته ميشال، بالمناسبة: كانت ليلتها في كوبا متطوعة في الجامعة الشعبية، ميشال ليست عادية، إنها مناضلة شيوعية، ومثقفة ثقافة عالية، وأجمل ما فيها أنها تمرض من أجل أفكارها. من يمرض من أجل أفكاره من المثقفين الجزائريين اليوم؟ الصاعقة أننا بتنا نجعل الناس يمرضون بسبب أفكارنا.
شرح لي رشيد أنه لم يقصد حين أبدى أسفه على أنني تركت الشعر لصالح الرواية تثبيطَ عزيمتي الروائية، وإنما شعر بخيبة مني، لأنه كان يراني مؤهلا لإحداث ما أسماه شرخا في الشعرية الجزائرية، وهو يخاف من عجزي عن فعل ذلك، بسبب هذا الشتات الإبداعي. قلت له: إن الكتابة كما قال كافكا هي انفتاح جرح ما، وأنا أدرى بأي جنس يستوعب جرحي، جرّبت قبل أن أستقر، وليس المخبر كالمعاين، ثم إنني لا أكتب لأدخل التاريخ، أو أحصد الجوائز، فأمرض حين تفوتني، وأقاطع الكتابة بسبب ذلك. إنني أكتب لأستمتع بحياتي، وليس لي هدف أكبر من هذا.
حدثني رشيد مطولا كيف استمتع بحياته، واستمتعت عميقا وهو يفعل ذلك، ثم سألني فجأة عن علاقتي ببناتي، لم ينتظر إجابتي وراح يحدثني عن بنته.. كان يتحدث عنها كما لو كانت رواية، وكنت أستمع كما لو كنت أقرأ كتابا، لا يمكن أن يكون الإنسان مبدعا في رواق، ورديئا في آخر.
2
رغم قصره، بحكم التزاماتي الأسرية والمهنية، إلا أنني أستمتع بالوقت الذي أخصصه يوميا لروايتي الجديدة:
أضحك- أبكي -أفكر- أتألم- أقرأ- أحزن- أفرح- أغازل- أتذكر- أنسي- ألهو- أعبث أناقش-أتراجع - أصر.
أصرخ للأمانة محروم من المضي في صراخي إلى أقصاه حتى لا أوقظ بنتيّ
أسال لأجيب بحذر شديد أغفو فوق المكتب تستمر الكتابة في نومي
أضع أكثر من عطر لحاجة في نفسي
أتجسس على رغباتي
أتجسس على شخوصي
أتجسس على باية.. من تكون؟ باية
أضيف أرقاما عشوائية إلى هاتفي
أترك نصف الكاس عمدا
يحين وقت الانصراف إلى العمل، فأودع عبادي وأقصد الله بلغة أشقائي التوانسة، ألتفت فأجدهم أمامي أحب هذا المقام الروائي: أن أتبع شخوصي لا أن يتبعوني
3
لا تختلف مسؤولية كتابة رواية عن مسؤولية رعاية أسرة، هناك واجبات صغيرة وأخرى كبيرة، وأي إهمال قد يساهم في تجريدك من صفة زرب البيتز الجيد.
يشبه دفع الرواية إلى المطبعة، أن تدفع ابنتك إلى الزوج يوم العرس.. حيث تنقص سلطتك عليها
نطلق أسماء مختلفة على مولودنا الجديد قبل ولادته، لكننا نستقر على واحد، قد نقرنه باسم فرعي نتداوله خارج الوثائق حين يولد، ينطبق هذا على الروايات أيضا.
ليس شرطا من الناحية العلمية أن يشبهنا مولودنا، حتى تصحّ نسبته إلينا، إذ هناك تفاعلات وراثية كبيرة لا بد من مراعاتها.. مع ذلك هناك ما يوحي بهذا النسب، ولو ملمح واحد.. كذلك الروائي مع روايته.
يمكننا أن نمارس الجنس من غير أن نشاهد تطبيقاته عند غيرنا، لكن ذلك سيحسن من أدائنا فيه، كذلك الكتابة الروائية... تصبح أحسن كلما اطلعنا على ما يكتبه الآخرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.